هربًا من الغلاء.. عرسان فلسطين يلجأون للذهب الصيني

محمود
رؤية – محمد عبد الكريم
القدس المحتلة – مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في المجتمع الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة حيث تشير الأرقام الرسمية إلى أن معدلات الفقر وصلت إلى 53%، يجد الشبان الراغبون في الزواج في الذهبين الروسي والصيني، ملاذا لتوفير مستلزمات عرسهم مع ارتفاع المهور.
وتنتشر محال في مختلف مدن الضفة الغربية لبيع الذهب المعروف باسم “الروسي”، إلا أن محمد التميمي صاحب محل المجوهرات في مدينة رام الله يقول إن هذا الذهب لا يستورد من روسيا بل يستورد من دول آسيا، وهناك إقبال كبير من قبل المواطنين قبيل الزفاف، مرجعًا ذلك إلى غلاء الذهب والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني.
وأشار التميمي إلى أن سيدات من ذوي الدخل المحدود وعائلات مستورة تشتريه في الأعياد والمناسبات.
والذهب “الروسي” له نفس شكل الذهب الأصلي، ولكن يتم تصنيعه من خامات متعددة رخيصة ويتم بيعه بالقطعة وليس بالجرام بأثمان رخيصة تتراوح بين100 شيكل ( 27 دولار ) و200 شيكل (54 دولار).
وفي محل التميمي لبيع الذهب الواقع بمجمع البيرة وسط رام الله وقفت سيدتان تشتريان ذهبا تقول إحداهن للأخرى ” جميل جدا لا فرق بينه وبين الذهب الأصلي من حيث الشكل، سأشتري قطعتين وسأهدي والدتي قطعة أخرى”.
وتقول الأخرى إنها موظفة حكومية لم تشتري ذهبا منذ أن تزوجت قبل سبع سنوات لالتزام زوجها بتسديد أقساط البيت والعفش، حتى إنها اضطرت لبيع جزء من ذهب عرسها، بسبب الغلاء.
وأضافت “منذ وقت وأنا أفكر جديا بشراء الذهب الروسي لرخص ثمنه”.
ويبلغ سعر جرام الذهب عيار 21 بالضفة الغربية ما يقارب الـ190 شيكل ( 51.35 دولار).
1دولار = 3.7 شيكل  ، 1 دولار = 0.708 دينار اردني.
اما في قطاع غزة الذي يعيش ظروفاً صعبة، فان الذهب الصيني يعتبر فرصة للتحايل على الظروف، للراغبين بالزواج كبديل عن الذهب الأصلي المراد شراؤه ضمن المهر المقدّم.
والذهب الصيني سمي بذلك نسبة إلى بلد المنشأ (الصين) التي يجلب منها بتكلفة أقل، أو من مصر بتكلفة أعلى، وهي إكسسوارات تصنع بشكل محترف وتشبه الذهب الأصلي إلى حد بعيد، لكنها تباع بالقطعة وليس بالغرام كما في حالة الذهب الأصلي. وهناك نوعان من هذا الذهب: الأكثر جودة والأعلى ثمناً الذي يتمتع بلون وطلاء أصلي بلون الذهب لا يتغير، والأقل جودة وسعراً؛ والفرق يكمن في المعادن (غالباً النحاس) التي تصنع منها هذه المجوهرات.
ويباع “الصيني” لدى محلات الإكسسوارات غالباً لا داخل محلات الذهب أو الصاغة، كما يختلف سعر القطعة باختلاف الشكل والتصميم، وتتراوح أسعارها ما بين خمسة شواقل (1.38 دولار أميركي) وصولاً إلى 200 شيقل (55.5 دولار)، وفقاً لصاحب محل “أبو كويك للذهب الصيني”، ويؤكد محمد أبو كويك وجود إقبال كبير على شراء هذا الذهب على حساب الأصلي خصوصاً لدى العرائس.
ويبلغ سعر بيع الذهب المحلي في غزة ٢٥ ديناراً أردنياً (35 دولاراً) للغرام الواحد، فيما يشتريه التجار من المواطنين بـ٢٤ ديناراً. أما الذهب المستورد من الضفة، فهو أعلى سعراً نتيجة ما يضاف عليه من ضرائب تزيد تكلفة بيعه، فيصل سعر الغرام الواحد منه إلى ٣٣ ديناراً (46 دولاراً) للبيع و٢٣ ديناراً (32 دولاراً) للشراء، علماً أن معدل الرواتب حالياً في غزة لا يتخطى 350 دولاراً لمجمل فئات الموظفين. جراء ذلك، يشتكي أصحاب محال الصاغة من قلة الزبائن وتكدس الذهب.
وتفرض ظروف الانقسام (الذي حدث عام 2007) بين غزة ورام الله أن يدفع التجار ضريبة للسلطة في رام الله وضريبة أخرى لحكومة غزة. لكن بالعودة إلى عام 1999 كان هناك اتفاق بين السلطة التي كانت مركزيتها في غزة، وبين تجار الذهب، على أن يدفعوا قيمة الضريبة المضافة 17% على الذهب وفقاً لاتفاقية باريس الاقتصادية الموقعة بين إسرائيل والسلطة، وتم الاتفاق باعتماد الذهب نقداً وليس سلعة، أي ألا تكون عليه ضريبة قيمة مضافة أو على الأقل أن تدفع مرة واحدة فقط. أما قضية تكدس الذهب، فتعود إلى صعوبة بيع ذهب غزة إلى الخارج بسبب المنع الأمني الذي يحظر على هذه البضاعة المرور من حاجز “بيت حانون – إيريز” مع الجانب الإسرائيلي.
أما من يسمح لهم بالمرور من تجار، فيضطرون إلى الخروج إلى أسواق الضفة لبيع بعض الكميات. ويجري ذلك عبر نظام محدود تسمح فيه إسرائيل لما يقارب 14 تاجر ذهب غزياً فقط بالخروج إلى الضفة ليومين أسبوعياً، وذلك منذ ما يقارب سنتين. وهذه الحركة التجارية لا تأتي بهامش ربح كبير، فالفرق بين كيلو الذهب المباع في غزة والمباع في الضفة 500 دولار أمريكي، يشتكي التجار أنها تذهب كتكلفة للمواصلات.

ربما يعجبك أيضا