نجاح أول تجربة لعلاج السرطان بالخلايا الجينية.. طبيب يشرح التفاصيل لـ«رؤية»

نادية عبد الباري

نجاح أول تجربة علاج سرطان الدم بـ«تعديل الخلايا الجينية» لطفلة سنها 13 عامًا.. كيف تعمل هذه التقنية؟ وما المأمول منها في المستقبل؟


في إنجاز علمي حقيقي، تمكن أطباء في بريطانيا، من علاج طفلة سنها 13 عامًا من سرطان الدم، باستخدام الخلايا الجينية.

وأعلنت جامعة “لندن جلوبال” البريطانية أنها نجحت بالتعاون مع أطباء من مستشفى “جريت أورموند ستريت”، على مدار 7 أشهر، في علاج الطفلة إليسا المصابة منذ مارس 2021 بسرطان الدم الليمفاوي، أحد أصعب السرطانات على الإطلاق.

 علاج يصنع معجزة

ذكر المستشفى في بيان، أمس الاثنين 12 ديسمبر 2022، أن العلاج الناجح لإليسا اعتمد على خلايا تائية مُعدلة جينيًّا باستخدام تقنية جديدة.

ويوضح أستاذ علاج الأورام ومدير مركز الأبحاث بجامعة عين شمس المصرية، الدكتور هشام غزالي، لشبكرة “رؤية” الإخبارية، أن الخلايا التائية، المشهورة باسم الخلايا اللِّمفاوية، هي كرات الدم البيضاء التي تسهم في بناء المناعة، وهي 3 أنواع، “المساعدة”، و”السامة للخلايا”، و”التنظيمية”.

وإليسا، صاحبة التجربة الفريدة، كانت مصابة بسرطان الدم الليمفاوي الحاد الناجم عن خلل أو نقص الخلايا التائية، وعانت لشهور أعراضًا شديدة ظنتها أسرتها نزلات برد أو التهاب رئوي، وكلما فشل تشخيص بحثت عن آخر، حتى ظهر السبب الحقيقي وراء إعيائها، كما ذكرت والدة الطفلة لصحيفة “الجارديان” البريطانية، أمس الاثنين.

خلايا تائية معدلة تهاجم السرطان

ما جرى مع إليسا حسب توضيح المشفى، كان استخدام خلايا تائية معدلة جينيًّا لديها القدرة على منح الطفلة مناعة قوية، خاصة أن خلايها الأصلية كان يهاجم بعضها بعضًا، وكان الخيار الوحيد المتاح لها هو الخضوع لتلك التجربة أو الرعاية التسكينية التي عادة ما تنتهي بالموت.

ويشرح غزالي أن سرطان الدم الليمفاوي يهاجم خلايا الجهاز المناعي والخلايا الليمفاوية من النوع التائي والبائي، المهمين لحماية الجسم من الفيروسات، ومن هنا يكون الشخص عرضة للإصابة بالعديد من الأمراض الفيروسية المميتة غالبًا، أو الإصابة بنزيف مستمر.

رحلة من العلاجات المؤلمة انتهت بالتجربة الجينية

إليسا هي أوّل مريضة تخضع لتجربة العلاج بالخلايا التائية المعدّلة، حسب ما أعلنت جامعة “كوليدج لندن”، رغم انتهاء الباحثون من العمل على التقنية منذ عام 2015، ولم يجربوها طوال 7 سنوات مضت إلا في حالة إليسا، لاكتشافهم ثغرة فيها كانت تتسبب في قتل الخلايا التائية بعضها بعضًا داخل الجسم في أثناء عملية الإنتاج.

الجدير بالذكر، أن أليسا لم تخضع لهذه التجربة كأول حل، فقد خاضت الفتاة رحلة طويلة من العلاجات بدأت من العلاج الكيماوي وصولًا إلى زراعة النخاع، لكن سرعان ما انتكست وارتد إليها السرطان مرة أخرى، وكانت الموجة الثانية أشرس ولم يتحمل جسدها،  لذا كان العلاج بالخلاية التائية المعدلة آخر خيار.

3a994155 9ff5 4e71 9eb2 a0114efc0be5

مستوى أليسا

ورغم أن الفتاة دون السن القانونية، كانت ناضجة لتأخذ القرار، ووافقت على التجربة لنفسها ولبقية الأطفال المرضى، حسب تصريح والدتها كيونا، التي تأمل حاليًّا نجاح التجربة على نطاق أوسع لمساعدة آلاف المرضى.

آلية التجربة

أوضحت الجامعة أن التجربة السريرية التي خضعت لها الفتاة، كانت تستهدف زرع خلايا معدلة بإحدى تقنيات التحرير الجيني، وقد تلقت في مايو الماضي خلايا مناعية سليمة من متبرع، داخل وحدة نخاع العظم في المستشفى.

وكانت خلايا النخاع مدعمة بمستقبل يمنحها القدرة على مطاردة الخلايا التائية السرطانية وقتلها، دون مهاجمة بعضها بعضًا. وبعد 4 أسابيع فقط، كانت إليسا في حالة جيدة، بعد إجراء عملية زرع نخاع عظمي لاستعادة جهازها المناعي، حسب ما أوضحت الجمعية الأمريكية لأمراض الدم في اجتماعها السنوي قبل 3 أيام.

fca4ab69 6257 4241 883a

التجربة على سرطان الدم

وبعد مضي 6 أشهر من المراقبة والفحوصات المستمرة، تحسن وضع أليسا لتعود لمنزلها في ليستر وسط إنجلترا، مع استمرار المتابعة، بعدما تأكد للأطباء المشرفين عليها أنها أصبحت خالية من اللوكيميا.

علاج اللوكيميا في 6 أشهر إعجاز

يوضح رئيس مركز أبحاث الأورام في جامعة عين شمس، أن الحديث عن التعافي من سرطان الدم في 6 أشهر فقط كان محض خيال قبل هذه التجربة، وأنه “حال تعميمها على شبكات العلاج بأنحاء العالم، ستعطي نتائج مذهلة من شأنها وضع نهاية لهذا المرض القاتل في غضون عقدين على الأكثر”.

ويشير هشام غزالي إلى أن ميزة هذه التجربة أنها تعتمد على التطوير الجيني، ما يعني أنها تمهد لعلاج أمراض جديدة تتصل بالمناعة كان علاجها مستحيلًا في السابق، خاصة مع الأطفال، موضحًا أن العلاج الوارثي ينجح بنسب أكبر في سن صغيرة.

استهداف علاج سرطانات مختلفة

بعد نجاح علاج إليسا، قالت جامعة “لندن جلوبال” إن التسجيل في التجربة مفتوح حاليًّا، وإنهم يسعون لتطبيقها على 10 مرضى استنفدوا كل أنواع العلاج القياسية.

وفي حال نجاح التجربة على نطاق أوسع سيسعى الباحثون حينها لتعميم الخلايا التائية المعدلة على  مرضى سرطان في مراحل الإصابة الأولى، وستكون المرحلة الأخيرة من اعتماد العلاج بعد تجريبه على أنواع أخرى من السرطانات.

ربما يعجبك أيضا