في ذكرى رحيل أديب نوبل.. نجيب محفوظ سيرة خالدة لمبدع استثنائي

رؤية
في ذكرى رحيل أديب نوبل.. نجيب محفوظ سيرة خالدة لمبدع استثنائي

اتهم أديب نوبل مرات عدة بالإلحاد والتطاول على الذات الإلهية، وصلت إلى محاولة للاغتيال.


تحل بعد أيام قليلة الذكرى 17 لرحيل الأديب والروائي، نجيب محفوظ، الذي وهب نفسه للكتابة الأدبية، فأعطته مكانة مرموقة وسيرة عالمية خالدة.

وتوفي الأديب والروائي نجيب محفوظ في 30 أغسطس عام 2006، عن عمر ناهز 95 عامًا، وارفق رحيله شعور بمرارة كبيرة في الوطن العربي، لخسارة ثقل أدبي لا يضاهيه أحد من قبله أو بعده.

ابن حي الحسين ودارس الفلسفة

ولد نجيب محفوظ بالقاهرة عام 1911، وهو ابن مرحلة تاريخية مهمة في مصر، أثرت في تشكيل شخصيته، وتأثر بنشأته داخل حي الحسين الذي يعد مركزًا أصيلًا في منطقة مصر القديمة. ولمحفوظ عديد من الأشقاء، غير أن الفارق بينه وبين أقرب إخوته 10 سنوات، ما أشعره بالوحدة، حسب ما ذكرت مؤسسة هنداوي الثقافية.

اقرأ أيضًا: بين الإبداع ومقص الرقابة.. صراع نجيب محفوظ الذي حسمته «أولاد حارتنا»

والتحق محفوظ بجامعة القاهرة عام 1930، واستهوته دراسة الفلسفة، حتى إنه شرع بعد الحصول على ليسانس الفلسفة في إعداد رسالة في المجال نفسه، لكنه تراجع عن قراره مفضلًا تكريس مجهوده في كتابة الأدب، وكانت أولى رواياته “عبث الأقدار”، التي نشرها عام 1939 في عدة فصول بـ”المجلة الجديدة”.

نجيب محفوظ

نجيب محفوظ

رواياته واعتراض الأزهر الشريف

لم يتوقف محفوظ عن الإنتاج الأدبي الذي تنوع بين القصة والرواية، ووصلت عدد رواياته إلى نحو 35، وكان محفوظ مشغولًا على الدوام بتنويع المدارس الأدبية المختلفة، فتحول من الرواية التاريخية في “عبث الأقدار” إلى الواقعية في ثلاثيته الشهيرة وفي ملحمة الحرافيش، ورواية أولاد حارتنا، وأيضًا القاهرة الجديدة.

اقرأ أيضًا: «بخط اليد وعلم الوصول» يرصد علاقة نجيب محفوظ بالثورات والسياسة

وتعرض محفوظ لأزمات عديدة بسبب رواياته، تحديدًا رواية “أولاد حارتنا”، التي نشرها على حلقات في جريدة الأهرام في 21 سبتمبر عام 1950، وبسبب اعتراضات الأزهر الشريف توقف عن النشر في 25 ديسمبر من العام نفسه، وكانت تهمته التطاول على الذات الإلهية، وبعد ذلك تمكن من نشرها كاملة في طبعة دار الآداب اللبنانية عام 1967.

نجيب محفوظ

نجيب محفوظ

زواج يشبه «الشركة»

لم يكن صاحب رواية “الحب تحت المطر” سعيدًا في الأمر ذاته، فحسب حديث قديم نشرته مجلة “صباح الخير”، ذاق محفوظ لوعة الحب مرارًا، لذا تزوج متأخرًا في سن 45، تحديدًا بعد ثورة عام 1952، بالسيدة عطية الله إبراهيم، وتعامل محفوظ مع الزواج على أنه شركة وتوازن بين الطرفين، وأنجب ابنتين هما أم كلثوم وفاطمة.

رؤية محفوظ للزواج في سن الأربعين دفعته لإخفاء زواجه لمدة طويلة، حتى إن أصدقاءه المقربين لم يعلموا بأمره، إلا بعد مشاجرة حدثت بين إحدى ابنتيه وزميلة لها في المدرسة، ووقتها علم الشاعر صلاح جاهين بالأمر، ومن خلاله انتشر خبر زواج محفوظ.

نجيب محفوظ بجواره ابنته أم كلثوم وزوجته عطية الله

نجيب محفوظ بجواره ابنته أم كلثوم وزوجته عطية الله

علاقته بالسينما

من المميز في مسيرة أديب نوبل أن غالبية رواياته تحولت إلى السينما، ما جعل اسمه مُنتشرًا أكثر بين قاعدة عريضة من الجمهور. وتعد الثلاثية من أشهر الأفلام المقتبسة عن رواياته، وتحولت ملحمة الحرافيش إلى نسخ عديدة من الأفلام.

ولم تقتصر علاقة محفوظ بالسينما على تحويل رواياته فقط، بل إنه كتب سيناريوهات عديد من الأفلام، وقدم أول سيناريو له لفيلم “مغامرات عنتر وعبلة”، وأصبح بعض أعماله من أيقونات السينما المصرية والعربية، مثل فيلم “بين السينما والأرض” للمخرج صلاح أبوسيف، الذي عُرض عام 1959.

فيلم بين السما والأرض

فيلم بين السما والأرض

الحصول على نوبل ومحاولة اغتيال

اتسمت شخصية محفوظ بالهدوء والذكاء، لكن حياته لم تسر بالإيقاع الهادئ نفسه، فقد تعرض لمحاولة اغتيال نجا منها في أكتوبر من العام 1995 حين طعنه شخص في عنقه، بسبب اتهامات الجماعات الإسلامية له بالكفر، وعلى الرغم من نجاته عانى اهتزازا في أعصاب اليد، ما أثر في قدرته على الكتابة.

وعلى الرغم من تعرضه لعديد من الأزمات المتعلقة بالأدب، التي وصلت إلى حد اتهامه بالإلحاد، فإن إخلاصه لهذه المهنة جعله أشهر أديب عربي، ونتيجة ذلك أصبح محفوظ الأديب العربي الوحيد الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1988.

ربما يعجبك أيضا