موطئ قدم استراتيجي.. ما وراء التقارب الهندي من جزر المالديف

ما هي أهداف التقارب الهندي مع المالديف؟

بسام عباس
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مع رئيس جزر المالديف محمد مويزو

تسعى الهند جاهدة إلى جذب سكان جزيرة أدو المرجانية في جزر المالديف للحصول على موطئ قدم في الجزيرة الاستراتيجية، حتى تتمكن من وقف التوسع الصيني في غرب المحيط الهندي.

وتسلط زيارة وزير الشؤون الخارجية الهندي، إس جاي شانكار، إلى جزيرة أدو المرجانية في جزر المالديف في أغسطس 2024، والمشاريع التنموية التي افتتحها هناك، الضوء على أهمية تلك الجزيرة المرجانية للدفاع الهند.

أهمية استراتيجية

أوضح موقع “أوراسيا ريفيو”، أن جزيرة أدو توفر ممرين بحريين لجميع حركة المرور البحرية من خليج عدن ومضيق هرمز في الغرب إلى مضيق ملقا في الشرق، ما يجعلها بوابة رسوم لجزر المالديف، ويعزز موقعها المركزي، بين الجزر الأخرى في سيشل وموريشيوس ودييجو جارسيا ولاكشادويب وسريلانكا، قيمتها الاستراتيجية.

وذكر في تقرير نشره، الخميس 26 سبتمبر 2024، أن جزيرة أدو كانت مركزًا لقاعدة جوية وبحرية بريطانية حتى عام 1976، وبها أيضًا ميناءً ممتازًا، يجري تحسين مرافقه حاليًا، وفق ما أورده الدكتور ديفيد بروستر من الجامعة الوطنية الأسترالية في مقال لمعهد لوي.

التهديد الصيني

أفاد الموقع بأن الهند، قبل نحو 10 سنوات، كانت تتمتع بنفوذ لا يضاهى في هذه المنطقة، ولم يكن هناك تضارب في المصالح، إلا أن المصالح التجارية والاستراتيجية الصينية المتوسعة غيرت ديناميكيات الأمن، حيث استحوذت الصين على قاعدة لوجستية في جيبوتي. وفي ميانمار، سيطرت الصين على ميناء كياوكبيو.

واستحوذت الصين أيضًا على هامبانتوتا (سريلانكا) وفيدو فينولهو (جزر المالديف) كقاعدتين تجاريتين بعقد إيجار طويل الأمد، واستولت الصين على جوادر (باكستان) كجزء من مبادرة الحزام والطريق، وبدأت المرافق الإضافية الصينية على الساحل الشرقي لإفريقيا في الظهور، ومع تنامي طموحات الصين وعدوانيتها وقدراتها وامتدادها، واجهت الهند تحديًا خطيرًا في المحيط الهندي.

وأوضح الموقع أن إنشاء قاعدة عسكرية صينية في جزر المالديف سيقلب الموازين الجيوسياسية لصالح الصين، ويشكل الموقع الجغرافي لجزر فيدو تهديدًا مباشرًا لأمن الهند وحرية الحركة في المحيط الهندي، وإذا تم إنشاء القاعدة العسكرية الصينية، فإنها ستكون على بعد 900 كيلومتر من مينيكوي و1000 كيلومتر من الهند.

العلاقة الهندية مع المالديف

قال الموقع إن نيودلهي تعمل على ترسيخ مكانتها كشريك أمني رئيس لجزر المالديف، فتقدم التدريب لقوات الدفاع في جزر المالديف، وتقدم طائرات ومروحيات، ومؤخرًا بدأت تساعد في بناء منشأة جديدة كبيرة لخفر السواحل بالقرب من العاصمة “ماليه”، كما أصبحت جزر المالديف مشاركة في حوار كولومبو الأمني.

وتعرضت جهود الهند لتنمية جزر المالديف لانتكاسة خلال حكم عبد الله يمين، الموالي للصين (2013-2018) وخلال الأشهر الأولى من حكم الرئيس الحالي محمد معزو، وقد أدى الجدل بشأن خدمة الإجلاء الطبي التي تديرها القوات العسكرية الهندية، وتشكيل لجنة برلمانية لإعادة النظر في جميع الاتفاقيات مع الهند، أدت إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء بالنسبة للهند.

وردت الهند بإطلاق حملة غير رسمية لمقاطعة جزر المالديف، وتحريض السياح الهنود للذهاب إلى جزر لاكشادويب في المياه الهندية بدلًا من المالديف، ما تسببت في إلحاق أضرار بالغة بصناعة السياحة في المالديف، التي تشكل الدعامة الأساسية للاقتصاد المالديفي، وصلت إلى 158 مليون دولار أمريكي.

أزمة اقتصادية

بدأت جزر المالديف تعاني من نقص حاد في النقد الأجنبي، ومشاكل في خدمة الديون بسبب مجموعة متنوعة من السياسات العالمية والمحلية، وذكر البنك الدولي أنه اعتبارًا من 2023، بلغ إجمالي الدين العام لجزر المالديف 8 مليارات دولار أمريكي أو 122.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

لتجنب التخلف عن السداد، كان على جزر المالديف أن تدفع 114 مليون دولار أمريكي في عام 2024، و557 مليون دولار أمريكي في عام 2025، و1.07 مليار دولار أمريكي في 2026، وكان هذا بمثابة مهمة صعبة حيث لم تتجاوز احتياطيات النقد الأجنبي الإجمالية في أغسطس 437 مليون دولار أمريكي، وهو ما يكفي لتغطية واردات شهر ونصف فقط.

وأعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، في أغسطس الماضي، عن عجز الحكومة عن سداد صكوك بقيمة 500 مليون دولار أمريكي مستحقة في 2026، ولم تتخلف أي حكومة عن سداد صكوك في الماضي. وفي 11 سبتمبر، خفضت وكالة موديز تصنيف جزر المالديف قائلة إن “مخاطر التخلف عن السداد ارتفعت بشكل ملموس”.

تقارب

قال الموقع إن الرئيس المالديفي، محمد مويزو، في ظل التوقعات القاتمة، نزل من على ظهر جواده ليصلح العلاقات مع الهند، وكانت حقيقة أن بكين لم تسرع لإنقاذ حليفتها في ماليه من الأزمة الاقتصادية، سببًا في فتح الأبواب أمام نيودلهي مرة أخرى.

وتفاوض مويزو على تسوية تحفظ ماء الوجه بشأن العسكريين الهنود، واتفقت ماليه ونيودلهي على مواصلة مهمة الإجلاء الطبي الهندية، ولكن مع استبدال العسكريين بمدنيين، واستعادت نيودلهي أفرادها العسكريين بحلول مارس 2024. كما أقنع مويزو لجنته البرلمانية التي تحقق في الاتفاقيات السابقة مع الهند بتعليق إجراءاتها.

وزار جايشانكار جزر المالديف في أغسطس الماضي لافتتاح العديد من المشاريع، التي شملت شبكات المياه والصرف الصحي في 28 جزيرة، بتمويل من خط ائتمان هندي بقيمة 800 مليون دولار أمريكي، بالإضافة إلى دعم العديد من مشاريع التنمية المجتمعية من خلال المساعدات الهندية.

طريق طويل

قال الموقع إن الهند، على الصعيد الأمني، لا يزال أمامها طريق طويل لتقطعه في مواجهة الصين، فالإنفاق الدفاعي الهندي يتناقص بشكل مطرد، ويقف عند نسبة منخفضة من الناتج المحلي الإجمالي، ويتعين على أسطول البحرية الهندية من السفن والغواصات أن يتجاوز حاجز الـ200 في أقرب وقت ممكن.

ونظرًا لأن عدد السفن التي تشغلها الهند أقل من تلك التي تخرج من الخدمة، فمن غير المرجح أن تتمكن الهند من تحقيق هذا الهدف، ولذلك فعلى “الرباعية” أن تعمل على ضمان بقاء البحرية الصينية متورطة في المحيط الهادئ بينما نعمل على تطوير القدرات المطلوبة.

ربما يعجبك أيضا