نحو تعميق الاتفاقات الاقتصادية.. مستقبل العلاقات بين الصين وباكستان

أحمد ليثي

ساعدت الصين باكستان من خلال مبادرة الحزام والطريق في حل مشكلتين من مشاكل الاختناق التي تعاني منها التنمية الاقتصادية، البنية التحتية ونقص إمدادات الطاقة، ما أرسى أساسًا متينًا وجعلها مناسبة للتنمية الاقتصادية.


أجرى الرئيس الصيني، شي جين بينج، يوم الأربعاء الماضي 9 نوفمبر 2022، محادثات مع رئيس الوزراء الباكستاني، محمد شهباز شريف، في قاعة الشعب الكبرى في بكين.

وبحسب جريدة جلوبال تايمز الصينية، في تقرير نشرته في 2 نوفمبر 2022، قال الخبراء إن زيارة شريف أظهرت أن الصداقة القوية بين الصين وباكستان ستتعمق وتجلب مزيدًا من اليقين والاستقرار إلى المنطقة.

الصين مستعدة للتعاون الوثيق وسياسة الانفتاح

وفقًا للتقرير الذي كتبه يانج شينج، الصين مستعدة للعمل مع باكستان للارتقاء بمستوى التعاون الاستراتيجي الشامل، وتسريع الجهود لبناء مجتمع صيني باكستاني أوثق مع مستقبل مشترك في العصر الجديد، وضخ زخم جديد في شراكتهما التعاونية الاستراتيجية.

من جهته، ذكر الرئيس شي أن الصين ستواصل سياستها الأساسية للانفتاح، وتوفير فرص جديدة لباكستان وبقية العالم من خلال التنمية المستمرة، وستعمل الصين على تعميق التآزر بين استراتيجياتها الإنمائية واستراتيجيات باكستان.

تعزيز الشراكات بين البلدين

أشار شي إلى أن الدولتين يجب أن يقفا على الجانب الصحيح من التاريخ، ويواصلا تعاونهما، والعمل عن كثب بشأن القضايا الدولية والإقليمية الرئيسة، من أجل دعم التعددية والإنصاف والعدالة الدولية والمصالح المشتركة بين البلدين.

من جهة أخرى، قال محللون صينيون لم تسمهم جلوبال تايمز، إن الوضع الدولي الحالي الذي يشهد حالة من عدم اليقين والاضطراب، يلقي على عاتق الصين مزيدًا من المسؤوليات، ومنها تعزيز الشراكات الدولية مع جيرانها مثل باكستان.

علاقات أعمق مع الصين

بحسب بيان مشترك، صدر عقب الاجتماع الثنائي نقلته جلوبال تايمز، أجرى الجانبان تبادلًا معمقًا لوجهات النظر حول العلاقات الثنائية، فضلًا عن الوضع الإقليمي والمشهد السياسي الدولي، واتفق الجانبان على أهمية الشراكة الاستراتيجية بين الصين وباكستان وسط التحديات العالمية الناشئة.

من جهته، قال مدير قسم الأبحاث في معهد الإستراتيجية الوطنية بجامعة تسينغهوا الصينية، تشيان فنج، لصحيفة جلوبال تايمز إن دعوة شريف كأول رئيس وزراء أجنبي بعد اختتام المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي يدل على العلاقة الوثيقة بين الجانبين، لكنه يثبت أيضًا أن المجتمع الدولي مستعد لتعزيز العلاقات مع الصين.

العالم من دون الصين

قال شريف في الاجتماع إن العالم لا يمكن أن يعمل من دون الصين، ولا يمكن وقف تنمية الصين أو احتوائها بأي قوة، منوهًا بأن بلاده تدعم مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي التي طرحهما الرئيس شي، وأشار إلى أن الصداقة الباكستانية والصينية لن يهددها أحد، منوهًا بأن بلاده ستقف مع الصين دائمًا.

من جهته، قال تشيان إن الصين ساعدت باكستان من خلال مبادرة الحزام والطريق في حل مشكلتين من مشكلات الاختناق، التي تعاني منها التنمية الاقتصادية، هما البنية التحتية ونقص إمدادات الطاقة، ما أرسى أساسًا متينًا وجعلها مناسبة للتنمية الاقتصادية.

مرحلة متقدمة من التعاون

قال محللون لم تسمهم جلوبال تايمز، إن التعاون سيدخل بعد ذلك المرحلة الثانية من التنمية، الذي يشمل التعاون في القطاعات الإنتاجية والزراعة والمجالات الاجتماعية والمعيشية وغيرها.

من جهته، أشار تشيان إلى أن التنسيق الاستراتيجي الوثيق والفعال بين الصين وباكستان أعطى رسالة واضحة للعالم، مفادها أن البلدان ذات النظم الاجتماعية ومراحل التنمية المختلفة لا يزال بإمكانها تحقيق تعاون مربح للجانبين.

التعاون في الممر الاقتصادي

قال شي في الاجتماع الذي نقلت وقائعه جلوبال تايمز، إن الجانبين سيستفيدان كاملًا من لجنة التعاون المشترك للممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، ودفع العمل في الممر الاقتصادي بكفاءة أكبر، حتى يكون نموذجًا للتعاون المثمر في إطار مبادرة الحزام والطريق.

وأشار شي إلى أنه من المهم تسريع بناء البنية التحتية لميناء جوادر لدوره في دفع عجلة التنمية في المنطقة، منوهًا بأن الجانبين سيعملان معًا لتهيئة الظروف للتنفيذ المبكر لتحديث الميناء، ومضاعفة العمل في مشروع سكك حديد كراتشي.

التعاون في الاقتصاد الرقمي

بحسب تقرير جلوبال تايمز، قال الرئيس شي إن بلاده ستعمل مع باكستان على توسيع التعاون في الاقتصاد الرقمي، والتجارة الإلكترونية، والطاقة الكهروضوئية وتقنيات الطاقة الجديدة الأخرى، واتخاذ خطوات قوية لتعزيز التعاون في مجالات الزراعة والعلوم والتكنولوجيا، وسبل معيشة الشعب.

وأشار شي إلى أن الصين ستواصل بذل قصارى جهدها لدعم باكستان في استقرار وضعها المالي، منوهًا بأن الصين تدعم حليفتها في التعاون مع الشركاء الباكستانيين، لتعزيز التعاون الصناعي وبناء صناعة وطنية قوية، وتأمل في أن يوفر الجانب الباكستاني بيئة أعمال سليمة.

استراتيجية الصين في جنوب آسيا

في حديثها إلى صحيفة داون الباكستانية في تقرير نُشر 4 نوفمبر 2022، قالت الخبيرة الصينية في السياسة الخارجية، يون سون، إن علاقة باكستان بالولايات المتحدة كانت عاملًا في استراتيجية الصين الشاملة لجنوب آسيا، لكن الصين لديها ثقة كبيرة بأن علاقتها مع باكستان مستمرة بصرف النظر عن علاقاتها مع الولايات المتحدة.

وأشارت سون إلى أن الصينيين لا يعتقدون أن إعادة تقييم العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان سيأتي على حساب مصالح الصين في المنطقة، لأن الممر الاقتصادي الباكستاني الصيني سيظل أحد أهم المشروعات بين البلدين.

إعادة التفاوض على الديون

قالت يون للصحيفة، إنه ليس من شأن الولايات المتحدة أن تقترح على باكستان إعادة التفاوض بشأن ديونها مع بكين، مشيرة إلى أنها ترى عزم الولايات المتحدة تخريب العلاقات مع باكستان، وحثت واشنطن على عدم الإساءة للعلاقات الصينية الباكستانية.

وأضافت يون: “ننظر إلى باكستان ونرى عبء ديونها، ولدينا مخاوف بشأن نمو اقتصادها بالطبع، خاصة ونحن نراها متجهة إلى صندوق النقد الدولي ودائنين آخرين، وبالطبع نرى أن الشفافية في باكستان مهمة لنا، لكن ليس من حق الولايات المتحدة أن تقترح عليها حلًّا في ذلك”.

التعاون في مجال الأمن

دخل التعاون الأمني بين البلدين مرحلة جديدة بعد مقتل 3 مدرسين صينيين، في كراتشي في إبريل الماضي، على يد جماعة بلوشية باكستانية متشددة، وبحسب تقرير نُشر في صحيفة ذا ديبلومات الأمريكية 3 نوفمبر 2022، سافر فريق من المسؤولين الصينيين إلى باكستان في أعقاب الحادث للمساعدة في التحقيقات.

ووفقًا للتقرير، دعم المسؤولون الصينيون قوات مكافحة الإرهاب الباكستانية في مجالات مثل استرجاع البيانات من الهواتف المحمولة، وأمضى الفريق قرابة شهرين في باكستان، وساعدت الخيوط التي عثروا عليها في القبض على المشتبه به الرئيس في هجوم كراتشي في يوليو.

تباطؤ المشروعات الاقتصادية

بحسب تقرير ذا ديبلومات، صرحت حكومة شريف قبل زيارته للصين بأن التقدم في مشروعات الممر الاقتصادي تباطأ خلال فترة سلفه عمران خان، وقال شريف إنه كان على دراية بوجود عدة مشكلات في الماضي، لكننا نعتذر عنها، وبعد تولي السلطة في إبريل من هذا العام، حُلت معظم هذه المشكلات.

وقال شريف إن حكومته دفعت نحو 200 مليون دولار مستحقة للشركات الصينية، وأنشأت صندوقًا متجددًا من 600 مليون دولار من قبل بنك الدولة، وتعهد شريف أن تسعى الحكومة لمعالجة مخاوف الصينيين في الأسابيع والأشهر المقبلة، لزيادة الاستثمارات الصينية في إسلام أباد.

ربما يعجبك أيضا