هآرتس | لا للمقارنة بين الجولان والضفة الغربية

مترجمو رؤية

رؤية

ترجمة – محمد فوزي

يجب التأكيد في البداية على أن هضبة الجولان هي أرض محتلة، لكن من دون احتلال، وهذه النقطة ليست أمرًا ظاهرًا فحسب، بل جوهريًّا خاصة بالنسبة للمناضلين من أجل حقوق الإنسان، حيث إن المقارنة المطلقة التي أجرتها افتتاحية “هآرتس” الأسبوع الماضي، بين وضع الجولان ووضع أراضي الضفة الغربية لم تترك مجالًا للشك بشرعية الاستمرار بالسيطرة عليها بنظر أغلب مواطني الدولة، وفي المقابل ألحقت هذه المقارنة ضررًا كبيرًا بالنضال ضد الظاهرة الأكثر خطورة على إسرائيل بصفتها دولة اليهود القومية الديمقراطية، والمقصود هنا استمرار الحكم العسكري والسيطرة على مدنيين فلسطينيين يبلغ عددهم نحو 2.5 مليون فلسطيني.

لكن وللأسف لم يقتصر إنكار الاحتلال في الضفة الغربية على اليمين السياسي فقط، فقد رفض عدد لا بأس به من قادة اليسار خلال السنوات الأخيرة نعت الواقع السياسي الحالي بالاحتلال، بحجة استحالة ممارسة الشعب اليهودي للاحتلال في وطنه، وهذا بالطبع خطأ فادح، إذ إن معارضتنا لاستمرار الاحتلال والحكم العسكري في الأراضي المحتلة لا تنبع من الطريقة التي سيطرت فيها إسرائيل على هذه الأراضي، بل هي بسبب طبيعة الحكم العسكري القمعي الذي بدأ منذ أكثر من نصف قرن ولا زال مستمرًا يقمع عددًا لا يحصى من المدنيين.

فالبلدات اليهودية لها تأثير حاسم على ما يجري على أرض الواقع؛ إذ تشكل عائقًا عنصريًّا خطيرًا يشل حرية حركة الفلسطينيين، ويعيق حصولهم على الماء. علاوةً على ذلك، فقد أفرز الاستيطان منظومتين للقوانين تقومان على التمييز العرقي والقومي والديني في تلك المناطق، إذ بينما تتمتع إحدى المجموعتين بكامل الحقوق التي يتمتع بها مواطنو الدول الديمقراطية المتقدمة، تعيش المجموعة الأخرى، والتي تشكّل أغلبية سكان تلك المناطق، تحت حكم عسكري، كل هذا غير عنف المستوطنين تجاه الفلسطينيين.

ورغم هذا فإن كل هذه الأمور لا تنطبق على هضبة الجولان، فرغم أن الجولان جرى احتلاله كالضفة الغربية خلال حرب 1967. لكن وخلافًا للأراضي الفلسطينية التي بقي فيها عدد كبير من سكانها فيها، لم تكن هضبة الجولان مأهولة بما فيه الكفاية حتى أثناء الحكم السوري، بل إن معظم سكانها قد فروا وهاجروا خلال الحرب وبعدها، حيث تبقّى من أصل ما يقارب الـ 130 ألف مواطن، أقل من عشرة آلاف في القرى الدرزية وعلى منحدرات جبل الشيخ.

ولا يشبه الجولان سياديًّا أي منطقة أخرى في إسرائيل، حيث أبدى بعض رؤساء الحكومات السابقين، مثل رابين وبيريز ونتنياهو وباراك، استعدادهم للانسحاب من الجولان مقابل اتفاق سلام مع سوريا، لكن وبالرغم من ذلك، لا يمكننا تجاهل ما يحدث هناك اليوم، فقد ارتكب نظام الأسد مجازر بشعة بحق الشعب السوري الصامد. ولذلك تطرقت حملة حزب ميرتس للجولان بشكل مختلف تمامًا، وتضامن الحزب من خلالها مع معاناة الشعب السوري ومع رغبته بالعيش تحت حكم ديمقراطي، كما أدان ميرتس عنف نظام الأسد ضد مواطنيه؛ ولهذا ينبغي وبعد انتخاب حكومة تمثل الشعب السوري ويعترف بها المجتمع الدولي، العمل على استئناف المفاوضات مع سوريا على أساس مبادرة السلام الصادرة عن الجامعة العربية.

فالتكاثر السكاني في الجولان لن يعيق بأي شكل السلام في حال انتخاب حكومة شرعية مسالمة في سوريا، وبالمقابل يشكّل استمرار الاستيطان على أراضي الضفة الغربية تحت الاحتلال خطورة بالغة تجلب الويلات على إسرائيل، ولذلك ينبغي على حزب ميرتس الاعتراض بكل قوة على استمرار الاحتلال، وبذل الجهود من أجل إيجاد حل سياسي ينهي الاحتلال ويتيح بناء دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل، وبالتأكيد لن يأتي الفرج من خلال وصف الجولان “بالمحتل” أو وصف بلداته اليهودية “بالمستوطَنات”.

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا