ناجي حرج للأمم المتحدة: الاحتلال الأمريكي أسس للتمييز ضد سنة العراق

سحر رمزي
رؤية – سحر رمزي
“ما زالت العراق تحت الاحتلال” هكذا يقول أهلها سواء كانوا  خارج أو داخل البلاد، والمجتمع الدولي لا ينكر ذلك خاصة وأن حالة التمييز العنصري الطائفي ضد أهل السنة ما زالت تمارس وبقوة في العراق، وبعد أن خرجت أمريكا سلمت البلاد لإيران حسب أهل العراق، وزاد سوء الأحوال الاقتصادية والسياسية والأمنية، والأبشع التمييز العنصري ضد المكون السني، والذي أحدث حالة من الإبادة الجماعية لأهل السنة بالعراق، وحسب تصنيف الأمم المتحدة، العنصرية والتعصب تعمل على تدمير المجتمعات، ويعتبر النضال ضد العنصرية مسألة تتصف بالأولوية للمجتمع الدولي، ويكمن في جوهر عمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
والأمم المتحدة معنية بهذه القضية منذ تأسيسها، وحظر التمييز العنصري مذخور في جميع الصكوك الدولية الرئيسية لحقوق الإنسان، وتلقي هذه الصكوك بالتزامات على عاتق الدول وتكلفها باستئصال شأفة التمييز في النطاقات العامة والخاصة، كما أن مبدأ المساواة يتطلب من الدول أن تعتمد تدابير خاصة للقضاء على الظروف التي تسبب التمييز العنصري أو تساعد على استدامته في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وما يحدث من انتهاكات داخل المجتمع العراقي من قبل الحكومات المتعاقبة منذ الإحتلال الأمريكي للبلاد في 2003 وحتى  عام 2018 كان موضع اهتمام الأمم المتحدة، وفي جلسة خاصة شرح المدير التنفيذي لمركز جنيف الدولي للعدالة  ناجي حرج للأمم المتحدة، مدى سوء الأوضاع في العراق.
 
كيف وضع الاحتلال الأمريكي للعراق أسس التمييز الطائفي والعرقي؟
 
قال المدير التنفيذي لمركز جنيف الدولي للعدالة، ناجي حرج، أن الاحتلال الأمريكي للعراق وضع أسس التمييز الطائفي والعرقي فضلاً عن كل الانتهاكات الجسيمة الأخرى لحقوق الإنسان، جاء ذلك في إجاباته على أسئلة لجنة التمييز العنصري للأمم المتحدة في جنيف، وأضاف، انها المرّة الأولى في تأريخ العراق التي يتم فيها تسمية الأشخاص لتسنّم الوظائف العليا في الدولة طبقا خلفياتهم الدينية والعرقية وليس طبقاً كفاءتهم
 

وشرح السيد حرج للجنة كيف تم التأسيس للتمييز ضد العرب السنة بموجب قوانين وإجراءات من خلال استحداث امتيازات ـ لا أساس قانوني لها ـ للمكونات الأخرى، وان ذلك قد تحول إلى ما أشبه سياسة عامة وطرق تعامل في معظم دوائر الدولة حتى في تطبيق القوانين الأخرى.
وكانت لجنة التمييز العنصري في الأمم المتحدة قد اجرت على مدى يومي (29 و 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2018) مراجعة لإجراءات الحكومة العراقية في تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على كافة أشكال التمييز، حيث قدّم وفد الحكومة العراقية التقرير الوطني، فيما قدّم مركز جنيف الدولي للعدالة تقريراً موازياً الى اللجنة وثق فيه اخفاق السلطات العراقية في تنفيذ التزاماتها المنصوص عليها بموجب الإتفاقية المذكورة أعلاه.

ويعتبر مركز جنيف الدولي للعدالة، وهو منظمة دولية، غير حكومية وغير ربحية، مستقلة، مقرّها في جنيف، سويسرا، من المنظمات الفاعلة في مراقبة انتهاكات حقوق الإنسان في العراق من خلال ما يقيمه من شراكات مع منظمات المجتمع المدني والناشطين الحقوقيين داخل العراق وفي المحيط العربي، وهو مشارك فعّال في أنشطة الأمم المتحدة وفي مقدمتها مجلس حقوق الإنسان.
 
ناجي حرج: حُكم على المئات بالأعدام على أساس انتماءاتهم الطائفية بتهم ملفقة
 

وحول التقرير الذي قدم للأمم المتحدة، أوضح  ناجي حرج أن السلطات العراقية تمارس بشكل مباشر التمييز على مستويات عدّة، إذ تقوم اجهزتها في أعمال وممارسات التمييز العنصري ومنها الكيفية التي يطبق بها قانون مكافحة الإرهاب”، (القانون رقم 13 لعام 2005) حيث أصبح هذا القانون منذ تنبنيّه وسيلة لزج عشرات الألوف من السنة العرب في السجون دون ايّ مبرّر.

ومن الأدلة الأخرى، يؤكد أن مركز جنيف الدولي للعدالة قد وجد من خلال متابعته وتوثيقه أن معظم المحكوم  عليهم بالإعدام وفق قانون مكافحة الإرهاب ينتمون إلى مناطق جغرافية ذات هوية أثنية مماثلة، مثل محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى، حيث حُكم على المئات من المدنيين الأبرياء بالأعدام على أساس انتماءاتهم الطائفية بتهم ملفقة.
 

حكومة العراق تستخدمه المليشيات  لتهجير العرب السنة
ويرى حرج أن الحكومة تستخدم أداةً أخرى لتنفيذ ممارساتها على أساس طائفي تمييزي، وهذه الأداة هي الميليشيات التي قامت وتقوم بتهجير العرب السنة من مناطقهم وحرقت او فجّرت بيوتهم وسرقت ممتلكاتهم وسرقة أراضيهم الزراعية واعدمت المئات منهم كما أخفت قسرياً عشرات الألوف خاصة من الرمادي والفلوجة وتكريت والدور ونينوى.
كما استهدفت الحكومة من خلال الميليشيات، العرب السنة باختطاف، أو تهديد أو قتل قادتهم الفكريين وأئمة مساجدهم وتهين باستمرار رموزهم، وتعتدي على أماكن عبادتهم في الجوامع والمساجد. ويؤكد ذلك رسوخ عقلية التمييز ضمن الجهاز الحاكم في العراق وتحويل ذلك التمييز إلى سياسات وإجراءات على أرض الواقع.

ذلك وتواصل لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري أعمال دورتها الاعتيادية 97 في جنيف  لغاية 14 ديسمبر الجاري حيث ستصدر توصيات الى الدول المعنية بالاستعراض، واللجنة تضم مجموعة من الخبراء المستقلّين والمشهود لهم بالكفاءة من مختلف دول العالم.
 
الوفد العراقي عجز عن تقديم توضيحات حول آلاف المختفين من أهل العراق
 
قال مدير مركز جنيف لقد عجز الوفد العراقي عن تقديم توضيحات حول آلاف المختفين، عندما سألت اللجنة الوفد العراقي عن آلاف المختفين الذين قدّم مركز جنيف الدولي للعدالة أسماؤهم إليها طالب التوضيح بالتفصيل لأسباب اختفاء هؤلاء، ومن المسؤول عن ذلك، وما هي الإجراءات التي اتخذتها السلطات لمعرفة مصيرهم. وشدّدت بهذا الخصوص على المختفين من عشيرة المحامدة في الصقلاوية، والمختفين من مدينة الدور والمختفين من محافظة الأنبار.

كما طالبت اللجنة من الوفد أن يقدم لها إيضاحات عن تطبيق قانون المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث) إذ ترى أنه يتعارض مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، ولم يقدم الوفد ما يمكن اعتباره جواباً واضحا على ذلك إذ اكتفى اقتباسات مبهمة من الدستور

ناجي حرج يتهم الحكومة العراقية بالضعف بسبب تخليها عن سلطتها للميليشيات
وضمن استعراضه لتقرير مركز جنيف الدولي للعدالة انتقد ناجي حرج ما أسماه بتخلّي الحكومة العراقيّة عن الكثير من سلطتها للميليشيات وزعماء القبائل والأحزاب السياسية مما أدّى إلى ضعف المؤسسات الحكومية. ونتيجةً لذلك، فقد تلاشت سيادة القانون في العراق وحلّت مكانها الفوضى في كل شيء.

ولم يعد بإمكان المواطنين الاعتماد على نظام العدالة، إذ يخضع هو الآخر تأثير الفساد المستشري فيه، كما في الحكومة، وغالباً ما يخضع لسيطرة الميليشيات. ولذلك فإن تقديم شكوى عن ممارسات تنطوي على تمييز طائفي أو عنصري، هو أمرٌ مستحيل فعلاً بسبب الانتقام الشديد الذي سوف يواجهه المدّعي المُحتمل.

تقرير جنيف يطالب الأمم المتحدة بإحالة كل المسؤولين عن الانتهاكات في العراق الى العدالة
واكدّ أن ثقافة الفساد المتفشي والمحسوبية الطائفيّة تقود إلى أنظمة سياسية وطرق إنفاذ للقانون والعدالة تخدم مصالح من همّ في السلطة، جنباً إلى جنب مع أسرهم وأقاربهم، وأولئك الذين يرغبون في الاستفادة، على حساب بقية السكان. وباختصار، فإن تقرير الدولة الطرف كبيرٌ في كلماته، ولكنه وللأسف الشديد يفتقر إلى الإجراءات والبيانات الفعلية التي توضح كيفية تنفيذ الحماية القانونية من التمييز العنصري.

وقد اختتم تقرير مركز جنيف الدولي بتوصيات محددة طالب اللجنة بالضغط على السلطات العراقيّة لتحقيقها كان في مقدمتها حلّ الميليشيات مع رفض فكرة إدماجها بالقوات الأمنية لما ارتكبته من فظاعات وجرائم، وطالب بالبحث الجدي عن كل المفقودين كما طالب بتعويض ضحايا الانتهاكات الذين تدمرت بيوتهم وقراهم تعويضا تاما، وأن تتولى الأمم المتحدة إحالة كل المسؤولين عن الانتهاكات في العراق إلى العدالة.

ربما يعجبك أيضا