نيويورك تايمز | أمريكا تحتاج لقول الحقيقة عن صواريخ إسرائيل النووية

آية سيد

ترجمة: آية سيد

يحذر الساسة الأمريكيون كثيرًا من أنه إذا حصلت إيران على سلاح نووي، سوف تشعل تدافعًا نوويًّا في أنحاء الشرق الأوسط. لقد تنبأ السيناتور روبرت مينينديز، الرئيس الحالي للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، في مارس 2020 بأن السماح لطهران بالحصول على القنبلة قد “يُطلق سباق تسلح خطير في المنطقة”. وفي حوار في شهر ديسمبر، حذر الرئيس المنتخب جو بايدن من أنه إذا أصبحت إيران دولة نووية، ربما تفعل السعودية، وتركيا ومصر نفس الشيء، “وآخر شيء نريده في تلك المنطقة من العالم هو زيادة القدرة النووية”.

هذه التصريحات مألوفة لدرجة أنه من السهل الإغفال عن الحيلة التي تحملها. في التحذيرات من أن إيران قد تجعل الشرق الأوسط نوويًّا، يشير الساسة الأمريكيون ضمنيًّا إلى أن المنطقة خالية من الأسلحة النووية الآن، لكنها ليست كذلك. تمتلك إسرائيل بالفعل أسلحة نووية، لكنك لن تعرف هذا من قادة أمريكا، الذين أمضوا النصف قرن الماضي يتظاهرون بالجهل. هذا الخداع يقوّض التزام أمريكا المفترض بمنع الانتشار النووي، ويشوّه النقاش الأمريكي حول إيران. لقد حان الوقت لكي تقول إدارة بايدن الحقيقة.

بدأ المسئولون الأمريكيون إخفاء الحقيقة حول الأسلحة النووية الإسرائيلية بعد أن أخفى القادة الإسرائيليون الحقيقة عنهم. يكتب أفنير كوهين في كتابه: “أسوأ سر مخفي” أنه في بداية الستينيات، أخبر رئيس الوزراء ديفيد بن جوريون الرئيس جون كينيدي أن المفاعل الذي كانت إسرائيل تبنيه في بلدة ديمونة الصحراوية “كان لأغراض سلمية فقط”. عندما أرسلت الولايات المتحدة مفتشين إلى الموقع، دبّر الإسرائيليون حيلة متقنة، والتي تضمنت بناء جدران مزيفة لإخفاء المصاعد التي تؤدي إلى محطة لإعادة المعالجة تحت الأرض. وبنهاية العقد، كان السيف قد سبق العذل. استنتجت السي آي إيه أن إسرائيل امتلكت بالفعل رؤوسًا حربية نووية.

لذلك عقد ريتشارد نيكسون ورئيسة الوزراء جولدا مائير اتفاقًا. لن تقر إسرائيل ولا الولايات المتحدة بأن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية، ولن تضغط واشنطن على إسرائيل لإخضاعها للرقابة الدولية. لـ50 عامًا الآن، التزم الرؤساء الأمريكيون بالصفقة. يعتقد الباحثون أنه عندما اختبرت إسرائيل سلاحًا نوويًّا في المحيط الهندي في 1979، تسترت إدارة كارتر على الأمر. وفي 2009، عندما سأل صحفي باراك أوباما إذا كان يعلم عن “أي دولة في الشرق الأوسط تمتلك أسلحة نووية؟” أجاب أوباما، “أنا لا أريد التكهن”.

إن التظاهر بالجهل حول الأسلحة النووية الإسرائيلية يثير السخرية من جهود أمريكا لمنع الانتشار النووي. لقد وعد أوباما بالسعي وراء عالم خالٍ من الأسلحة النووية، غير أنه لمنع النقاش العام حول ترسانة إسرائيل، ساعدت إدارته في إحباط مؤتمر للأمم المتحدة حول منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط. تواصل إدارة بايدن فرض عقوبات على إيران في محاولة لإجبار حكومتها على قبول عمليات تفتيش أكثر صرامة من تلك التي تتطلبها معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. في الوقت نفسه، إسرائيل، التي لم توقّع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، لا تسمح بعمليات التفتيش على الإطلاق.

هذا النفاق يدفع الكثيرين حول العالم إلى الابتسامة بسخرية عندما يدّعي الدبلوماسيون الأمريكيون أنهم يدافعون عن “النظام القائم على القوانين”. إنه يُمكّن أيضًا الإيرانيين الذين يدّعون أن طهران لديها الحق في مضاهاة خصمها الإقليمي.

وأخيرًا، صمت الحكومة الأمريكية المخادع يمنع النقاش الصادق في الداخل حول المخاطر التي سيشكلها السلاح النووي الإيراني. يقول الساسة الأمريكيون في بعض الأحيان إن القنبلة الإيرانية ستشكل تهديدًا “وجوديًّا” على إسرائيل. هذا ادعاء مريب؛ نظرًا لأن إسرائيل تمتلك رداعًا نوويًّا يمكنها نشره جوًّا وبرًّا وبحرًا. لكن الكثير من الأمريكيين يجدون الادعاء منطقيًّا لأنه وفقًا لاستطلاع الرأي الأخير الذي أجراه شيبلي تلحمي من جماعة ميريلاند، 50% فقط يعلمون أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية، وتعتقد نسبة أعلى أن طهران تمتلك القنبلة.

وحتى لو كانت القنبلة الإيرانية لن تهدد إسرائيل وجوديًّا، يتعين على الولايات المتحدة العمل على تعطيلها دبلوماسيًّا. وفي ظل تعرض المفاوضات مع طهران لخطر الانهيار، ينبغي أن تلتزم إدارة بايدن برفع العقوبات التي تعطل اقتصاد إيران في مقابل حدود يمكن التحقق منها على قدرة إيران النووية. لكن إذا فشلت تلك الجهود – وواجهت إدارة بايدن ضغطًا لشن حرب بدلًا من السماح لإيران باكتساب القدرة لبناء سلاح نووي – من الضروري أن يتخذ الأمريكيون قرارًا مدروسًا حول الخطر الذي تشكله إيران النووية على أقرب حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط. يصبح هذا أصعب عندما لا تعترف الحكومة الأمريكية علنًا بأن إسرائيل لديها السُبل لردع هجوم نووي.

إن إدارة بايدن لن تُجبر إسرائيل على التخلي عن أسلحتها النووية، لكن هذا لا يعني أنها يجب أن تقوّض مصداقية أمريكا العالمية وتخدع شعبها عن طريق إنكار الحقيقة. لعل النقاش الأمريكي الأكثر صدقًا حول ترسانة إسرائيل النووية سيضخ حياة جديدة في الحلم البعيد بشرق أوسط خال من الأسلحة النووية، وحتى لو لم يحدث هذا، سيكون من الجيد سماع قادة أمريكا يقولون الحقيقة بعد نصف قرن من إخفائها.

للاطلاع على الرابط الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا