نظام “بيدو” .. برنامج بكين الفضائي لكسر احتكارية واشنطن

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي 

بإطلاق القمر الاصطناعي الخامس والخمسين لنظام بيدو للملاحة بالأقمار الاصطناعية، يكون قد اكتمل بناء هذا النظام الملاحي الصيني. تمت عملية إطلاق القمر الأخير في نهاية يونيو عام 2020، بمركز شيتشانغ لإطلاق الأقمار الاصطناعية في مقاطعة سيتشوان.

لا تترك الصين فرصة لمنافسة الولايات المتحدة في أي مجال إلا وانتهزتها، وها هي بكين تناطح واشنطن حتى في نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس). فقد أطلقت الصين، الثلاثاء، آخر قمر صناعي ضمن نظامها “بيدو” الذي يحاكي نظام “جي بي إس”، مما يمثل خطوة أخرى في تقدم البلاد كقوة فضائية رئيسية.

التشغيل البيني لأنظمة متعددة

ذكرت تقارير، في الآونة الأخيرة، أن “نظام بيدو للملاحة مستخدم في ساعات اليد لأفراد القوات الجوية الأمريكية”، مما يشير إلى أن معظم منتجات نظام الملاحة العالمي بواسطة الأقمار الاصطناعية (GNSS) في العالم تدعم التوافق والتشغيل البيني مع الأنظمة المتعددة سواء في السوق الصينية أو السوق الدولية. هذا منتج لا بد منه من أجل المنافسة في السوق وأصبح ممارسة شائعة في السوق العالمية الحالية لنظام الملاحة العالمي بواسطة الأقمار الاصطناعية.

تولي الصين أهمية كبيرة لبناء وتطبيق نظام بيدو للملاحة. في بداية بنائه، تم وضع هدف تطوير نظام بيدو إلى نظام ملاحة عالمي بواسطة الأقمار الاصطناعية لتقديم خدمات مستمرة ومستقرة وموثوقة للمستخدمين في أنحاء العالم. كما سعى نظام بيدو أيضا إلى الاندماج بنشاط في عائلة الملاحة العالمية بواسطة الأقمار الاصطناعية، مما يتيح للمستخدمين العالميين الاستمتاع بخدمات نظام بيدو.

منذ تقديم نظام بيدو خدمات التشغيل التجريبية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في نهاية عام 2011، تم نشر ملفات هذا النظام بشكل متكرر، مثل مستندات التحكم في الواجهة (ICD) ومواصفات أداء الخدمة ونظام خدمة التطبيقات لنظام بيدو، ودعيت الشركات من جميع أنحاء العالم لاستخدام نظام بيدو. في الوقت الحاضر، أصبح دعم تطبيق نظام بيدو نهجا عاما للشركات الدولية الرئيسية المصنعة لأنظمة الملاحة العالمية بواسطة الأقمار الاصطناعية. لذلك، ليس من المستغرب أن يستخدم أفراد القوات الجوية الأمريكية نظام بيدو في ساعاتهم.

طموح بلا حدود

يتذكر العالم نجاح مهمة شنتشو المأهولة في أكتوبر عام 2003 والتي أبرزت للعالم الصين كقوة فضائية صاعدة، وإن كان البرنامج الفضائي الصيني متنوع وأقدم بكثير. غير أن نجاح المهمات المأهولة معقد ويتطلب درجة عالية من التراكم التكنولوجي، وكانت الصين حينها ثالت دولة في العالم تتمكن من إرسال إنسان إلى الفضاء بعد الولايات المتحدة وروسيا.

ومنذ ذلك الحين والقوى العالمية الأخرى تراقب عن كثب تطور برنامج بكين الفضائي، خصوصا الولايات المتحدة التي تربطها علاقات معقدة مع العملاق الأسيوي. أول قمر صناعي أطلقته الصين، كان بواسطة صاروخ يعود لعام 1970. إلا أن البرنامج بدأ بشكل فعلي وواسع عام 1992، وتشارك في إدارته المؤسسة العسكرية. ولعل أهم إنجازات البرنامج الفضائي تحقق في يناير/ كانون الثاني 2020 حينما نجحت الصين في إرسال مسبار “تشانغ آه ـ4” إلى الوجه المظلم من القمر.

وتسعى الصين جاهدة لبناء محطة فضائية خاصة بها تنافس محطة الفضاء الدولية التي يشارك فيها الأوروبيون والأمريكيون والروس منذ فترة طويلة. وبهذا الصدد كتب بيتر شتورم محرر الشؤون العلمية في “فرانكفورته ألغماينه تسايتونغ” (الرابع من يناير/ كانون الثاني 2019) أن السبب في ذلك “يرجع في المقام الأول إلى الأمريكيين الذين رفضوا مشاركة الصين قبل بضع سنوات (في المحطة الدولية)”. وهذا ما جعل الصينيين يرفعون التحدي بالاعتماد على إمكانياتهم الذاتية.

في سياق متصل، خصصت “شبكة الإعلام الألمانية” RND على موقعها يوم (السادس من يونيو 2020) مقالاً مطولاً حول البرنامج الفضائي لبكين، تطرقت فيه إلى سلسلة التجارب الصاروخية والجيل الجديد من المركبات الفضائية الصينية. وذكرت بالخصوص نجاح تجربة نموذج أول من صاروخ طراز “5ب”، بعلو 53 مترا الذي سيحمل مركبات فضائية صينية قادرة على حمل ست رواد فضاء دفعة واحدة. “نجاح يعتبر شرطاً لنجاح متطلبات برنامج الفضاء الصيني الطموح الذي يخطط لرحلات إلى القمر والمريخ ولإنشاء محطة فضائية صينية دائمة”، يقول التقرير.

 

ربما يعجبك أيضا