من “وارسو” .. “واشنطن” تقود مواجهة دولية ضد “طهران”

يوسف بنده

رؤية

من المقرر أن تعقد القمة العالمية للسلام في الشرق الأوسط، برئاسة الولايات المتحدة يومي 13 و14 فبراير/شباط في بولندا.

وقد أعلنت وزارة الخارجية البولندية، ردًا على انتقادات إيران لقمة “الشرق الأوسط للسلام والأمن” في وارسو، أنه من حقها عقد أي قمة.

ووفقًا لوزير الخارجية الأميركي، فإن هدف القمة هو تعزيز الاستقرار والحرية في الشرق الأوسط، مع التركيز على مواجهة النفوذ الإيراني الإقليمي.

وتتهم واشنطن طهران بالسعي لامتلاك سلاح نووي، فضلا عن التدخل في شؤون دول المنطقة عبر دعم جماعات تصنفها واشنطن إرهابية، مثل حزب الله في لبنان، وحماس في غزة.

إيران تحذر

وقد دعت إيران، الأحد، الحكومة البولندية إلى تحمل عاقبة استضافة المؤتمر الذي تراه طهران معاديا لها.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي: “يبدو أن بولندا تحت تأثير الضغوط والوعود الأمريكية قد وضعت في مسار السلوك الأمريكي في البيت الأبيض المعادي لإيران”، مشددا، ” لا نقبل بقرار بولندا للمشاركة واستضافة هذا المؤتمر، ونعتقد بأن هذه الخطوة في الاتجاه العكسي لمجموعة المواقف الأوروبية في السنوات الماضية حول إيران”.

وتابع قاسمي “من المؤكد أن ردة فعل إيران في مواجهة هذا المؤتمر سوف تكون جدية  بدون تنازل، وبولندا يجب أن تستجيب لعواقب هذا العمل  تتحمل نتائج استضافة مؤتمر معاد لدولة مستقلة، إلا إذا عملت حكومة بولندا في خطوة ذكية على تغيير مسار هذا المؤتمر”.

وقد فتحت إيران أبوابها لأكثر من 100 ألف بولندي خلال الحرب العالمية الثانية، ولهذا السبب انتقد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بولندا لموافقتها على استضافة القمة، وقال: “لا يمكن للحكومة البولندية غسل العار: في حين أنقذت إيران البولنديين في الحرب العالمية الثانية تستضيف بولندا الآن عرضًا هزليًا مناوئًا لإيران”.

كما نُقل عن مسؤول ثقافي إيراني قوله إنّ طهران ستلغي أسبوع الفيلم البولندي المزمع تنظيمه إذا لم يتم التراجع عن خطط استضافة القمة.

لماذا “وارسو”؟

فوجئ كثيرون باختيار بولندا، وليس أي دولة تقليديّة حليفة للولايات المتحدة مثل بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا.

ولهذا السبب، أوضحت صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية، أنّ حكومة بولندا شعبويّة يمينيّة، كما أنّها حليف قديم للولايات المتحدة، واليوم لديها علاقات مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أفضل من قوى أوروبية أخرى مثل ألمانيا وفرنسا، كما أنّ هناك توقعات بأن تتقدّم بولندا على الساحة الدوليّة، طالما يشغل ترامب البيت الأبيض.

وأشارت الصحيفة الى أنّ ترامب كان قد وجّه سلسلة انتقادات لقادة أوروبيين، حتّى أنّ واشنطن اتجهت مؤخرًا الى تخفيض درجة وطبيعة التمثيل الدبلوماسي للبعثة الأوروبية في أميركا.

وتبرز أهمية وارسو التي تقع في أوروبا الوسطى من الناحية العسكريّة أيضًا، إذ تستضيف 900 جنديّ أميركي، وقد طلبت من الولايات المتحدة إنشاء قاعدة عسكريّة دائمًا كـ”حصن” بمواجهة روسيا.

وهذا الأمر اعترضت عليه موسكو على لسان نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر جروشكو  الذي علّق على هذا الموضوع في السابق، مشيرًا إلى أنّ أي قاعدة عسكرية أميركية في بولندا ستعني تدمير القانون التأسيسي للمعاهدة الموقعة عام 1997 بين روسيا وحلف “الناتو”، والتي تنص على عدم نشر قوات قتالية كبيرة على أساس دائم.

من جانبه، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إنّ اجتماع وارسو “يوجه رسالة مهمة مفادها أن الدول التي لديها آراء مختلفة بشأن الاتفاق النووي، يمكن أن تلتقي لمناقشة قضايا أخرى مهمة في المنطقة”.

وقال عباس علي كدخدائي، المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور الذي يهيمن عليه المتشددون ويخضع لإشراف المرشد الأعلى للنظام علي خامنئي، إن “الرئيس الأميركي يريد أن يحول بولندا إلى قاعدة مهمة للناتو يطلق عليها حصن ترامب”.

وقال كدخدائي في تغريدة عبر حسابه على موقع “تويتر” إن “هناك عقداً بقيمة 4.7 مليار دولار لشراء منظومة دفاعية (باتريوت) بين بولندا وأميركا”.

وأضاف أن “بولندا تريد أيضاً استبدال شراء الغاز الطبيعي من أميركا بدلاً عن الغاز الروسي بدءاً من عام 2022”.

ورأى كدخدائي أن هذه هي الأسباب التي جعلت أميركا تختار بولندا لهذه القمة التي تحاول فيها حشد القوى الدولية ضد إيران، حسب تعبيره.

يأتي ذلك، في ظل قادة حلف شمال الأطلسي من احتمال عودة ترامب إلى تهديده حول الانسحاب الأمريكي من الناتو، وذلك بسبب النفقات العسكرية للحلفاء التي ما زالت متأخرة عن الأهداف التي حددها الرئيس الأمريكي.

ضد نظام إيران

وقد عبر العديد من مسؤولي النظام الإيراني عن قلقهم حيال القمة التي ستعقد في وارسو، والتي ستركز على “خطر الإرهاب الإيراني”، حسب ما أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.

وبينما اعتبرت الخارجية الإيرانية أن عقد هذه القمة يعتبر “عملاً عدائياً” من قبل واشنطن، قال مسؤولون نواب بالبرلمان الإيراني إن قمة وارسو تهدف إلى حشد القوى الدولية ضد نظام طهران.

وقد اعتبر أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، قمة وارسو بأنها “مؤتمر أمني” وعلق على إعلان بومبيو قمة بولندا، بالقول إن “هذا الذي يتحدث عن عقوبات و ممارسة الضغوط في أعلى مستوى وعندما يصل الأمر به إلى عقد ملتقى ومؤتمر هذا يدل على أنه فشل”، حسب تعبيره.

أما نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانجيري، فاعتبر مؤتمر وارسو استمراراً لما وصفها الحرب الاقتصادیة الأمیرکیة ضد إیران وقال إن “هدف أميركا في هذه الظروف الراهنة هو السعي وراء زرع اليأس بين الشعب الإيراني”.

مؤتمر “غوادلوب”

وحسب تقرير شبكة العربية، فقد رأى ناشطون إيرانيون على مواقع التواصل بأن قمة وارسو يمكن أن تكون مثل مؤتمر “غوادلوب” الذي عقدته أربع قوى غربية هي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا الغربية، في جزيرة غوادلوب من 4 إلى 7 يناير 1979 حيث ركزت المناقشات على الأزمة السياسية الإيرانية قبيل رحيل الشاه حيث قالوا إن قرار الإطاحة بالشاه اتخذ في هذا المؤتمر وربما هذا يفسر سبب القلق العميق واستفزاز المسؤولين الإيرانيين.

ربما يعجبك أيضا