«ناشيونال انترست»: المنافسة الأمريكية الصينية المحتدمة تضع إسرائيل في مأزق

بسام عباس

الابتعاد عن لعبة منافسة القوى العظمى يتيح للولايات المتحدة فرصةً لتعزيز أجندة دولية أكثر إبداعًا تقرب بين آسيا والشرق الأوسط.


في ظل المنافسة الأمريكية الصينية المحتدمة، وجدت إسرائيل نفسها عالقة بين الرغبة في تعزيز التعاون التكنولوجي مع بكين، وضغوط واشنطن للحد منه.

وترى مجلة “ناشيونال إنترست“، في تقرير نشرته يوم الثلاثاء 15 نوفمبر 2022، أن فشل إسرائيل في إدارة هذه العلاقة الشائكة، لن يؤثر فقط في علاقاتها الاقتصادية مع الصين، بل تضر أيضًا بعلاقتها الوثيقة مع الولايات المتحدة.

الصين.. من تحدي إلى تهديد

أوضحت المجلة أن توترات العلاقات الإسرائيلية الأمريكية تفاقمت بسبب العلاقات الاقتصادية الصينية الإسرائيلية المتينة، لافتة إلى أن واشنطن تصنف بكين بالفعل تحديًا استراتيجيًّا ومنافسًا جيوسياسيًّا، وليس تهديدًا، رغم أن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، لم يكن قد شن “حربه التجارية” ضد الصين في تلك الفترة.

وأضافت أن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين تدهورت سريعًا، لتنظر إلى بكين على أنها التهديد الرئيس لها وللديمقراطية الغربية. ومع وصلو جو بايدن إلى البيت الأبيض، تزايدت الانقسامات بين البلدين بشأن قضايا مثل حقوق الإنسان، وأمن تايوان، والمصالح الاقتصادية والتجارية للولايات المتحدة في الداخل والخارج.

إسرائيل تفضل واشنطن

قالت “ناشيونال إنترست” إن إسرائيل كان خيارها واضحًا، وفضلت الولايات المتحدة، حليفها الأقرب والأكثر أهمية، فالعلاقة بينهما متجذرة، ليس فقط في القيم المشتركة، بل التعاون العميق والعملي في كل مجال تقريبًا، بدءًا من المجال العسكري والأمني ​​إلى الدبلوماسية والأعمال.

وأشارت إلى أن الفجوة الحالية بين الحليفتين نجمت من تصنيف الولايات المتحدة الصين تهديدًا استراتيجيًّا، بدلًا من منافسًا اقتصاديًّا، وكذلك أثرت الضغوط الأمريكية بشدة على العلاقات الصينية الإسرائيلية، ما يعرقل تطوير مجالات الاهتمام، ومع كون إسرائيل حليفًا وثيقًا للولايات المتحدة ورائدًا تقنيًا، يجعلها موردًا مهمًا محتملًا لبكين.

تنامي التجارة الإسرئيلية الصينية

أوضحت المجلة أن الاستثمارات الصينية في إسرائيل تراجعت بشدة، منذ ذروتها في العام 2018، حين سجلت 9% من الاستثمارات الأجنبية في قطاع التكنولوجيا الفائقة الإسرائيلي، قبل الوباء، إلى نحو 2.5% في 2021، بسبب لوائح صينية صارمة تمنع تحويل رأس المال خارج البلاد، والمناخ السلبي للمستثمرين الصينيين في إسرائيل.

لكن التجارة الإجمالية بين إسرائيل والصين واصلت تحطيم أرقام قياسية جديدة، ومن المرجح أن تصبح الصين ثاني أكبر شريك تجاري لإسرائيل هذا العام، بوصول حجم التجارة المتبادلة إلى نحو 23 مليار دولار خلال 2021، ولا تزال إمكانات النمو كبيرة، بالنظر إلى اتفاقية التجارة الحرة قيد التفاوض بين البلدين.

ضمان المصالح الأمريكية الإسرائيلية

ذكرت “ناشيونال إنترست” عددًا من الخطوات، التي قالت إنها ضرورية لضمان تلبية المصالح الأمريكية والإسرائيلية، ومنها مراجعة الاستثمار الأجنبي، مشيرة إلى أن إسرائيل شكلت بالفعل لجنة استشارية تراجع الاستثمارات الأجنبية، وتقدم توصيات، ثم أعلنت آلية مطورة قليلاً، ما يسمح بمزيد من الشفافية على جميع الجهات الفاعلة.

وأضافت أن التعديلات يمكن أن تعزز التفاهم مع المسؤولين الأمريكيين، وتمنع الانتكاسات في العلاقة مع بكين، وتوفر مزيدًا من الطمأنينة للمستثمرين الأجانب، وتوجه العلاقات بين إسرائيل والصين إلى قطاعات مفيدة لكليهما، مع حماية المصالح الوطنية لإسرائيل، مع العمل على زيادة التعاون التكنولوجي، وتسوية بعض الخلافات المتبقية.

توازن المصالح في الشرق الأوسط

دعت المجلة إلى إجراء نوع جديد من المحادثات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، في ظل استمرار تطور المشهد الجيوسياسي والإقليمي، ومع احتدام المنافسة الأمريكية الصينية، يمكن أن تتغير قواعد اللعبة مع بكين، ما يضع حلفاء واشنطن في موقف صعب، لافتة إلى أن الحل يكمن في تعميق التعاون بين الحلفاء لإيجاد توازن دقيق بين مصالحهم.

وأشارت إلى أن الشرق الأوسط يشهد تغيرات جوهرية، وتصور دول المنطقة بأن الولايات المتحدة تسعى لتخفيض تواجدها يشكل هاجسًا لديها، مشيرة إلى أن الصين، أيضًا، أصبحت أكثر وضوحًا في المنطقة، خاصة مع تداخل البنية التحتية والتكنولوجيا.

رؤية إقليمية جديدة

توفر المجموعات الإقليمية الجديدة، مثل مجموعة “آي 2 يو 2″، التي تضم الهند وإسرائيل والإمارات والولايات المتحدة، فرصة لواشنطن لإعادة تشكيل موقعها الإقليمي، ورغم أن أمريكا هي التي أنشأت المجموعة، يمكن للأعضاء الآخرين أخذ زمام المبادرة، وإنشاء شراكات جديدة ومرنة، وقائمة على القضايا، وإضافة أعضاء جدد.

وعلى المستوى الإقليمي، على الولايات المتحدة توسيع مبادرة الإطار الاقتصادي الهندي والمحيط الهادئ، ليشمل الإمارات ودول الخليج العربي وإسرائيل. ما يساعد في تخفيف مخاوف شركاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، من أن إنشاء أي محور نحو آسيا سيكون على حسابهم.

ربما يعجبك أيضا