موائد الرحمن .. عادة تاهت بين غلاء الأسعار

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

تعويم العملة.. غلاء أسعار.. اختفاء سلع “استراتيجية”.. كل ذلك كان مؤشرًا لاختفاء تقليد وعادة طالما اقترنت عبر مئات السنين بشهر رمضان المعظم في مصر.. إنها “موائد الرحمن” تلك التى يتكاتف بها كل من يملك القدرة على إطعام الصائمين، ليس بالضروري من لا يملك قوت يومه بل قامت هذه الموائد على غرض واحد “إفطار صائم”..

بداية ونهاية

أحمد بن طولون حاكم مصر ومؤسس الدولة الطولونية هو أول من نادي باستثمار الشهر الكريم في أعمال الخير والطاعات، فشجع أغنياء المجتمع على إقامة موائد للفقراء والإنفاق عليها.

وفي العصر الفاطمي كانت موائد الرحمن تعرف باسم “السماط”، كان الخليفة يدعو إليها الأمراء والوزراء في قاعة الذهب بقصره، كما كانت تقام موائد للفقراء في مختلف الجوامع كجامع عمرو بن العاص والأزهر الشريف، فكانت تملأ القدور بمختلف أنواع الطعام مما لذ وطاب ويتم توزيعها على المساجد والفقراء والمحتاجين في شوارع المحروسة.

كما اهتم معظم خلفاء الدولة الفاطمية بموائد الرحمن مثل الخليفة العزيز بالله والمستنصر بالله، وبلغت نفقات هذه الموائد في نهاية الشهر الكريم حوالي ثلاثة آلاف دينار.

سعار الأسعار

أعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع معـدل التضخم السنـوي في أسعار السلع الاستهلاكية خلال شهر إبريل 2017 إلى 32.9%، مُرجعًا الأمر إلى ارتفاع أسعار مجموعة الخضروات بنسبة (7.2%)، ومجموعة اللحوم والدواجن بنسبة (2.5%)، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة (7.9%)، علاوة على ارتفاع أسعار مجموعة الفاكهة بنسبة (4.6%)، والوجبات الجاهزة بنسبة 0.7%.

ارتفاع غير مسبوق

 فيما صرح بعض التجار ورجال الأعمال، أنه برغم إقامة الموائد بالمشاركة مع أكثر من شخص لإفطار 250 فردًا في اليوم بما يعنى 7500 فرد في الشهر بتكلفة بلغت في رمضان الماضي 170 ألف جنيه، إلا أن هذا العام قد تصل إلى 240 إلى 260 ألف جنيهًا بسبب ارتفاع اﻷسعار للضعف.

منع حكومي 

وقد أصدرت الحكومة المصرية في وقت سابق قرارًا بمنع موائد الرحمن فى شوارع القاهرة والمحافظات بدون صدور ترخيص من إدارات الأحياء والمحافظات، فيما وضعت وزارة التنمية المحلية شروطًا تعجيزية لإنشاء الموائد، من أبزرها كتابة تعهد بإقامة المائدة فى أماكن بعيدة عن الطريق العام والحصول على موافقة الحماية المدنية.

تفاعل اجتماعي

مواقع التواصل الاجتماعي كان لهم دور أيضًا في التعليق على أهمية وجود موائد الرحمن في رمضان هذا العام، لإطعام الفقراء خاصة في ظل إرتفاع أسعار المنتجات الذي تفشي في المجتمع المصري مؤخرًا، مما زاد الضغط على الطبقة الفقرة، قائلين: “هتساع من الحبايب ألف”.

وقد دشن رواد موقع التدوينات المصغرة “تويتر” هاشتاج بعنوان “شفتوا الأسعار”، وقال حساب باسم “مبهم”: “الأسعار لو استمرت بالمنظر دا، الشعب كله هيقابل بعضه على موائد الرحمن”، وسخر سعد محمد قائلاً: “أحسن حاجة أن الشعب كله هيتقابل على موائد الرحمن في رمضان ده لو لقوها”.

وكانت مصر اتخذت قرارًا فى 3 نوفمبر 2016 بتحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية ما أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه بواقع النصف تقريبًا ليصل الدولار إلى قرابة 20 جنيهًا بحلول ديسمبر الماضي، إلى أن وصل إلى 18.23 جنيهًا حاليًا.

ولكن يبقي السؤال هل سيؤدي هذا الارتفاع الجنوني في كل السلع الاستراتيجية إلى تحديات غير مسبوقة تواجه الحكومة المصرية؟، مما يستلزم البحث عن المزيد من السياسات التي من شأنها تخفيف العبء عن المواطنين لمواجهة غول الغلاء الذي يلتهم دخول المصريين.

ربما يعجبك أيضا