موقف السويد من الحرب في أوكرانيا..لماذا تغير؟

آية سيد

دفعت الحرب الروسية الأوكرانية السويد إلى تغيير موقفها المحايد والتفكير في إمكانية الإنضمام إلى الناتو.


أعلنت السويد يوم الأحد الماضي أنها ستخالف عقيدتها بعدم إرسال أسلحة إلى الدول التي تخوض معارك نشطة، وترسل معدات عسكرية إلى أوكرانيا، ردًا على العملية العسكرية الروسية دخلت يومها الخامس.

وقرر حلف الناتو وعدد من الدول الغربية زيادة المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا. وصرّحت رئيسة الوزراء، ماجدالينا أندرسون، أنها سترسل إلى أوكرانيا 5 آلاف قاذفة مضادة للدبابات و135 ألف من المؤن الميدانية و5 آلاف خوذة و5 آلاف درعًا واقيًا، بحسب موقع ذا ديفينس بوست.

الحياد وعدم الانحياز

وفقًا لما جاء في موقع بوليتيكس توداي الأمريكي، حافظت السويد على موقف عدم الانحياز منذ نهاية الحرب الباردة، واستخدمت هذا الموقف وسيلة لإدارة أمنها الجيوسياسي، ولتجنب فخ التورط في حرب مع قوى أكبر، وكانت هذه السياسة الخارجية ناجحة في منع التدخل الأجنبي غير المبرر.

هذا الموقف، أشار إلى استقلال السويد عما تعتبره روسيا تهديدًا متزايدًا من الناتو، وجعل العلاقات بين البلدين تأخذ شكل “الصداقة الباردة.” لكن في حالة انضمام السويد إلى الناتو، ستتغير حسابات روسيا، وتضع السويد في فئة الأعداء أو الخصوم. لذلك فإن فكرة الأمن الجماعي عن طريق الانضمام إلى الناتو ربما تأتي بنتيجة عكسية.

تعاون معزز

على مدار السنوات الماضية، اشتكت فنلندا والسويد من حوادث اختراق غواصات وطائرات روسية للمجال الجوي في منطقة بحر البلطيق، وردوا عن طريق توثيق التعاون العسكري الثنائي وتعزيز المزيد من العلاقات مع الناتو.

في الشهور الأخيرة، عزز الناتو التعاون الذي يركز على الأمن في منطقة بحر البلطيق، الذي يشمل المشاورات السياسية وتبادل المعلومات بشأن الحرب الهجينة والتدريبات المشتركة، ويبحث بشكل عام الآليات المختلفة لمشاركة المعلومات مع شركائه من خارج الحلف، بحسب ما نقل موقع يوراكتيف المتخصص في سياسات الاتحاد الأوروبي، في 26 فبراير 2022.

عقيدة السويد الأمنية

ذكر تقرير للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، بتاريخ 2 فبراير 2022، أن التحركات الروسية في أوكرانيا تسببت في إثارة الجدل داخل السويد بشأن عضوية الناتو.

وتظل السويد خارج الناتو، لكن عقيدتها الأمنية تدعو إلى تعاون وثيق مع الولايات المتحدة والأعضاء الآخرين في الحلف. ظهر هذا التعاون في 2008 وقت الغزو الروسي لجورجيا، الذي دفع الناتو إلى التخطيط للدفاع عن دول البلطيق. ورأى الناتو أنه سيحتاج إلى الوصول إلى جزيرة جوتلاند السويدية، كي يتمكن من نشر صواريخ أرض-جو للسيطرة على الجزء الجنوبي من بحر البلطيق.

لماذا لا تنضم السويد إلى الناتو؟

هذا يطرح تساؤلًا بشأن سبب عدم انضمام السويد إلى الناتو، إذا كانت تتعاون عن كثب مع الحلف. ويقول معارضو الانضمام إلى الناتو إن هذه الخطوة ستزيد التوترات في منطقة البلطيق، وإن الوضع الحالي يمنح السويد مرونة استراتيجية أكبر على المدى البعيد، خصوصًا أن سياسة الناتو النووية ستقوّض التزام الدولة بنزع السلاح النووي.

على الجانب الآخر، يقول مناصرو الانضمام إلى الناتو إن هذا سيُضفي طابعًا رسميًا على التعاون بين الجانبين، وإن المادة 5 من ميثاق الناتو (بشأن الدفاع المتبادل) ستمنح السويد أمنًا كافيًا، وإن الهواجس المنتشرة بشأن العضوية مُبالغ فيها.

هل حان الوقت الانضمام؟

قالت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، في تقرير بتاريخ 24 فبراير 2022، إن السويد كانت ذات يوم قوة رئيسية في منافسة القوى العظمى، وحان الوقت لأن تعيد السويد اكتشاف نفسها وتتخلى عن التظاهر بالحياد في أوقات الخطر.

زدعا التقرير إلى انضمام السويد إلى الناتو، موضحًا أن تعزيز وتوطيد حلف شمال الأطلسي سيُظهر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثمن الجيوسياسي الذي يجب أن يدفعه، وهكذا إذا انضمت السويد ستردعه عن تكرار مغامراته، ويدرك أن التحالف ضده يزداد ضخامة وقوة أكثر من أي وقت مضى.

على بوتين أن يدفع ثمن

تقرير ناشيونال إنترست قال إنه حتى الآن لم تُحاسب روسيا بطريقة تردعها عن المزيد من العدوان. وإن غياب الإجراءات المضادة الأمريكية أو الغربية شجع بوتين على ما وصفه بـ”سلوكه العدواني والتخريبي” في حق الدول ذات السيادة.

لهذا ترى المجلة أنه يتعين على السويد أن تجعل بوتين يدفع ثمن هذا السلوك، فهي شريك بالفعل للناتو وتشارك في التدريبات التي يقودها الناتو، وتدعم صراحةً النظام العالمي الليبرالي القائم على القوانين الذي يساعد الناتو في حمايته وتريد روسيا تفكيكه، على حد وصفها، موضحة أنه في حين أن التردد بشأن الإنضمام إلى الناتو لا يزال موجودًا حتى اليوم، صوّتت أغلبية في البرلمان مؤخرًا لصالح خيار الناتو، وأغلبية السويديين يؤيدون عضوية الناتو أو لم يقرروا بعد.

تهديدات روسية

كانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، قالت في مؤتمر صحفي يوم الجمعة 26 فبراير 2022، إن “انضمام فنلندا والسويد إلى منظمة حلف شمال الأطلسي، في الأساس تحالف عسكري، سيكون له عواقب عسكرية وسياسية خطيرة تتطلب من بلدنا اتخاذ خطوات انتقامية” بحسب موقع يوراكتيف.

وتعليقًا على هذا التهديد، قالت رئيسة الوزراء السويدية ماجدالينا أندرسون، في مؤتمر صحفي مشترك يوم الجمعة مع قائد الجيش  ميكائيل بيدن، “أريد أن أكون واضحة للغاية، السويد هي التي تقرر بنفسها وبشكل مستقل خط سياستها الأمنية.”

ربما يعجبك أيضا