موجات الحر الهائلة الحالية كانت «مستحيلة» دون أزمة المناخ

بسام عباس
موجات الحر

اشتدت موجة الحر في جنوب آسيا الشهر الماضي إلى مستويات قياسية بسبب تغيّر المناخ.


كشفت دراسة حديثة عن أن موجات الحرارة، التي ضربت جنوب آسيا، وامتدت في النصف الثاني من إبريل 2023، هي الأبرز في التاريخ الحديث.

وارتفعت درجات الحرارة فوق 40 درجة مئوية في معظم أنحاء المنطقة، وسجلت لاوس أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 43 درجة مئوية، في حين وصلت تايلاند إلى درجة غير مسبوقة عند 45 درجة.

مستحيلة الحدوث

أوضح موقع ساينتيفيك أمريكان أن موجات الحرارة الشديدة، التي تضرب منطقة جنوب آسيا كانت “مستحيلة الحدوث” دون وجود أزمة المناخ، وذلك وفق النتائج التي توصلت إليها مبادرة إسناد الطقس في العالم، وهو اتحاد علمي دولي متخصص في الربط بين تغير المناخ وأحداث الطقس المتطرفة بجميع أنحاء العالم.

وأضاف أن دراسات مبادرة الإسناد تستخدم مجموعة من بيانات الرصد ونماذج المناخ للتحقيق في تأثير تغير المناخ في الظواهر الجوية المتطرفة، ما يسمح للعلماء بمقارنة العالم الحقيقي بعالم افتراضي لا يوجد فيه الاحترار، الذي يسببه الإنسان.

 درجات الحرارة غير عادية

قال الموقع العلمي إن مثل هذه المستويات “خطيرة جدًا” على صحة الإنسان، لافتًا إلى أن مستويات مؤشر الحرارة، مقياس درجة الحرارة والرطوبة، جعلت درجات حرارة تشبه 53 درجة مئوية لجسم الإنسان في أجزاء من وسط تايلاند.

وأضاف أن درجات الحرارة الشديدة التي ضربت في الهند وبنجلادش، الشهر الماضي، غير عادية، موضحًا أن الدراسة وجدت أن تغير المناخ جعل احتمال حدوثها أكثر بنحو 30 مرة، وأن درجات الحرارة كانت ستكون أقل مما هي عليه، لولا تأثير الاحتباس الحراري.

ارتفاع عدد الوفيات والمرضى

ذكر الموقع أن درجات الحرارة الشديدة في تايلاند ولاوس، تكون أكثر ندرة، ووجد الباحثون أن هذا النوع من الأحداث قد يحدث بنسبة 0.5% في أي عام محدد، وأنه كان من المستحيل حدوثه عمليًّا في عالم دون تغيّر المناخ.

وأوضح الموقع أن الحرارة المرتفعة تسببت في ارتفاع عدد الوفيات والمرضى، وأغلقت المدارس في بعض الأماكن، وجعلت أداء مهامهم اليومية خطرًا على العاملين في الهواء الطلق، مثل المزارعين وعمال البناء والباعة الجائلين.

وأفاد الموقع يأن منطقة جنوب آسيا موطن لبعض الفئات السكانية الأكثر ضعفًا في العالم، عندما يتعلق الأمر بالحرارة الشديدة، وتميل تأثيرات موجات الحرارة إلى التوزيع غير المتكافئ في جميع أنحاء البلاد.

أكثر عرضة للخطر

شدد مدير مركز كوبنهاجن لأبحاث الكوارث في جامعة كوبنهاجن، إيمانويل راجو، على ضرورة الاهتمام بعوامل العمر والجنس والوضع الاجتماعي والاقتصادي والطائفة والتسلسل الهرمي التي تتحد وتسمح للناس بالوصول إلى موارد معينة أو لا تسمح بذلك.

وأشار إلى أن العديد من سكان المنطقة يعيشون في مستوطنات غير رسمية، وغالبًا لا يستطيعون الوصول إلى الرعاية الصحية والمراوح أو أجهزة التبريد الأخرى. وهؤلاء السكان من بين الأكثر عرضة لخطر المرض والموت من الحرارة الشديدة.

وأضاف أن الذين يعملون في الهواء الطلق يواجهون أيضًا مخاطر صحية خطيرة، عند التعرض لحرارة شديدة. وهذا يعني أنهم قد يجبرون على الاختيار بين حماية صحتهم أو خسارة الأجور، مشيرًا إلى ضرورة تحديد من يمكنه التكيف والتأقلم، ومن لديه الموارد ليكون قادرًا على ذلك.

أنظمة الإنذار المبكر

قال الباحثون إن التوسع في استخدام خطط العمل المتعلقة بالحرارة، في جميع أنحاء جنوب آسيا، أمر بالغ الأهمية، وتستمر درجات الحرارة العالمية في الارتفاع، والعديد من الأماكن لديها بالفعل خطط جاهزة، بما في ذلك أنظمة وآليات الإنذار المبكر لإصدار تحذيرات من الحرارة.

وأوضح خبير السياسة العامة في المعهد الهندي للتكنولوجيا والمؤلف المشارك في الدراسة، أنشو أورجا، أن هذه الأنظمة “لم تكن موحدة”، وليست مصممة دائمًا للوصول إلى المجتمعات الأكثر ضعفًا.

 الاهتمام بالتخفيف والتكيف

أفاد الموقع بأن درجات الحرارة الشديدة ستستمر في التفاقم في جميع أنحاء العالم، حتى يتخذ قادة العالم إجراءات كافية للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، لافتًا إلى أن درجات الحرارة ارتفعت إلى مستويات خطيرة عالميًّا، ما يجعل التكيف أمرًا حتميًّا على المجتمعات، حتى مع عملهم على منع الاحترار الأسوأ في المستقبل.

وقال مدير مركز كوبنهاجن إن التكيّف ليس بديلَا، وإن على قادة العالم الاهتمام بالتخفيف والتكيف معًا، على اعتبارهما محوريين في هذه العمليات، حتى يتمكن من تقليل هذه التأثيرات التي يشهدها العالم اليوم.

اقرأ أيضًا| تغيّر المناخ يتسبب في انهيارات أرضية عملاقة تحت الماء بالقارة القطبية الجنوبية

اقرأ أيضًا| دراسة: النساء هن الأكثر تضررًا من ارتفاع درجات الحرارة

اقرأ أيضًا| دراسة: الاحتباس الحراري يتسبب في تسريع موجات الجفاف

ربما يعجبك أيضا