«نيومونت» تقود أكبر صفقة اندماج في تاريخ قطاع الذهب.. هل تكتمل؟

قدمت شركة نيومونت الأمريكية عرضًا غير ملزم لشراء نظيرتها الأسترالية نيوكريست، هذا الشهر، لجمع اثنين من كبار منتجي الذهب في العالم تحت مظلة واحدة.

وأعلنت نيومونت، يوم الاثنين الماضي 6 فبراير 2023، أن قيمة العرض تصل إلى 16.9 مليار دولار، في صفقة تشير إلى بداية قوية لعمليات الاستحواذ والاندماج في قطاع تعدين وإنتاج الذهب، الذي اكتسب زخمًا خلال السنوات الأخيرة.

تفاصيل عرض نيومونت

قالت نيومونت، في إفصاح بتاريخ 5 فبراير، إنها قدمت عرضًا غير ملزم للاستحواذ على شركة نيوكريست، على أساس 0.380 سهم من نيومونت (ما يعادل 18.8 دولار) لكل سهم من نيوكريست، على أن يكون الكيان الناتج عن دمج الشركتين مملوكًا بواقع 30% لمساهمي نيوكريست، و70% لصالح نيومونت.

وأعلنت نيوكريست أنها تدرس العرض الجديد، مشيرة إلى أنها رفضت عرضًا سابقًا كونه لم يقدم سعرًا عادلًا لأسهمها، واكتفى بتقييم يبلغ 18.02 دولار للسهم الواحد، ما اعتبره مجلس الإدارة أقل من القيمة الحقيقية للشركة.

تقييم عرض نيومونت

قال المحلل لدى مورنينج ستار للخدمات المالية، جون ميلز، في تصريح لوكالة أنباء رويترز، إن عرض نيومونت الجديد للاندماج قدم علاوة سعرية على سهم نيوكريست بنحو 21%، أي أنه لا يزال بعيدًا عن العلاوة التقليدية لمثل هذه الصفقات، والبالغة 30%، مشيرًا إلى أن قيمة نيوكريست أعلى من ذلك، ويصل السعر العادل لسهمها إلى نحو 21.5 دولار.

وأفادت تقارير لـ”فوربس” و”رويترز” بأن مساهمي نيوكريست يريدون سعرًا أعلى للسهم، وقالت نائبة رئيس الاستثمار في كوبرنيك جلوبال انفيستورز، أليسا كوركوران، في تصريح لـ”بلومبرج” إن العرض يقلل من قيمة نيوركريست، ونأمل ألا يرى النور.

إغلاق سهم نيوكريست يوم 6 فبراير 2023

في المقابل، يعكف مجلس إدارة نيوكريست على دراسة العرض، الذي يقع في المنطقة التي يرغب فيها، ما يجعله أقرب للموافقة منه للرفض، وحال تجاوز العرض عقبة نيوكريست ومساهميها سيكون خاضعًا للموافقات التنظيمية، وفق ما أورده موقع “ذا موتلي فوول”.

ولادة عملاق جديد

قال الرئيس التنفيذي لـ”نيومونت”، توم بالمر، في بيان: “نعتقد أن الاندماج بين نيومونت ونيوكريست سيقدم قيمة قوية طويلة الأجل لمساهمينا، ولقطاع تعدين الذهب ككل، وسيضع معيارًا مستدامًا لتعدين الذهب، من خلال كيان عالمي.”

“صفقة ضخمة”، هكذا وصف محلل أسهم التعدين والنائب الأول لرئيس شركة أريس جولد، تيرون بريتينباش، صفقة نيمومونت ونيوكريست، مع الإشارة إلى أن نيومونت هي أكبر شركة منتجة للذهب، وخلال الربع الثاني من 2022 بلغ إنتاجها نحو 1.5 مليون أوقية، وتقدر قيمتها السوقية بنحو 37.8 مليار دولار.

في المقابل، تعد نيوكريست الخامسة عالميًّا من حيث الإنتاج، وتصل قيمتها السوقية إلى نحو 15.2 مليار دولار، وبحسب بيانات رفينيتيف، حال تمت هذه الصفقة ستكون الأكبر في تاريخ قطاع تعدين الذهب، وثالث أكبر صفقة شراء لشركة في تاريخ أستراليا، وفق رويترز وكيتكو ميتالز.

لماذا تسعى نيومونت للاستحواذ على نيوكريست؟

تأتي أهمية نيوكريست بالنسبة لـ”نيومونت” من سيطرتها على منجم كاديا في أستراليا، سابع أكبر منجم للذهب في العالم، وعملياتها التي تشمل كندا وأمريكا الشمالية وبابوا غينيا، ما يعزز هيمنة نيومونت على إنتاج وتعدين الذهب، كونها تمتلك بالشراكة مع باريك للذهب حق تشغيل مجمع نيفادا الأمريكي، وهو أكبر مجمع لمناجم تعدين الذهب في العالم، وفق كيتكو ميتالز.

بالنسبة لحجم “نيومونت”، تبدو نيوكريست مجرد شركة متوسطة، لكن تحييدها من السوق وضمها تحت مظلتها، يضمن لعلامة نيومونت مركزًا تنافسيًّا أقوى، وموارد وإنتاجية ومركز مالي على نحو أفضل ومستدام، فضلًا عن التوسع في أسواق أستراليا، وفي عمليات إنتاج النحاس والفضة، وفق كيتكو ميتالز.

ولدى نيومونت، التي تأسست عام 1921، تاريخ طويل من صفقات الاندماج والاستحواذ الناجحة، ففي العام 2019 أصبحت أكبر منتج للذهب بعد شرائها شركة جولد كورب بنحو 10 مليارات دولار، في صفقة صنفت وقتها بأنها الأكبر في تاريخ قطاع الذهب.

أكبر 5 شركات منتجة للذهب عالميا

بداية جيدة لصفقات الاستحواذ والاندماج

في اليوم التالي لتقديم نيومونت عرض شراء نيوكريست، أعلنت “أو زد مينيرالز” الأسترالية لإنتاج النحاس والذهب حصولها على الموافقات اللازمة من الحكومة البرازيلية لشراء مجموعة “بي أتش بي”، مقابل 6.61 مليار دولار، في إشارة إلى عودة نشاط صفقات الاندماج والاستحواذ مع بداية العام الجديد.

ويعزى هذا النشاط لعدة أسباب، أبرزها تفاؤل الأسواق بشأن خفض وتيرة رفع أسعار الفائدة الأمريكية، واستعادة الذهب بريقه كملاذ آمن، مع تصاعد مخاوف الركود العالمي، وارتفاعه خلال الأشهر الـ3 الأخيرة، بنحو 13%، ما شجع على عودة الاستثمارات في القطاع.

صفقات تاريخية في قطاع الذهب

خلال العام الماضي، سجلت صفقات الاندماج والاستحواذ العالمية تراجعًا قويًّا بنحو 30% على أساس سنوي، وخلال السنوات السابقة لـ2022، شهد قطاع تعدين الذهب صفقات قياسية، أبرزها استحواذ نيومونت على جولد كورب عام 2019، وعلى “جي تي جولد” مقابل أقل من 400 مليون دولار في 2021.

وفي 2018، استحوذت “باريك جولد” الكندية على منافستها “راندجولد ريسورسز” البريطانية مقابل 6.1 مليار دولار، ليخرج للنور عملاقة تعدين الذهب “نيوباريك”، وفي 2020، انضمت إنديفور الكندية، التي يعد رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، أكبر مساهم فيها، إلى قائمة أكبر 15 شركات منتجة للذهب عالميًّا، من خلال الاستحواذ على “تيرانجا جولد كورب”، مقابل 1.86 مليار دولار أمريكي.