«نقص العمالة» يدفع روسيا لاستغلال النساء والسجناء

كيف تفرض الحرب تغييرات جذرية على سوق العمل الروسي؟

شروق صبري
عمل الفتيات الروسيات في المحاجر

رفعت روسيا الحظر عن عمل النساء في المناجم لتعويض نقص القوى العاملة بسبب الحرب في أوكرانيا


في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه روسيا بسبب الحرب المستمرة في أوكرانيا، تستعد الحكومة الروسية لاتخاذ خطوة هامة تتمثل في رفع الحظر المفروض على النساء للعمل في المناجم المفتوحة والمحاجر.

هذه الخطوة تأتي في إطار محاولة تعويض النقص الكبير في القوى العاملة، والذي تفاقم بسبب عمليات التجنيد الكبيرة التي تجريها الحكومة لتلبية احتياجات الجيش في مواجهة الخسائر الكبيرة التي تكبدتها منذ بداية الصراع في فبراير 2022.

تاريخ الحظر على عمل النساء

في عام 2000، أصدرت الحكومة الروسية قرارًا يحظر على النساء العمل في 456 مهنة، من بينها العديد من الوظائف التي تتطلب جهودًا بدنية عالية أو تشكل خطرًا على الصحة. كان هذا الحظر جزءًا من سياسة حماية النساء من المخاطر المهنية التي قد تؤثر سلبًا على صحتهن، وفقًا لما كانت تراه السلطات الروسية في ذلك الوقت.

لكن في عام 2021، تم تقليص هذه القائمة لتشمل حوالي 100 مهنة فقط، ما سمح للنساء بالعمل في وظائف مثل سائقات الشاحنات، سائقات قطارات الأنفاق، وأفراد طواقم السفن التجارية. وفق ما نشرت صحيفة التليجراف البريطانية يوم 27 سبتمبر 2024.

التكنولوجيا الحديثة تقلل المخاطر

أكدت وزارة العمل الروسية في بيان حديث أن التطورات التكنولوجية والتحديثات في العمليات الصناعية قد قللت من المخاطر الصحية التي كانت تعيق عمل النساء في هذه المجالات سابقًا.

وأشارت الوزارة إلى أن “التحديث في المعدات وطرق العمل قد أزال التأثيرات الضارة على الجسم الأنثوي عند تشغيل الآلات ذاتية الحركة”. هذا التحسن في بيئة العمل هو ما دفع الحكومة إلى إعادة النظر في القيود المفروضة على عمل النساء في المناجم والمحاجر.

نساء روسيات يعلمن في المحاجر

نساء روسيات يعلمن في المحاجر

تأثير الحرب على القوى العاملة

منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، باتت روسيا تواجه نقصًا حادًا في القوى العاملة، حيث أدت عمليات التجنيد المكثفة التي تقوم بها الحكومة إلى استنزاف القوى العاملة من العديد من القطاعات الاقتصادية الحيوية.

ووفقًا لمحللين، فقد تسبب ذلك في ضغط كبير على الاقتصاد الروسي، خاصة في القطاعات التي تتطلب مهارات فنية وعمالة مدربة، مثل قطاع التعدين. ولتعويض هذا النقص، لجأت الحكومة إلى إشراك النساء في وظائف كانت سابقًا مخصصة للرجال فقط.

التحديات الاقتصادية في زمن الحرب

إلى جانب النقص في القوى العاملة، تواجه روسيا تحديات اقتصادية أخرى نتيجة للحرب، من بينها ارتفاع معدلات التضخم التي وصلت إلى 9%، وهو ضعف الهدف الذي حدده البنك المركزي الروسي.

وللتعامل مع هذا الوضع، رفعت السلطات الروسية أسعار الفائدة إلى 19%، وهو أعلى مستوى لها منذ بدء الحرب. هذا الارتفاع في معدلات الفائدة يأتي في محاولة للسيطرة على التضخم الناجم عن الرواتب المرتفعة التي تقدمها الحكومة لجذب المزيد من المتطوعين للجيش.

ارتفاع الرواتب

من أجل تعويض الخسائر الكبيرة التي تكبدتها في الحرب، تبنت الحكومة الروسية سياسة تقديم رواتب مرتفعة وحوافز جذابة للمتطوعين في الجيش، ما ساهم في جذب العديد من الشباب.

وفقًا لتقارير محلية، يمكن للجنود الذين ينضمون إلى القوات المسلحة الروسية أن يتوقعوا زيادات كبيرة في رواتبهم مقارنة بالوظائف المدنية. وأشارت إحدى الممرضات إلى أنها يمكن أن تضاعف راتبها ثلاث مرات إذا وافقت على العمل في الخطوط الأمامية، حيث يصل راتبها إلى 1,500 جنيه إسترليني شهريًا، وهو مبلغ يغري الكثيرين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

مشاركة النساء

مع تزايد النقص في القوى العاملة، بدأت الحكومة الروسية في الاعتماد بشكل أكبر على النساء لسد الفجوات في قطاعات مثل الصناعة وإنتاج الأسلحة.

ورفع الحظر عن عمل النساء في المناجم والمحاجر يعكس هذا التحول، حيث تسعى الحكومة إلى إشراك النساء في وظائف كانت تُعتبر سابقًا حكرًا على الرجال. هذه الخطوة تأتي كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى استغلال كل القوى العاملة المتاحة لدعم الاقتصاد في زمن الحرب.

دور السجناء في سد النقص

إلى جانب إشراك النساء، تبنت الحكومة الروسية سياسة أخرى تهدف إلى استخدام السجناء لسد النقص في القوى العاملة.

وفي العام الماضي، أقرّت السلطات خطة تسمح للسجناء بالعمل في المصانع والمستودعات، في خطوة تهدف إلى دعم الإنتاج الصناعي وتخفيف الضغط على القطاعات المتضررة. هذه السياسة تعتبر جزءًا من الجهود المبذولة لتعويض الخسائر البشرية في صفوف العمال المدربين.

ربما يعجبك أيضا