«نيويورك تايمز»: انتشار المتطرفين في صفوف الجيش والشرطة يهدد الأمن القومي الأمريكي

آية سيد

ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أنه لعقود، كانت أقسام الشرطة، ووزارة الدفاع، البنتاجون، ووزارة شؤون المحاربين القدامى، على علم بأزمة التطرف في أمريكا، ولم تحقق أي تقدم يُذكر في استئصال المتطرفين في صفوفها.


ارتفع العنف السياسي في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، وشهد مشاركة أفراد من الجيش والشرطة وهيئات إنفاذ القانون.

وفي مقال رأي، أمس الأحد 13 نوفمبر 2022، لفتت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إلى أن المتطرفين والمتعاطفين معهم يُضعفون ثقة العامة بالمؤسسات التي تهدف إلى الحفاظ على أمن الدولة، ويعرضون الأمن القومي للخطر.

العنف السياسي

وفق “نيويورك تايمز”، شهدت الولايات المتحدة ارتفاعًا مستمرًّا في العنف السياسي، الذي تراوح من مضايقة العاملين في الانتخابات والموظفين الحكوميين إلى استهداف قاضٍ في المحكمة العليا والهجوم على زوج رئيسة مجلس النواب، إضافة إلى هجوم الكابيتول في 6 يناير 2021.

وتورط في القدر الأكبر من هذا العنف أعضاء في جماعات يمينية متطرفة أو أفراد غير منتسبين لها، يناصرون أيديولوجياتها التي تنادي بتفوق أصحاب البشرة البيضاء ومناهضة الحكومة. وأشارت الصحيفة إلى أن عددًا كبيرًا من الأمريكيين يقول إن العنف السياسي مبرر عادةً أو دائمًا، ما يمثل تهديدًا مباشرًا للحوكمة الديمقراطية.

حقيقة مقلقة

وجد أحد التقديرات، التي نشرتها “نيويورك تايمز” في 2020، أن 25% على الأقل من أعضاء الجماعات شبه العسكرية المتطرفة لديهم خلفية عسكرية. وعزت الصحيفة هذا التمثيل الزائد جزئيًّا إلى أن الجماعات المتطرفة تركز على تجنيد هؤلاء الأفراد بسبب مهاراتهم.

وقالت الصحيفة إن وجود المتطرفين في صفوف الشرطة يعرض التحقيقات الجارية للخطر، عبر تسريب المعلومات السرية. وفي الجيش، يمثل المتطرفون تهديدًا على النظام العام والانضباط. وفي هيئات إنفاذ القانون، يمثل المتطرفون تهديدًا على الأشخاص المنوط بهم حمايتهم، خاصة أصحاب البشرة الملونة.

أرقام صادمة

يعد وجود هؤلاء المتطرفين في صفوف هيئات إنفاذ القانون سببًا للقلق الزائد. ووفق “نيويورك تايمز”، من ضمن أكثر من 900 شخص قُبض عليهم في هجوم الكابيتول، 135 فردًا كانت لديهم خلفية عسكرية أو خلفية عن إنفاذ القانون.

ووجد “برنامج التطرف” بجامعة جورج واشنطن الأمريكية أنه من ضمن أفراد الشرطة الذين قُبض عليهم، 18 كانوا متقاعدين و6 في الخدمة. وإضافة إلى هذا، أحد ضباط شرطة الكابيتول، كان على علم بما يحدث، قدم نصيحة لأحد المشاركين حول كيفية تجنب القبض عليه.

ما بعد هجوم الكابيتول

بعد هجوم 6 يناير، انزعج وزير الدفاع، لويد أوستن، مما حدث وأمر جميع القيادات العسكرية بتعزيز اللوائح القائمة التي تمنع النشاط المتطرف، وباستطلاع آراء من لا يزالون في الخدمة حول حجم المشكلة، وفق الصحيفة. ووضع البنتاجون معايير موحدة لاستبيانات التحري عن المجندين وغيّر سياسة وسائل التواصل الاجتماعي خاصته.

وأجرى ذلك حتى أصبح الإعجاب بالمحتوى المناصر للقومية البيضاء والمتطرف أو إعادة نشره بمثابة الدعوة إليه. ومن يفعل ذلك فقد يواجه إجراءات تأديبية. وبدأت الوزارة أيضًا إعداد الأفراد المتقاعدين كي يتجنبوا تجنيد الجماعات المتطرفة لهم.

خلل في التنفيذ

حسب “نيويورك تايمز”، هذه الإصلاحات لم تُنفذ على النحو المطلوب. وفي هذا السياق، وجد تقرير المفتش العام للوزارة، الصادر في مايو 2022، أن بيروقراطية البنتاجون الممتدة عجزت عن تحديد حجم المشكلة في الأجهزة المختلفة، لأنها استخدمت أنظمة تقارير متعددة غير مترابطة.

ولم يفهم القادة في أغلب الأحيان الأشياء الممنوعة، ونتيجة لذلك، استنتج تقرير المفتش العام أن الوزارة “لا تستطيع تنفيذ السياسة والإجراءات، تنفيذًا كاملًا لمواجهة النشاط المتطرف دون توضيح تعريفات “التطرف” و”المتطرفين” و”الدعوة النشطة” و”المشاركة النشطة”.

المحاربون القدامى

بعد مرور 20 عامًا على الحرب على الإرهاب، تشهد أمريكا انضمام الكثير من المحاربين القدامى إلى جماعات متطرفة مثل” براود بويز“. ووفق “نيويورك تايمز”، فإن انتهاء الحروب وعودة الجنود المحبطين كثيرًا ما يتبعهما ارتفاع في التطرف، مثل ما حدث بعد حرب فيتنام وحرب الخليج الثانية.

وفي هذا الصدد، يوصي الخبراء بتحسين التدريب، وتقديم المشورة ومناقشة طبيعة التطرف الحقيقية. وعلاوة على هذا، ينبغي تقدم تدريب أفضل لموظفي وزارة شؤون المحاربين القدامى وتمويل الوزارة بنحو أفضل لمواجهة هذا التحدي، لتتمكن من إقناع الأفراد الذين يواجهون مشكلات بسلوك مسار مختلف.

هيئات إنفاذ القانون

لفتت الصحيفة إلى أن 24 ضابط شرطة حاليًّا وسابقًا على الأقل، جرى اتهامهم بجرائم متعلقة بهجوم الكابيتول، فضلًا عن تحديد هوية عشرات الآخرين ضمن الحشود، الذين دعا بعضهم إلى ارتكاب أعمال عنف. ولسنوات، حذر الخبراء من الوجود المتنامي للجماعات المناهضة للحكومة والمناصرة لسيادة البيض في هيئات إنفاذ القانون.

وفي هذا الشأن، لفت تقييم استخباراتي لمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف .بي .آي) في 2006 إلى وجود “مبادرة ذاتية من الأفراد، خاصةً أولئك الذين في صفوف هيئات إنفاذ القانون، للتطوع بمواردهم المهنية إلى قضايا سيادة البيض التي يتعاطفون معها”.

مواجهة التهديد

أشارت “نيويورك تايمز” إلى أن تنسيق جهود هيئات إنفاذ القانون البالغ عددها 18 ألفًا تقريبًا كان صعبًا للغاية. والمعايير الفيدرالية والمبادئ التوجيهية بشأن كيفية التعامل مع التطرف سوف تقطع شوطًا طويلًا نحو تنسيق استجابة هيئات إنفاذ القانون.

ولكن تنفيذ تلك التغييرات سيتطلب الانتباه المحلي للتفاصيل والإرادة السياسية لفعل ذلك، بالإضافة إلى أنه سوف يتطلب تزويد هيئات إنفاذ القانون بموظفين ملتزمين بسيادة القانون وليس بالحكم بالقوة.

ربما يعجبك أيضا