نسكافيه جبس وبودرة سيراميك.. مسؤولون يكشفون لـ«رؤية» التأثيرات الصحية وجهات رقابية ترد

آية محمد

عبوات لا تستطيع التفرقة بينها وبين المنتج الأصلي تباع في الأسواق، ولكنها مصنعة من الجبس والأسمنت وبودرة السرياميك، فما أضرارها؟ وكيف تتعامل الجهات الرقابية مع الأمر؟


انتشر، في الفترة الأخيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو لتصنيع عدد من عبوات النسكافيه والفانيليا، يدخل في تكوينها الجبس والأسمنت وبودرة الأسمنت.

وتنتشر هذه العبوات في الأسواق، ولا يمكن التفرقة بينها وبين المنتجات الأصلية، ولذلك في السطور الآتية يكشف متخصصون وجهات رقابية لشبكة رؤية الإخبارية كيف تؤثر هذه المنتجات في صحة المواطنين، وما إجراءات التصدي لها ووقف بيعها في الأسواق؟

صناعات عبوات النسكافيه بالجبس

وثق الفيديو المتداول تصنيع عبوات النسكافيه بأنواعه، والفانيليا والباكينج باودر بمكونات غير صالحة للاستخدام وخلطها بالجبس والأسمنت لتبدو بنفس الشكل النهائي للمنتجات الأصلية.

وتباع بعدها في الأسواق بتطابق مذهل في شكل العبوات، فلم تكتف صناعات بئر السلم بإنتاج خليط يشبه في شكله الخليط الأصلي، وإنما صنعت أيضًا عبوات تغليف لا يمكن التفرقة بينها وبين الشكل النهائي للمنتج الأصلي.

«حماية المستهلك» يطالب وزارة الصحة بالرقابة

علقت رئيسة الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك، سعاد الديب، في تصريحات لشبكة رؤية الإخبارية، على الفيديو المتداول مطالبة وزارة الصحة بإصدار بيان تحذر فيه المواطنين من شراء المنتج المتداول، وأن تؤكد عدم صحة هذا المنتج، وذلك بعد فحصه في معامل متخصصة لحماية المستهلك من الضرر.

وشددت الديب على دور جهاز حماية المستهلك في إغلاق هذه المصانع غير المرخصة. وعن العقوبات المنتظرة للقائمين على هذه الصناعات قالت إن الأشخاص الذين يعملون في المنتجات غير الصالحة للاستخدام الآدمي يقعون تحت قائمة الغش التجاري.

صناعات بئر السلم كثيرة

أشارت سعاد الديب إلى وجود عدد كبير من المصانع والشركات التي تعمل على نحو غير قانوني، أو في ما يعرف بـ”صناعات بئر السلم” ولا يوجد عليها رقابة، لعدم معرفة أماكنها، ما يسمح لهم بإنتاج منتجات بمواد غير صالحة للاستخدام الآدمي.

وأرجعت رئيسة الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك انتشار هذه المصانع إلى رغبة أصحابها في المكسب السريع، دون أن يكون عليهم رقابة أو التزامات ضريبية، مشددة على ضرورة أن يمتنع أصحاب منافذ البيع عن تسلم منتجات من موزعين مجهولين.

كيف تصل المنتجات المغشوشة إلى منافذ البيع؟

قال رئيس جهاز حماية المستهلك سابقًا، الدكتور أحمد سمير لشبكة رؤية الإخبارية، إن معظم الدول العربية والآسيوية تعاني ظاهرة مصانع بئر السلم وتنتج منتجات غير صالحة للاستهلاك الآدمي، مرجعًا ذلك إلى عدد من الأسباب، بينها الأوضاع الاقتصادية والقانونية.

وأوضح أن الغش التجاري موجود في عدد من المجالات، أبرزها الصناعات الغذائية، فيباع بعض المنتجات الجديدة بمكونات ضارة، في حين يلجأ آخرون إلى تقليد المنتجات الأكثر مبيعًا وطرحها بعد ذلك في الأسواق، مثلما حدث في الفيديو الأخير.

وأوضح سمير أن المنتج المقلد لا يعرض في الأسواق الكبيرة، ولكن في المحالات الصغيرة، خاصة أن أصحاب هذه المحالات يتعاملون مع موزعين يبيعون أكثر من منتج، ويستغلون الأمر لوضع الكثير من المنتجات المغشوشة بين المنتجات الأصلية، دون علم أصحاب منافذ البيع بذلك.

توقعات بزيادة انتشار المنتجات المقلدة

أشار سمير إلى أنه لكي تقل هذه الظاهرة، على الدولة إنشاء المصانع الرسمية، وتسهيل إجراءات الإنشاء، والمحاربة الأساسية لهذه الظاهرة تكمن في الأساس في التكنولوجيا، عن طريق تخصيص كود لكل مصنع، يوضع على العبوات المصنعة لا يمكن تقليده، يطمئن إليه المستهلك والتاجر معًا.

وأوضح الرئيس السابق لجهاز حماية المستهلك أن اتباع هذه الطريقة يسهل على الأجهزة الرقابية الخاصة بحماية المستهلك، مراقبة المنتجات التي تنتجها المصانع وتبيعها في الأسواق عن طريق سيستم مسجل عليه هذه الأكواد، وبالتالي تتبع هذه المنتجات بسهولة بداية من تصنيعها حتى وصولها إلى المستهلك.

 وتوقع رئيس جهاز حماية المستهلك السابق زيادة انتشار المنتجات المقلدة، مؤكدًا أن اتباع نظام الأكواد سيكون له دور كبير في الحد من هذه الظاهرة، وبالتالي حماية المستهلك من الأضرار الصحية الناتجة عن تناول هذه المنتجات.

المستهلك هو السبب

يقول استشاري التثقيف والإعلام الغذائي الدكتور مجدي نزيه، إن الأسباب وراء زيادة انتشار المنتجات المقلدة كثيرة، أهمها المستهلك ذاته، وذلك لأنه يقبل على شراء المنتج “الرخيص”، مشددًا على ضرورة شراء المنتجات من أماكن موثوقة وذات مصداقية وتجنب الشراء من أماكن مجهولة لقلة أسعارها.

ورأى نزيه أن الأزمة ليست في غلاء الأسعار، وإنما في أن المستهلك لم يستطع إيجاد البدائل المناسبة، وهنا تأتي أهمية الوعي الغذائي، وعدّ استشاري التثقيف والإعلام الغذائي أن عدم الوعي هنا ليس فقط للمستهلك، وإنما للتاجر أيضًا الذي يغريه السعر القليل والمكسب الكبير.

ماذا تفعل هذه المنتجات في جسم الإنسان؟

قال أستاذ أمراض الباطنة والكبد في المركز القومي للبحوث، الدكتور سعيد شلبي، إن المواد الكيميائية والجبس الذي يستخدم في المواد الغذائية، تتسبب في أمراض خطيرة كالفشل الكلوي، والكبد، وأن البعض يستخدم زيت السيارات في المنتجات بدلًا من زيت الطعام وهو ما ينهي حياة الكثير بعد صراع مع المرض.

وأشار شلبي إلى أن أصحاب مصانع بئر السلم، أشخاص متعلمة، خاصة في المجال الكيميائي، حتى يتمكنوا من خلط المواد بطريقة مقاربة للمنتج الأصلي دون الشعور باختلاف.

 

وأضاف أن الغذاء غير السليم سيؤدي إلى الإصابة بالأمراض، ففي الماضي لم تكن نسبة الأمراض مرتفعة مثل ما نرى في الوقت الحالي، فتؤثر المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة المنتجات غير المرخصة، في الصحة، ولا يشعر الشخص بالأعراض إلا على المدى البعيد، وحسب الكمية التي يتناولها.

منتجات مقلدة تسبب السرطان

قالت استشارية علاج السموم في المركز القومي للسموم بقصر العيني، الدكتورة نشوى شرف، في تصريحاتها لشبكة رؤية الإخبارية إن “بودرة السيراميك والجبس تحتوي على مادة تسمى الأسبستوس تتسبب في إصابة الغشاء البلوري للرئه بالسرطان، وهذا قد يؤدي إلى الوفاة على المدى البعيد”.

وأضافت شرف أن المصانع غير الآدمية تستخدم هذه المواد الضارة في المنتجات الغذائي، وأحيانًا يستخدمون مادة الرصاص، ما يتسبب في إصابة الأشخاص المتناولين لهذه المنتجات بفشل كلوي وتلوث في الدم.

وتابعت: “سيصاب من يتناولون هذه المواد أيضًا بالأنيميا، وتحدث مشكلات في الجهاز العصبي للأطفال، ويضعف نموهم بنحو صحي، إلى جانب مكسبات اللون والطعم التي تستخدم في المنتجات، التي تتسبب في زيادة الإصابة بالأمراض السرطانية المختلفة”.

أصحاب محال تجارية يردون

في المقابل قال صاحب أحد المحال التجارية إنه لا ياخد البضائع إلا من مندوبي الشركات ذاتها، ويتأكد من ذلك عن طريق الفاتورة، مشيرًا إلى أنه لم يأت إليه أحد ليبيع المنتج بسعر قليل، فجميع المنتجات تكون بسعرها الأصلي والمتعارف عليه.

وأضاف بقال آخر أنه عندما يأتي إليه مندوب الشركة الموزع بمنتجات غير معروفة الهوية، لا يقبل شراءها أو مجرد عرضها ضمن بضاعته المباعة، رغم قلة سعرها بالنسبة إليه، ما يعني زيادة هامش ربحه.

ربما يعجبك أيضا