هروب قياسي لرؤوس الأموال.. ماذا يحدث في الأسواق الناشئة؟

ولاء عدلان
الأسواق الصينية

معهد التمويل الدولي: التدفقات الأجنبية الخارجة من الأسواق الناشئة سجلت خلال يوليو أطول سلسلة تخارج منذ 2005.


واصل المستثمرون الأجانب خلال الشهر الماضي، يوليو 2022، عمليات التخارج من الأسواق الناشئة للشهر الخامس على التوالي.

وبلغت قيمة التدفقات الأجنبية الخارجة من الأسواق الناشئة في الشهر الماضي نحو 10 مليارات دولار، في مؤشر على مدى تضرر هذه الأسواق من جراء سلسلة التشديد النقدي العالمية التي بدأها بنك الاحتياط الفيدرالي (المركزي الأمريكي) في مارس الماضي.

أطول سلسلة تخارج

بلغت قيمة رؤوس الأموال الأجنبية التي تخارجت من أسهم وسندات الأسواق الناشئة خلال يوليو الماضي نحو 9.8 مليار دولار، ارتفاعًا من 4 مليارات دولار في يونيو الماضي، مواصلة ارتفاعها للشهر الخامس على التوالي، في أطول سلسلة تخارج للأموال الأجنبية منذ 2005، وفق بيانات معهد التمويل الدولي.

وقفز إجمالي التدفقات الخارجة من الأسواق الناشئة على مدى الأشهر الـ5 الماضية إلى أكثر من 38 مليار دولار، وسط موجة هروب من أصول الأسواق الناشئة بحثًا عن ملاذات آمنة، مع تصاعد المخاوف بين المستثمرين الدوليين بشأن احتمالات الركود العالمي، واستمرار ارتفاع التضخم، وتسريع وتيرة رفع أسعار الفائدة الأمريكية، وانكماش اقتصاد الصين، وفق “فايننشال تايمز”.

التدفقات الخارجة

الصين أبرز المتضررين

واصل المستثمرون الأجانب في يوليو التخارج من سوق السندات الصينية البالغة 20 تريليون دولار، للشهر الـ6 على التوالي، وأيضا سجلوا صافي تدفقات خارجة من الأسهم الصينية للمرة الأولى منذ 4 أشهر، ليصل إجمالي التدفقات الأجنبية الخارجة من السندات والأسهم الصينية نحو 3 مليارات دولار و3.5 مليار دولار على الترتيب، وفق صحيفة “أس سي أم بي” الصينية، و”رويترز”.

وانكمش نشاط المصانع الصينية خلال يوليو إلى 49 نقطة، هبوطًا من 50.2 في يونيو، ما عزز مخاوف تباطؤ ثاني أكبر اقتصاد عالمي وسط تداعيات حرب أوكرانيا وعودة الإغلاقات بسبب وباء كورونا. وقال المحلل الاقتصادي لدى “أبسولوت ستراتيجي” آدم وولف لـ”فايننشال تايمز” إن مخاطر الركود تحد من قدرة الصين على دفع عجلة الانتعاش في البلدان النامية، التي تعتمد عليها كسوق تصدير ومصدر للتمويل.

الدولار القوي مصدر تهديد

تصاعد وتيرة هروب الأموال الأجنبية من الأسواق الناشئة، تعززه بالأساس قوة الدولار الأمريكي المدفوعة بتوقعات زيادات أكبر للفائدة الأمريكية، لكبح التضخم الذي سجل مستويات تاريخية خلال الأشهر الماضية، قبل أن يتباطأ قليلًا عند 8.5% في يوليو 2022. ومنذ بداية العام ارتفع مؤشر الدولار مقابل سلة من العملات الرئيسة بنحو 14%، وفق مذكرة للبنك الدولي.

وقال المدير العام لقطاع الممارسات العالمية للاقتصاد الكلي في مجموعة البنك الدولي، مارسيلو استيفاو، في مذكرة في بتاريخ الرابع من أغسطس الحالي، إن تسريع وتيرة رفع الفائدة الأمريكية، بالإضافة إلى عدة عوامل مثل حرب أوكرانيا وارتفاع مخاطر التضخم، أمور تدفع بقوة باتجاه التخارج من الأسواق الناشئة والأوروبية، بحثًا عن ملاذ آمن في أدوات استثمارية مقومة بالدولار “القوي”.

مؤشر الدولار

ارتفاع مؤشر الدولار منذ بداية العام

ضغوط مالية ومخاطر تعثر

يبدو بنك الاحتياط الفيدرالي أكثر استعدادًا من أي وقت مضى لرفع الفائدة خلال الأشهر المقبلة، والمخاطرة بحدوث ركود في أمريكا، وزعزعة استقرار أسواق الأسهم والأسواق الناشئة، من أجل خفض التضخم، وفق المحلل الاقتصادي آدم وولف.

ويهدد تسريع وتيرة رفع الفائدة الأمريكية الدول النامية والناشئة بسلسة من التخلف عن سداد ديونها، لا سيما المقومة بالدولار، مع ارتفاع تكاليف الاقتراض وانخفاض قيمة العملات المحلية. ويجري حاليًّا تداول سندات الأسواق الناشئة المقومة بالدولار بعوائد تتجاوز 10% مقارنة بسندات الخزانة الأمريكية، وفق “جي بي مورجان” في مؤشر على ارتفاع الضغوط المالية ومخاطر التعثر عن سداد الديون.

20220409 ldc087 1 585x450 1

توقعات لمسار رفع الفائدة الأمريكية

تفاقم الأزمات

زيادة التدفقات الخارجة من الأسواق الناشئة، قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تفاقم الأزمة المالية المتصاعدة في الاقتصادات النامية تحديدًا، وقد بدأت مع تخلف سريلانكا عن سداد ديونها السيادية في إبريل الماضي، وسط توقعات بمزيد من التعثر عن السداد في بلدان مثل باكستان وغانا وبنجلاديش، بضغط من قوة الدولار ومخاوف الركود العالمي، وفق “فايننشال تايمز”.

ويرى الخبير بمجموعة البنك الدولي، مارسيلو استيفاو، أن محاولة غالبية البنوك المركزية في الأسواق الناشئة لرفع الفائدة دفاعًا عن عملاتها أمام قوة الدولار وسعيًا لحماية الاستثمار الأجنبي لديها من الهروب باتجاه الأصول الأمريكية الأقل خطورة، ينطوي على مخاطرة تتمثل في تقويض النمو، وتقلص إيرادات الحكومات بمرور الوقت، وصولًا في نهاية المطاف إلى تفاقم مشكلات الديون.

ربما يعجبك أيضا