نيويورك تايمز: سياسات إسرائيل في المنطقة تدفعها لحرب شاملة

كيف يمكن أن يمارس بايدن ضغوطًا حقيقية على إسرائيل لوقف التصعيد؟

بسام عباس
صورة الراحل إسماعيل هنية

من المرجَّح أن يكون اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية في طهران، قد أوقف محادثات وقف إطلاق النار في غزّة وصفقة الأسرى في الوقت الحالي، كما أنه جعل المنطقة أقرب خطوة إلى حريق شامل، إذ أعلن خامنئي نيته مهاجمة إسرائيل.

وقد حدثت الحرب على غزة، وما تبعها من تداعيات، بسبب اعتقاد واشنطن الخاطئ بقدرتها على إدارة انتشار العنف والسيطرة عليه، وتحطيم هذا الوهم الخطير هو خطوة أساسية في صياغة سياسة خارجية للولايات المتحدة.

خلل سياسي

أوضحت صحيفة “نيويورك تايمز”، في تقرير نشرته الخميس 1 أغسطس 2024، إلى أن التصعيد الناجم عن اغتيال هنية يشير إلى وجود خلل في سياسة الرئيس الأمريكي بايدن، الذي يأمل في احتواء حرب غزة، فقد كان احتمال نشوب صراع إقليمي دائمًا هو الخط الأحمر الحقيقي له.

وأضافت أنه منذ عدة أشهر، كانت الحرب تنتشر بالفعل إلى اليمن ولبنان وسوريا والعراق، والآن إلى إيران، وحقيقة أنها لم تنفجر بعد إلى صراع أكثر انتشارًا وشدة هي نتيجة للدبلوماسية وكثير من الحظ، لكن يبدو أن الحظ بدأ ينفد، لافتة إلى أن الولايات المتحدة وإيران لا يرغبان في حرب واسعة النطاق، وأن الغلبة ستكون للعقلاء الأكثر هدوءًا.

فشل أخلاقي واستراتيجي

قالت الصحيفة إن هذه السياسة تمثّل فشلًا أخلاقيًّا واستراتيجيًّا، مع عواقب وتكاليف في الأرواح البشرية وفي مصداقية الولايات المتحدة، وما يسمى “النظام القائم على القواعد”، والذي لم نفهمه بعد، مشيرة إلى أن اللحظة المحفوفة بالمخاطر الحالية نتيجة سلسلة من الافتراضات الخاطئة، والتي بُنيت عليها السياسة الأمريكية منذ فترة طويلة قبل بدء الحرب.

وذكرت أنه في 6 أكتوبر 2023، ركّزت الولايات المتحدة على صياغة اتفاق بين إسرائيل والسعودية، يرتكز جزئيًّا على فكرة، مفادها أن الشعب الفلسطيني يمكن ببساطة أن يبقى في قفص إلى الأبد مع بعض التحسينات للاحتلال العسكري، ومع بعض الالتزامات الاسمية بإنهاء هذا الاحتلال يومًا ما، ولكن هجمات 7 أكتوبر أظهرت أن هذا مجرد خيال.

وفي الأشهر التالية، أخّرت إدارة بايدن الدعوات إلى وقف إطلاق النار، وواجهت احتجاجات عالمية ومحلية واسعة النطاق ومعارضة حكومية داخلية، في حين شجعت الحكومة اليمينية في إسرائيل من خلال بيع الأسلحة والدعم السياسي، وفي الوقت نفسه، ينتشر الصراع الإقليمي بصورة مطّردة.

 محاولة احتواء التصعيد

أوضحت الصحيفة أنه مع تجاوز إسرائيل لكل خط أحمر جديد، يزداد خطر التصعيد، ولا ينبغي لواشنطن أن تقلل من شأن رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في جر الولايات المتحدة إلى حرب كارثية، ولا إمكان انخراط إيران عسكريًّا أو ما هو أسوأ من ذلك، كاتخاذ قرار بشأن الالتزام الكامل فيما يتعلق بتطوير السلاح النووي.

وبدلًا من النظر إلى كل ذلك على أنه دليل على الحاجة الملحة إلى إنهاء حرب غزة، اختارت واشنطن محاولة احتواء التصعيد، ورفضت إدارة بايدن باستمرار وقف إمداداتها المستمرة من الأسلحة إلى إسرائيل لوقف القتال، حتى إنها بدت كأنها تتجنب القانون الأمريكي لمواصلة القيام بذلك.

وكان إعلان بايدن، في أواخر شهر مايو، بشأن اقتراح وقف دائم لإطلاق النار، بمنزلة جهد مهم لمحاولة تأمين اتفاق لإنهاء الحرب، لكن هذه المناورة فشلت دعمه لنتنياهو. وكانت الحيلة الأخيرة، التي قام بها الحزب الجمهوري بدعوة رئيس الوزراء لإلقاء كلمة أمام الكونجرس، واستقبله الحزب الديمقراطي بصورة غير مسؤولة، ما شجعه على المماطلة في وقف إطلاق النار.

ضغوط حقيقية

ذكرت الصحيفة أنه لا يزال بالإمكان تجنّب حرب برية في لبنان، ووابل من الصواريخ المدمّرة والمتواصلة، لكن القيام بذلك سيتطلب دبلوماسية ماهرة وفورية وتغييرات قابلة للتنفيذ على خط أنابيب الأسلحة الأمريكية المتدفق إلى إسرائيل، ما يتطلب مزيدًا من العمل، مقارنةً بما حدث في الـ10 أشهر الماضية، ما يدفعنا إلى القلق من احتمال اندلاع الحرب.

ولكن من الضروري الآن أن يمارس الرئيس الأمريكي بايدن ضغوطًا حقيقية من أجل وقف هذه الحرب، بوقف إمدادات الأسلحة، وتسهيل صفقة الأسرى، وتوفير المساعدات الإنسانية إلى غزة، وعلى الولايات المتحدة أن تعلن أنها لن تدعم هذه الحرب بعد الآن، وإظهار أنها تعني ذلك حقًّا.

ربما يعجبك أيضا