«نخبة شي العسكرية» تقود الصين.. ماذا يعني ذلك لتايوان؟ محللون يجيبون

رنا أسامة

بعد فوز الرئيس الصيني شي جين بينج، بولاية ثالثة تاريخية غير مسبوقة، عيّن موالون له في اللجنة العسكرية المركزية.. فهل يقترب من غزو تايوان التي يدعي أنها جزء من الصين؟


رأت شبكة “سي إن إن” الأمريكية أن إسناد موالين للرئيس الصيني، شي جين بينج، أدوارًا حيوية بالقيادة العسكرية الجديدة، قد يزيد التهديد بحرب في تايوان.

لكن يقول محللون إن التفضيل الصيني “المعلن” بالاستيلاء سلميًًا على الجزيرة المتمتعة بحكم ذاتي، يجب أخذه على علّاته، على الأقل في الوقت الراهن، بحسب ما جاء في تحليل نشرته الشبكة يوم الخميس 27 أكتوبر 2022.

إخضاع سلمي.. لكن لا استبعاد للقوة

أعلن شي، نهاية الأسبوع الماضي، التشكيلة الجديدة للجنة العسكرية المركزية الصينية، التي تعد بمثابة “برلمان داخلي” للحزب الشيوعي الحاكم، وذلك بعد أيام من افتتاحه المؤتمر الـ 20 للحزب بخطاب تعهّد فيه بوضع تايبيه تحت سيطرة بكين.

ووسط تصفيق مدوٍ، قال الرئيس الصيني إن إخضاع تايوان لسيطرة الصين سيجري سلميًّا، لكنه كرر موقف بكين “الراسخ”، الممثل في رفض استبعاد اللجوء للقوة، وفق تحليل “سي إن إن”.

الصين وتايوان....

نخبة «شي» العسكرية

القيادة الجديدة للجنة العسكرية المركزية الصينية، وهي السلطة العليا المسؤولة عن جيش التحرير الشعبي، تضم ضباطًا يعرفون بأنهم “نخبة شي العسكرية”، ذوي خبرات ومهارات من شأنها أن تمثل مفتاحًا لغزو تايوان، ما أثار مخاوف من أن هذه الخطوة قد تكون وشيكة.

وخلال العام الماضي، كثفت الصين على نحو كبير ترهيبها لتايوان، تلك الجزيرة، البالغ عدد سكانها 24 مليون نسمة، زعمًا بأنها جزء من الأراضي الصينية، بالرغم من أنها لم تسيطر عليها مطلقًا. وأرسلت بكين عشرات الطائرات والسفن قرب تايوان، وأطلقت صاروخًا فوق الجزيرة.

مخاوف من غزو وشيك

في وقت سابق هذا الشهر، أبدت رئيسة تايوان، تساي إنج وين، استعدادها للعمل مع الصين لإيجاد “طرق مقبولة لكلا الطرفين”، حفاظًا على السلام عبر مضيق تايوان، لكنها شددت في الوقت ذاته على أنه لا “مجال لتسوية” بشأن سيادة الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي.

وأثار الخطابان الصيني والتايواني، توازيًا مع مناورات بكين العسكرية الأخيرة قرب الجزيرة، مخاوف من محاولة عسكرية صينية تلوح في الأفق لغزو تايوان، وهو أمر يستبعده خبراء عديدون، بحسب ما نقلت “سي إن إن” في تحليلها.

حرب ساخنة غير مرجحة

بحسب محللون، فإن اللجنة العسكرية الصينية، المؤلفة من 6 أعضاء بقيادة شي، لا تبدو كـ”مجلس حرب”، بل هيئة معنية بمواصلة التحديث الممنهج للجيش الصيني، أكبر جيوش العالم، استمرارًا للهدف الذي وضعه الرئيس في العام 2015.

واستبعد الزميل الباحث المشارك في برنامج الصين بمعهد الدفاع والدراسات الاستراتيجية بسنغافورة، جيمس شار، “نشوب حرب ساخنة بآسيا” في المستقبل المنظور، متوقعًا أن يواصل الجيش الصيني محاولة تحقيق الأهداف الوطنية، من خلال “العمل بمستوى أدنى من عتبة الحرب على المديين القريب والمتوسط”.

الصين وغزو محتمل لتايوان

قوة عالمية

أشارت “سي إن إن”، في تحليلها، إلى أن أحد الأهداف الرئيسة، التي حددها شي منذ توليه الحكم، تمثل في جعل جيش التحرير الشعبي قوة قتالية عالمية المستوى، موازية بصفة أساسية للجيش الأمريكي، بحلول 2049.

وتحقيقًا لهذا الهدف، وضع شي خارطة طريق شملت التركيز على العمليات المشتركة، وتدريب أفرع جيش التحرير الشعبي الصيني على العمل كفريق واحد في أوقات النزاع، وهو أمر ضروري لأي غزو محتمل لتايوان، بحسب “سي إن إن”.

عرض صيني للقوة

قال محللون إن ترقية القائد السابق لقيادة المسرح الشرقي بجيش التحرير الشعبي الصيني، الجنرال هي واي دونج، إلى منصب نائب اللجنة العسكرية المركزية، التي يقودها شي، تعكس التزام بكين بالعمليات المشتركة، لا سيما أنه أشرف على تكامل عمليات الجيش عبر مضيق تايوان، عند توليه قيادة المسرح الشرقي في 2019.

وفي وقت سابق من العام الحالي، تحديدًا بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، إلى تايوان، في أغسطس الماضي، قدم الجيش الصيني عرضًا للقوة بعملية مشتركة شملت وحدات بحرية وجوية وصاروخية، في “محاكاة حصار” للجزيرة، وأرسل صواريخ باليستية فوقها. وكانت هذه تجربة غير مسبوقة للهيئة المركزية لصنع القرار، وفق “سي إن إن”.

الصين وتايوان 1

خبرات ومهارات

مدير الأبحاث في معهد دراسات الفضاء الجوي الصيني في واشنطن، رود لي، قال إن هي واي دونج أول ضابط صيني باللجنة العسكرية المركزية يختبر تجربة القيادة المشتركة، بما أصقل خبرته على نحو يؤهله للمشاركة في أي عملية تخص تايوان.

وأضاف أنه اكتسب خبرات عسكرية وبحرية وجوية وصاروخية، كما تعلّم كيفية تنفيذ خطة تعبئة وطنية، ودمج وحدات مساعدة، بما في ذلك “الشرطة المسلحة الشعبية”، مشيرًا إلى أنه أول ضابط صيني يتعامل، على المستوى التشغيلي، مع الإصلاحات التي أدخلها شي على جيش التحرير الشعبي الصيني.

سمة رئيسة

بجانب تجربة القيادة المشتركة، يتمتع واي دونج بسمة رئيسة أخرى مطلوبة في القيادة العليا للجيش الصيني، وهي خبرته الميدانية في المواقف العدائية، منذ تولى قيادة المسرح الغربي خلال اشتباكات حدودية مع الهند في دوكلام عام 2017.

ووصفه المدير السابق للعمليات بمركز الاستخبارات المشتركة التابع للقيادة الأمريكية في المحيط الهادئ، كارل شوستر، بأنه أحد أشهر “نخبة شي العسكرية”، بجانب زميله النائب الثاني للرئيس الصيني، الجنرال تشانج يوشيا.

شي وهي واي دونج

شي وهي واي دونج

حليف مخلص

ينظر كثيرون إلى يوشيا، الذي خدم والده إلى جانب والد شي في الحرب الأهلية الصينية، على أنه حليف مخلص للزعيم الصيني، في حين خدم في اللجنة العسكرية الصينية السابقة، وترقى بالرغم من تجاوزه سن التقاعد غير الرسمي، البالغ 68 عامًا.

ومن وجهة نظر الزميلة البارزة المعنية بشؤون الصين بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، ميا نوينز، فإن ترقية تشانج تعكس اهتمام شي بمعيارين أساسيين: وهما الولاء، وامتلاك خبرة في القتال الحربي، كونه من قدامى المحاربين في الحرب الصينية الفيتنامية عام 1979.

تشانج يوشيا 1

تشانج يوشيا

أولوية واضحة

في الوقت نفسه، يتمتع تشانج بخبرة رئيسة أخرى نابعة من إدارته السابقة لقسم المعدات باللجنة العسكرية الصينية، وإشرافه على تسليح جيش التحرير الشبعي تكنولوجيًّا، وتزويده بأجهزة متطورة، حسب ما لفت زميل الأبحاث البارز بمركز دراسة الشؤون العسكرية الصينية التابع لجامعة الدفاع الوطني الأمريكية، جويل ووثنو.

وذكر ووثنو أن تسليح الجيش الصيني بتكنولوجيا متطورة أولوية واضحة لشي، في حين يركز تقرير عمل مؤتمر الحزب الشيوعي على الحاجة إلى زيادة المعدات “الذكية”، بما في ذلك الأنظمة غير المأهولة، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، والصواريخ فائفة سرعة الصوت.

قتال مستبعد

في حين أن اللجنة العسكرية الصينية تضم أفرادًا من “نخبة شي العسكرية”، ومتخصصين في اقتناء أسلحة، يستبعد محللون قتالًا قريبًا عبر مضيق تايوان، معللين ذلك بأن تحديث الجيش الصيني يستغرق وقتًا لتحقيق احتمالات جيدة لإنجاح تلك المهمة.

وفي هذا الصدد، نوه الباحث السنغافوري شار بأن الجيش الصيني على دراية، بأنه يواجه نقصًا في المعدات والجنود المدربين على عمليات إنزال برمائي، ويعي بأنه لا يمتلك القدرة على شن غزو مسلح على تايوان، على المديين القريب والمتوسط. وكذلك قال مدير الأبحاث في الجامعة الجوية الأمريكية، لي، إن الغزو المحتمل لا يحمل ضرورة سياسية.

ربما يعجبك أيضا