نمو ألمانيا الاقتصادي في خطر.. ما السبب؟

آية سيد
نمو ألمانيا الاقتصادي في خطر.. ما السبب؟

من دون تحول كبير، ستشهد القوى العاملة في ألمانيا انكماشًا هائلًا في السنوات المقبلة، ما يقوّض النمو الاقتصادي.


كشفت شبكة بلومبرج الأمريكية أن ألمانيا تواجه نقصًا شديدًا في عدد العمال، ما يعرِّض نموها للخطر.

ولفتت بلومبرج، في تقرير منشور اليوم الأربعاء 7 يونيو 2023، إلى أن نمو الدولة صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا، قد يصبح محدودًا عند 1% في العام لعقود.

نهاية الازدهار

أفاد نموذج أعده معهد بحثي تابع للحكومة الألمانية بأن القوى العاملة في ألمانيا، البالغ قوامها 47 مليون شخص، ستتوقف عن النمو قريبًا، وربما توقفت بالفعل.

حسب بلومبرج، قد تمثل تلك اللحظة ذروة الدورة الاقتصادية الفائقة التي حولت دولة محطمة بسبب الحرب إلى قوة تصنيعية وواحدة من أغنى دول العالم.

اقرأ أيضًا| حوار| خبير ألماني لـ«رؤية»: الانفصال عن الصين اقتصاديًّا باهظ التكلفة

وبصرف النظر عمَّا سيحدث لاحقًا، فإن العصر الذي شهدت فيه الأجيال الألمانية ارتفاعًا في مستويات المعيشة نتيجة لتوسع القوى العاملة يقترب من نهايته.

وفي وقت مبكر من هذا العام، أعلن بنك التنمية الألماني KfW أن أساس نمو الازدهار “ينهار”.

انكماش القوى العاملة

أشارت بلومبرج إلى “دون تحول كبير، ستشهد القوى العاملة في ألمانيا انكماشًا هائلًا في السنوات المقبلة، ما يقوض النمو الاقتصادي، ويعزز ضغوط التضخم، ويشكل تحديات صعبة على شركات التصنيع التي تمثل دعامة أكبر اقتصاد في أوروبا”.

اقرأ أيضًا| ألمانيا تقرر فتح باب الهجرة أمام العمالة الأجنبية.. تفاصيل

وخلال العقد المقبل، يتوقع أن تنكمش العمالة بمقدار 3 ملايين شخص، أو 7%، ما لم يحل تدفق كبير من المهاجرين محل الألمان المتقاعدين. وأوضحت بلومبرج أن ألمانيا تحتاج إلى 400 ألف وافد جديد في العام.

رياح معاكسة

على الرغم من أن ألمانيا نجحت في منع التراجع الديموجرافي لبعض الوقت بفضل وصول ملايين المهاجرين وارتفاع عدد النساء اللاتي يعملن، يتلاشى هذان الاتجاهان الآن مع وصول جيل مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى سن التقاعد.

هذا يعني أن الاقتصاد سيعتمد على زيادة إنتاجية العمال الموجودين حاليًّا كي يقودوا التوسع. ونتيجة لهذا، من المستبعد أن يتجاوز النمو الكلي 1% لعقود، حسب توقعات بلومبرج إيكونوميكس.

وتوقع صندوق النقد الدولي الشيء نفسه. وفي مايو الماضي، قال مدير بعثة الصندوق إلى ألمانيا كيفن فليتشر: “الرياح المعاكسة الناتجة عن تقدم عمر السكان موجودة، وستواصل التسارع في السنوات المقبلة”.

وأشارت بلومبرج إيكونوميكس إلى أن “ألمانيا ستواجه عبئًا ديموجرافيًّا على النمو أكثر من نظرائها الغربيين على مدار العقد المقبل”.

وسيلتان رئيستان

لفتت بلومبرج إلى وجود وسيلتين رئيستين أمام صناع السياسة لمواجهة أزمة العمالة، وهما زيادة عدد العمال وتحقيق أقصى استفادة من العمال الموجودين، لكن الشبكة الأمريكية رأت أن الأمرين قد يصعب تحقيقهما.

وكانت الهجرة هبة كبرى لاقتصاد ألمانيا وتظل الطريقة الأكثر ترجيحًا لتغيير مسار الدولة. وعلى الرغم من جهود ألمانيا لجذب العمال الماهرين، تبقى الهجرة قضية شائكة سياسيًّا والمجتمع الألماني يكافح لدمج ملايين الأوكرانيين الذين وصلوا العام الماضي.

وتحاول ألمانيا أيضًا الاستفادة من الألمان الذين وصلوا لسن التقاعد، لكن أقل من 9% من الألمان فوق سن الـ65 يعملون، مقارنة بـ20% تقريبًا في الولايات المتحدة، و1 من كل 4 في اليابان.

ومع رفع سن المعاش تدريجيًّا إلى 67 بحلول 2030، ينبغي أن يرتفع هذا الرقم، لكن ببطء.

زيادة الإنتاجية

تُعد إحدى الطرق الأخرى لدفع النمو هي زيادة إنتاجية العمال الموجودين.

ولفتت بلومبرج إلى أن إنتاجية العمالة الألمانية أصابها الركود في السنوات الأخيرة، لترتفع بنسبة أقل من 2% منذ 2015، مقارنة بـ8% في الولايات المتحدة. وأحد العوامل وراء ذلك هو تأخر برلين عن التحول إلى العصر الرقمي.

ومع تطور الذكاء الاصطناعي، انتعشت الآمال في أنه قد يساعد الاقتصادات المتقدمة مثل ألمانيا في إدارة سكانها المسنين.

وعلى الرغم من أن التكنولوجيا قد تزيد الإنتاجية، لا تزال توجد حاجة إلى العمال الماهرين لخدمة الروبوتات وإنشاء البنية التحتية الرقمية، ما يعيد الدولة إلى المشكلة الأساسية، وفق بلومبرج.

اقرأ أيضًا| نمو الإنتاج الصناعي الألماني خلال إبريل بأقل من المتوقع

ربما يعجبك أيضا