مسيّرات بيونج يانج تحلق فوق سيول.. و«الباسفيك» على صفيح ساخن

محمد النحاس

منطقة "الباسفيك" الآسيوي تشهد توترات على عدة مستويات بين حلفاء الولايات المتحدة من جهة، والصين وكوريا الشمالية من جهة أخرى.


تصعيد متبادل بشبه الجزيرة الكورية، أخيرًا، فاخترقت مسيّرات بيونج يانج، المجال الجوي لسيول، متجاوزةً الحدود لتحلق فوق العاصمة.

ويأتي ذلك في وقتٍ، تتواصل فيه التجارب الصاروخية، التي تجريها كوريا الشمالية، في حين ترد الجارة الجنوبية بمناورات مشتركة مع الولايات المتحدة، في ظل مخاوف من إقدام بيونج يانج على تجربة نووية سابعة، هي الأولى من نوعها منذ 5 سنوات.

اختراق جوي

كان العام الحالي الأكثر نشاطًا لدى كوريا الشمالية في إطلاق الصواريخ، ما أثار حفيظة اليابان وكوريا الجنوبية، والولايات المتحدة.

2cd2654 1667837855085 771098 1

لكن الحدث الأبرز هذا الشهر، الذي شهد تصعيدًا متبادلًا، كان إقدام 5 طائرات مسيرة شمالية على دخول المجال الجوي الجنوبي، ووصولها إلى العاصمة، في حين فشلت قوات سيول في إسقاطها، وفقًا لما نشرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، أمس الثلاثاء 27 ديسمبر 2022.

الرد الجنوبي

ردت كوريا الجنوبية برفع حالة التأهب لدى قواتها، وإطلاق نيران تحذيرية، ودفعت بطائرات استطلاع لتصوير مواقع عسكرية لبوينج يانج، وقال الجيش إن هذا الانتهاك للمجال الجوي يمثل استفزازًا غير مقبول.

وأطلقت الدفاعات الكورية الجنوبية النار على الطائرات، التي اخترقت مجالها الجوي، غير أنها لم تتمكن من إسقاط أي منها، في حين وصلت إحدى الطائرات إلى العاصمة، وظلت في سماء الجنوب لمدة 5 ساعات، حتى قدم الجيش الجنوبي اعتذارًا لفشله في إسقاط المسيّرات.

5bonkl56wnp5lmhyzbti44drvi sixteen nine 1

وتعليقًا على الاختراق الجوي، أبدى الرئيس الكوري الجنوبي، يون سوك يول، أسفه، وشدد على أن بلاده ستمضي قدمًا في إنشاء وحدة خاصة بالطائرات العسكرية المسيّرة، موضحًا خطورة السياسة “التي تعتمد فقط على حُسن النيّة”.

استعداد نووي

أطلقت كوريا الشمالية صاروخين باليستيين قصيري المدى، الجمعة الماضي، بعد أن أجرت القوات الكورية الجنوبية مناورات، يوم الثلاثاء الماضي، رفقة الجيش الأمريكي.

US SouthKorea 1

وتأتي هذه التوترات المحمومة في وقتٍ تخشى فيه الولايات المتحدة من إقدام كوريا الشمالية على تجربة نووية، بعدما أعلن زعيم كوريا الشمالية، كيم جونج أون، أكتوبر الماضي، أنّ “قواته النووية مستعدة تمامًا لحرب فعلية”.

original

ومنتصف هذا الشهر، طوَّرت كوريا الشمالية سلاحًا استراتيجيًّا، بعد أن أجرت اختبارًا على “محرك وقود صلب عالي الدفع”، وأثبتت التجارب جدارة المحرك واستقراره، وفقًا لما أعلنته بيونج يانج.

MYH20221109013900038

تصاعُد التوترات

منطقة “الباسفيك” الآسيوي تشهد توترات على عدة مستويات بين حلفاء الولايات المتحدة الآسيويين من جهة، والصين وكوريا الشمالية من جهة أخرى. وتجري بكين مناورات بالقرب من جزيرة تايوان دوريًّا.

وفي هذا السياق، أجرت الصين، هذا الشهر، تدريبات مشتركة مع الروس، وتشهد المنطقة، وفق الخبير بالشؤون الأمنية، أكرم حسام، “تحولًا استراتيجيًّا”، وحاولت الصين فرض هيمنتها الإقليمية عبر نهج اقتصادي سلمي، من خلال أطر تعاونية مع الجوار.

العسكرة بديلًا

يمكن القول إن هذا النهج أصبح جزءًا من الماضي، فكثّفت الولايات المتحدة وجودها بمنطقة “الباسفيك الآسيوي”، علاوةً على ذلك، نفذت واشنطن عدة مناورات مع حلفائها الآسيويين، وعقدت شراكات أمنية، واتفاقات عسكرية مع دول بالمنطقة.

ودفعت هذه الاتفاقات والشراكات الصين إلى “العسكرة” كوسيلة لفرض الإرادة الجيوسياسية، وللضغط على المنافسين المحتملين. وكان آخر هذه العسكرة مناورات بكين هذا الأسبوع، التي اخترقت الخط الأوسط الفاصل مع جزيرة تايوان، التي تعدها جزءًا من الأراضي الصينية، في حين تُبدي الولايات المتحدة التزامًا للدفاع عن الجزيرة، إذا ما تعرضت لاجتياح صيني.

methode times prod web bin 9b9708f0 be68 11ec 8413 422ef6319ad0 scaled

اليابان.. تحوُّل استراتيجي

اليابان من جهتها أبدت تحولًا في استراتيجيتها الأخيرة للأمن القومي، التي ذكرت فيها صراحةً زيادة التهديدات بالمنطقة، على نحوٍ غير مسبوق، ما دفعها إلى مضاعفة ميزانية التسليح، والسعي لاقتناء أسلحة هجومية، في تحول “تاريخي” عن نهجها السلمي الذي التزمته على إثر الحرب العالمية الثانية.

وبطبيعة الحال، اعترضت بكين على الوثيقة الأمنية، وتشهد العلاقات الصينية الكورية الشمالية تقاربًا على عدة أصعدة، ما يزيد من الاستقطاب بالمنطقة، التي باتت شديدة التوتر، وعلى الرغم من اعتقاد خبراء بأن الصدام المباشر ليس قريبًا، فإنه بات أكثر احتمالًا، أكثر من أي وقتٍ مضى.

ربما يعجبك أيضا