نفوذ متزايد رغم الخسائر.. لماذا تنشط «فاجنر» في إفريقيا الوسطى؟

محمد النحاس

مع تزايد الضغوط الغربية، تناور روسيا جنوبًا بحثًا عن حلفاء جدد، وثروات ثمينة.. فما دور مجموعة فاجنر في هذا الصدد؟


تكبدت مجموعة فاجنر الروسية، خسائر كبيرة خلال معاركها مع متمردين بإفريقيا الوسطى.

ومنذ عام 2018 تتواجد المجموعة الروسية في إفريقيا الوسطى، وتدعم الحكومة في قتالها ضد متمردين، في المنطقة ذات الثروات المعدنية الحيوية.

قتلى روس

نقلت صحيفة الجارديان البريطانية، عن متمردين إدعائهم سقوط ما بين ما بين 7 و17 قتيلًا روسيًا، خلال معارك بينهم وبين قوات فاجنر المدعومة حكوميًا.

وبحسب الجيش الوطني، سقط 7 قتلى روس، في واحدة من أدمى المواجهات بين الروس ومتمردين منذ معارك موزمبيق عام 2019 مع متمردين إسلاميين، وذلك في كمين نصبه متمردون.

ويقدر عدد أفراد المجموعة العسكرية القريبة من الكرملين بإفريقيا الوسطي 1000 عنصر، يحاولون بسط نفوذهم على مناجم الذهب، في وقت تواجه فيه روسيا عقوبات اقتصادية غير مسبوقة إثر الحرب الروسية الأوكرانية.

توترات متكررة

بدأت الاشتباكات بين قوات فاجنر المدعومة حكوميًا، والمتمردين منذ أسبوعين على مقربة من الحدود مع الكاميرون وتشاد، واندلعت مرةً أخرى توترات قرب الحدود السودانية، الأسبوع الماضي.

97684

وقالت الصحيفة البريطانية إن تقارير حقوقية زعمت ارتكاب المجموعة الروسية انتهاكات إنسانية، وينتشر مقاتلو فاجنر بـ12 دولة إفريقية في ظل مساعي روسية لبسط نفوذها بمناطق جديدة.

صدامات مستقبلية

يسيطر النظام الحاكم في إفريقيا الوسطى على مقاليد الأمور، مستعينًا بقوات فاجنر، إلا أن التصعيد المتكرر، وتردي الأوضاع الاقتصادية يشي بتغيرات مستقبلية على الصعيد السياسي، وفقا للجارديان، ويزعم المتمردون أن المجموعة الروسية “تسرق ثروات وموارد البلاد”.

علاوة على ذلك، من المرجح أن تتزايد الصدامات مستقبلًا بين فاجنر ومجموعات المتمردين، التي اتحدت لدحر النفوذ الروسي المتزايد، وللدفاع عن مناجم التعدين الخاصة بهم.

سخط متزايد

شددت الدبلوماسية السابقة والمعارضة للنظام الحالي، ماري رين حسن، على ضرورة رحيل الرئيس الحالي لإفريقيا الوسطى، فوستان آرشانج تواديرا، في ظل “تدهور الأوضاع المعيشية والسخط الشعبي المتزايد”، وفقًا لما نقلت الجارديان.

وقالت الصحيفة إن التوترات بدأت العام الماضي، إذ اجتاح مقاتلو فاجنر مخيمات العمال على طول الحدود المحازية للسودان، “وارتكبوا عدة مذابح على مدار 6 أسابيع خلفت حصيلتها عشرات القتلى”، بحسب شهود عيان نقلت عنهم الجارديان.

نشاط متصاعد

تحاول مجموعة فاجنر السيطرة على مناجم الذهب والماس، ما قد يوفر غطاءًا ماديًا لدعم الروبل الروسي مع تزايد الضغوط الاقتصادية، ووفقًا للجارديان، ارتبطت فاجنر بما يزيد عن 70% من عمليات العنف السياسي في مالي وإفريقيا الوسطى، بحسب دراسة أجرتها منظمة غير حكومية.

وبحسب منظمة هيومن رايتس وتش، فقد تورطت القوات القريبة من الكرملين في عمليات تعذيب وقتل ضد مدنيين، وكانت الولايات المتحدة قد صنفت مجموعة فاجنر “منظمة إجرامية عابرة للحدود”، وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات ضد ما أسمته “شبكات دعم المجموعة”.

وتدعم قوات فاجنر الجيش الروسي في معاركه بأوكرانيا، ويخوض أفراد المجموعة قتالًا ضاريًا في الوقت الحالي مع القوات الأوكرانية بغية السيطرة على مدينة باخموت شرقي أوكرانيا.

روسيا والقارة السمراء

منذ عام 2019 وبعد قمة سوتشي الإفريقية الروسية، تشهد القارة السمراء حضورًا متزايدًا للروس، بعد انحسار هذا التواجد إثر انهيار الاتحاد السوفيتي، إلا أنه منذ صعود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدأ الاهتمام الروسي بالقارة الإفريقية يتزايد، في المنطقة التي تشهد نزاعات عرقية ودينية مستمرة، وصراعًا بين قوى شرقية طامحة للصعود، وأخرى غربية آخذة في الهبوط بالمنطقة الغنية بالموارد، والفقيرة اقتصاديًا، فما أبعاد هذا الصراع؟

أفادت خبيرة الشؤون الإفريقية، رشا رمزي، في تصريحات لـ شبكة رؤية الإخبارية، أن الحرب الروسية الأوكرانية وما تلاها من عقوبات غربية، أدت إلى عزل روسيا، ما دفع موسكو للسعي لتشكيل تحالفات في أجزاء أخرى من العالم.

6d1770d1 6d3f 4c0f a271 5715a7c7e128

لفتت الباحثة المتخصصة في الشؤون الإفريقية، رشا رمزي، إلى تزايد النفوذ الروسي بإفريقيا.

بحسب رشا رمزي، كانت منطقة الساحل الإفريقي وجنوب الصحراء هي الخيار الأمثل في ظل الاضطرابات التي تعيشها المنطقة، وفقًا للباحثة المتخصصة في الشؤون الإفريفية.

وأردفت أن المجموعة شبه العسكرية، وفرت غطاءًا لتواجد الروس دون تحمل التبعات السياسية والمالية للوجود العسكري الرسمي، في إفادة الباحثة لشبكة رؤية.

لماذا ازداد النفوذ الروسي في إفريقيا؟

لفتت الباحثة رشا رمزي إلى تزايد النفوذ الروسي، أمام النفوذ الغربي، المثقل بالعبء الاستعماري، وهو ما حدث في مالي وبوركينا فاسو، مشيرة إلى أن الأخيرة تسعى للاستعانة بمجموعة فاجنر في مواجهة النشاط الإرهابي بالمنطقة، في مقابل الحصول على امتيازات تعدين الذهب.

وبحسب خبيرة الشؤون الإفريقية، فإن روسيا ليس لديها تاريخ استعماري في إفريقيا، وتقدم نفسها كـ”شريك في مرحلة ما بعد الاستعمار”، مشددة على أن عدة حكومات إفريقية ترغب في “عالم متعدد الأقطاب”، وهي الرغبة التي لم يتوانى الروس عن استغلالها.

ربما يعجبك أيضا