«ناشيونال إنترست»: الصين تواجه تحديات أمنية واقتصادية في أفغانستان

بسام عباس

مع سعي الصين لتحقيق مطامعها الاقتصادية والسياسية في أفغانستان الهشة اقتصاديًّا، ستواجه تحديات أمنية هائلة تحد من طموحاتها.


أثارت الهجمات الأخيرة التي استهدف فيها تنظيم داعش خراسان الرعايا الصينيين بأفغانستان مخاوف داخل دوائر السياسة الخارجية في بكين.

وذكرت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية أن الصين تعمل وفق نموذج أعمال انتهازي، فمع تجنبها الدخول في أي مخاطرات، لا تترك القيم والأعراف تعرقل مصالحها الاقتصادية، مشددة على أن سلوكها وسياساتها تجاه أفغانستان تحت حكم حركة طالبان يعكسان هذا النهج.

تأييد طالبان

أوضحت المجلة، في مقال نشرته يوم أمس الاثنين 6 فبراير 2023، أن الصين ظلت ملتزمة بتعزيز وجودها في أفغانستان، لدفع أهدافها الاستراتيجية والاقتصادية، رغم مواجهة بعض العقبات، مشيرة إلى أن المستقبل لا يبدو واعدًا لبكين، فقبل أشهر من سيطرة طالبان على كابل في أغسطس 2021، بدا أن بكين اصطفت إلى جانب المتمردين.

وذكرت أن الصين استضافت، في يوليو 2021، وفدًا من طالبان، الذي شدد لوزير الخارجية، وانج يي، على أن الحركة لن تسمح لأي جماعة، خاصة حركة تركستان الشرقية الإسلامية، بتنفيذ أنشطة مناهضة للصين على الأراضي الأفغانية، ونفذت طالبان وعدها، فأبعدت قواتها عن الحدود الأفغانية الصينية، وحدَّت من أنشطتها.

استراتيجية مزدوجة

أفادت المجلة بأن مصالح بكين في أفغانستان تقوم على ركيزتين أساسيتين، هما إرساء الأمن على حدودها الغربية، بالسيطرة على حركة الأويجور الانفصالية، وحماية مشاريع الحزام والطريق في آسيا الوسطى وباكستان. مشيرة إلى أن أفغانستان برزت كعنصر أساسي لهاتين الركيزتين، وبدأت استراتيجية بكين المزدوجة في الظهور.

وأضافت أن الصين نصبت نفسها منقذًا لحركة طالبان وصديقًا حقيقيًّا يمكنها الاعتماد عليه، عندما ينفض المجتمع الدولي بأكمله عنها، ويظل معارضًا لسياسات طالبان. وبينما لم تقدم بكين اعترافًا سياسيًّا رسميًّا بحركة طالبان، فإنها تدير سفارة في كابل وعينت لها سفيرًا. وكذلك سمحت لممثل طالبان بالإقامة في السفارة الأفغانية ببكين.

وأشارت المجلية إلى أن وزير خارجية الصين زار العاصمة الأفغانية، وكذلك العديد من الوفود الرسمية. واستضافت بكين وزير خارجية طالبان في اجتماع لوزراء خارجية دول المنطقة في مارس 2022.

طوق نجاة

أوضحت المجلة أن الصين مستمرة في سياستها بالتركيز على الاستثمار الاقتصادي في أفغانستان، وأبدت استعدادًا لضخ الأموال في قطاعي التعدين والطاقة، وتقديم الخبرة اللازمة لإعادة بناء البلاد، فكانت طوق نجاة لحركة طالبان، التي تعاني من ضائقة مالية، واحتضنت الحركة احتمال توسيع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني إلى أفغانستان.

وأضافت أن شركة صينية وقّعت، في 5 يناير، صفقة تبلغ قيمتها أكثر من 500 مليون دولار مع طالبان، لاستخراج النفط في حوض آمو داريا شمالي أفغانستان، الذي يحتوي على نحو 87 مليون برميل من النفط الخام. وجرت مراسم التوقيع في حضور المبعوث الصيني إلى أفغانستان، وانج يو، ومسؤولين رفيعي المستوى من طالبان.

تغاضي عن سياسات طالبان

وذكرت المجلة أن الاتفاقية هي أول عقد استثمار رئيس في مجال الطاقة، تبرمه حركة طالبان، وتود الصين أيضًا استئناف عمليات الاستخراج في منجم “مس عينك” للنحاس، الذي وقَّعت عقده في عام 2008.

وقالت إن أفغانستان تحولت إلى فرصة مواتية للصين، خاصة مواردها الطبيعية للاستيلاء عليها، ويُعتقد أن الصينيين هم أكبر مجموعة من المستثمرين الأجانب في البلاد. وليس من المستغرب أن يكون رد فعل بكين صامتًا على سياسات طالبان الظلامية، بشأن حقوق المرأة والأقليات، والتزمت تصريحاتها المبكرة المؤيدة لحكومة شاملة.

«داعش» يهدد مساعي بكين

أوضحت المجلة الأمريكية أن إبحار الصين في أفغانستان عرقلته ولاية خراسان التابعة لتنظيم داعش (داعش- خراسان)، ففي 12 ديسمبر، نفذت الجماعة هجومًا إرهابيًّا على فندق في كابل يقيم فيه رجال الأعمال الصينيون. وفي سبتمبر، تعهد من خلال مجلته الدعائية، بمعارضة “الإمبريالية” الصينية في أفغانستان.

وأضافت أن تنظيم داعش خراسان يسعى إلى توسيع نفوذه في آسيا الوسطى، وجذب المسلحين الأويجور المسلمين، ويُعتقد أن التنظيم توسع في جميع مقاطعات أفغانستان، وظهر كخصم أساسي لطالبان. وهذا بدوره يشكل تحديًا خطيرًا لأهداف بكين، التي تخطط لتسليح طالبان بطائرات استطلاع دون طيار وأسلحة متطورة. وطالبت بالحفاظ على أمان المستثمرين الصينيين.

لعبة كبرى

أفادت ناشيونال إنترست بأنه مع انخراط الصين في أفغانستان الهشة اقتصاديًا، فمن المحتم أن تواجه تحديات أمنية هائلة من شأنها أن تحد من طموحاتها. ومن ثَمَّ فإن النموذج الاقتصادي الاستخراجي الصيني، الذي يتجاهل تطوير البنية التحتية والحوكمة وشبكات النقل، سيكون محكومًا عليه بالفشل.

وأضافت أن زيادة التطرف في المنطقة سيكون له تأثير مضاعف في سكان الأويجور في الصين، وقد يهدد الوجود المتنامي لتنظيم داعش في أفغانستان مصالح الصين في المنطقة ويعرضها للخطر، ومع ذلك، فإن المنافسة الناشئة بين القوى الإقليمية تدعو إلى “لعبة كبرى” جديدة في أفغانستان.

ربما يعجبك أيضا