نووي روسيا.. يُعيد شبح تشرنوبيل ويسقط أنظمة بوتين

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

لا يزال الغموض يحيط بالانفجار النووي الذي شهدته مدينة سيفيرودفينسك الروسية، والذي أثار حالة من الهلع والفزع لسكانها البالغ عددهم 190 ألف نسمة، وسط  مخاوف من امتداد مستويات الإشعاع الناتج عن الانفجار لأماكن ودول أخرى، بعدما أعاد الحادث للأذهان واقعة انفجار المفاعل النووي “تشرنوبيل” عام 1986، وهو ما استغلته الولايات المتحدة في خضم سباق التسلح النووي لإسقاط أنظمة بوتين الدفاعية.

انفجار نووي

شهدت مدينة سيفيرودفينسك الروسية، انفجارًا مرتبطا بتجارب على “أسلحة جديدة” على منصة بحرية قبالة سواحل منطقة “أرخانجيلسك” في أقصى الشمال الروسي، والذي أودى بحياة 5 خمسة موظفين في وكالة روساتوم النووية على الأقل ، كانوا يقدمون الدعم الهندسي والتقني.

كانت السلطات الروسية تسعى جاهدة لإبقاء الانفجار الغامض الذي وقع يوم الخميس الماضي “طي الكتمان”، لكنها عادت بعدها بيومين لتعلن أن الانفجار “ذو طابع نووي” أعقبه وميض نووي لنحو أربعين دقيقة، ما أثار حالة من الهلع لدي السكان الذين سارعوا لشراء مادة اليود المضادة للإشعاعات.

من جانبها، قالت وكالة الطاقة النووية الحكومية الروسية، روساتوم، إن الخبراء كانوا يختبرون محركًا صاروخيًا نوويًا، ولكنها لم تعط أي تفاصيل تقنية بشأن الحادث.

وسبق لروسيا أن اختبرت صاروخ كروز يعمل بالطاقة النووية يدعى “بوريفيستنيك”، بيد أن المسؤولين لم يحددوا النظام التقني الصاروخي المستخدم في تجربة الخميس التي انتهت بكارثة الانفجار.

النشاط الإشعاعي يتزايد

وبعد 4 أيام من الانفجار، أكدت الإدارة الشمالية للأرصاد الجوية والمراقبة البيئية، أن الانظمة الآلية الخاصة برصد حالة الإشعاع في ست نقاط من أصل ثماني في مدينة سيفيرودفينسك يوم الحادثة، سجّلت زيادة في معدلات أشعة جاما من 4 إلى 16 مقارنة بالمستوى المحدد لهذه المنطقة، مؤكدة عدم وجود أي تهديد لسكان مقاطعة أرخانغيلسك عقب الحادثة في ميدان التجارب العسكرية.

كانت وزارة الدفاع قالت في بادئ الأمر إن الإشعاع ظل عند مستويات طبيعية بعد الحادث الذي وقع يوم الخميس لكن سلطات المدينة في سيفيرودفينسك بشمال روسيا قالت إن ارتفاعًا في مستويات الإشعاع طرأ لفترة وجيزة.

وقالت منظمة السلام الأخضر (غرينبيس) إن مستويات الإشعاع ارتفعت نحو 20 مرة.

السلطات الروسية كشفت عن احتمالية تأثر بعض الدول الأوروبية ودول الشرق الأوسط بهذا الانفجار، الذي حدث خلال إجراء اختبار صاروخ على منصة بحرية، كما قالت وزارة الدفاع الروسية إن الحادث وقع خلال القيام بتجربة “محرك صاروخ يعمل بالوقود السائل”.

كما أوصت السلطات سكان قرية نيونوكسا في مدينة سيفيرودفينسك بمغادرتها بعد أيام من انفجار ذو طبيعة نووية، فيما نقلت مسعفين كانوا يعالجون ضحايا الانفجار إلى موسكو لفحصهم.

شبح تشرنوبيل

الحادث أعاد للأذهان انفجار المفاعل النووي الذي وقع في تشرنوبيل عام 1986، ما دفع بعض المحللين والعلماء في مجال الطاقة للمقارنة بين الحادثتين.

 تعد حادثة تشرنويبل أكبر كارثة نووية شهدها العالم والتي وقعت عام 1986، قرب مدينة بريبيات في شمال أوكرانيا السوفيتية، وأودت بحياة الألاف بحسب منظمة الصحة العالمية، مخلفة العديد من الأثار الصحية والبيئية وسميت المنطقة المحيطة بالمفاعل النووي بـ”الغابة الحمراء” نتيجة تغير لون الأشجار بسبب الإشعاع.

يأتي ذلك وسط تكهنات من الخبراء الروس والغرب، بأن يكون الاختبار على صلة بصاروخ 9 أم 730 بوريفيستنيك، والذي يعني بالروسية “طائر النوء، وهو أحد أصغر الطيور البحرية”.

وسبق للرئيس بوتين أن تحدث عن هذا الصاروخ في خطاب له أمام البرلمان الروسي في مارس 2018، وقد وصف حلف الناتو الصاروخ بأنه نوع أس أس سي- إكس -9 سكايفول، ومن مخاطره أنه يخلف إشعاعًا أينما ذهب.

وبحسب تصريحات بوتين، فمن المرجح أن يكون نظام الدفع النووي في صاروخ بوريفيستنيك ، غير محدود المدى”، بيد أن الانفجار قد يشمل سلاحًا مختلفًا مثله قادرًا على حمل الرؤوس النووية .

من جانبها، وصفت الصحف الروسية، صاروخ بوريفيشتنيك بأنه “سلاح انتقامي”، وهذا الوصف سبق أن استخدمه النازيون لوصف الصواريخ التي أطلقت على بريطانيا في المراحل الأخيرة من الحرب العالمية الثانية.

هجوم أمريكي

وفور وقوع الحادث وقبل الإعلان عن تفاصيله من وزارة الدفاع الروسية، سارعت أمريكا لمعرفة سبب الانفجار الذي وصفته بـ”كارثة تشيرنوبل جديدة”.

وبعد الانفجار، نشأت محاولات ملتوية من أمريكا لإظهار روسيا في موضع ضعف عن طريق المقارنة بين نظم الدفاع الصاروخية والأمان لديها ولدى الولايات المتحدة في وسائل الإعلام الأمريكية.

وتجلى الموقف الأمريكي تجاه روسيا بعد الانفجار النووي بوضوح بعد تغريدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قال فور الحادث عبر تويتر: إنّه يعلم “الكثير” عن الانفجار الغامض الذي وقع الخميس في قاعدة عسكرية روسية، مؤكّداً أنّ الولايات المتحدة تمتلك سلاحًا مشابهًا لذلك الذي يرجّح أنّه سبب الانفجار، في معلومة سارع خبير أسلحة أمريكي مرموق إلى نفيها.

وبالمقارنة بموقف الولايات المتحدة في كارثة تشيرنوبل التي حدثت في أوكرانيا عام 1986م، نجد أنها لعبت دور المهاجم، حيث أنتجت مسلسلا ضخما باسم “تشيرنوبل” تحمل فيه المسؤولية الكاملة لروسيا تجاه الحادث، فيما قالت روسيا إن الولايات المتحدة الأمريكية تقلب الحقائق.

ودخل القطبان القويان على الساحة العالمية في عداء مستمر منذ وقوع كارثة تشيرنوبل، حيث تمسكت أمريكا بروايتها، فيما قالت روسيا إن أمريكا هي من تسببت في وقوع الكارثة.

وبينما يتنافس مسؤولو الاستخبارات الأمريكية لفهم الانفجار الغامض الذي صدر عنه إشعاعات، فإن رد الحكومة الروسية البطيء والسري أثار القلق في المدن المجاورة وجذب انتباه المحللين في واشنطن وأوروبا، الذين يعتقدون أن الانفجار قد يقدم لمحة عن نقاط الضعف التكنولوجية فى برنامج الأسلحة الجديد لروسيا.

ربما يعجبك أيضا