هكذا تحولت منطقة البحر الأسود لـ «بؤرة» صراع دولي

محمد النحاس
البحر الأسود

باتت منطقة البحر الأسود نقطة تنافس رئيسية في قلب الصراع الدولي.. فما أهمية هذه المنطقة؟


تحاول روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية وغيرها من القوى العالمية الصاعدة انتزاع مكانة الولايات المتحدة على الساحة الدولية وتعزيز مصالحها في مختلف المجالات مثل الطاقة والأمن والتكنولوجيا والتمويل والتجارة والدبلوماسية.

منطقة البحر الأسود والدول المحيطة، هي إحدى هذه المناطق التي تكمن أهميتها الجيوسياسية والاستراتيجية من كونها نقطة التقاء بين أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، مما يجعلها عقدة مهمة للتجارة العالمية والأمن والموارد الاقتصادية حسب تحليل لمركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية.

تهديد خطير

تواجه المنطقة تحديات متعددة تتمثل في كونها جبهة فاصلة بين الغرب وروسيا الاستبدادية، ونقطة التقاء بين الديمقراطية الغربية والتهديد العسكري الروسي من الشمال.

فضلاً عن تأثير الصين المتزايد من الشرق، وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، لذلك تشكل الاضطرابات المستمرة في منطقة البحر الأسود تهديدًا مباشرًا لأمن الاتحاد الأوروبي والغرب عمومًا، بحسب تحليل لمركز “بيلفر للعلوم والشؤون الدولية” المنشور في 26 أغسطس 2024.

الصين وروسيا

مع ذلك، يظهر ضعف واضح في موقف الولايات المتحدة تجاه الدور الروسي والتوسع التجاري الصيني في المنطقة.

والسؤال هنا: لماذا يجب على الولايات المتحدة الاهتمام بمنطقة البحر الأسود؟ تكمن أهمية هذه المنطقة في ثلاثة عوامل رئيسية: 1) المخاوف الجيوسياسية والاستراتيجية، 2) الأمن الغذائي والطاقة، 3) العوامل الفكرية.

المخاوف الجيوسياسية والاستراتيجية

تلعب منطقة البحر الأسود دورًا حيويًا كحاجز ضد التوسع الروسي، وهو أمر حاسم لأمن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي.

وعاد التنافس بين القوى الكبرى بين روسيا والغرب إلى الواجهة، حيث تمتلك الولايات المتحدة التزامات أمنية في أوروبا، ويُعد الحفاظ على تماسك حلف الناتو أحد أولوياتها الرئيسية.

في المقابل تسعى كل من روسيا والصين وإيران وتركيا إلى التأثير والسيطرة على الأمن الأوروبي، ما أدى إلى زعزعة استقرار الجناح الجنوبي الشرقي لأوروبا وتحدي دور الولايات المتحدة كضامن رئيسي لأمن أوروبا، حسب التحليل.

الأمن الغذائي والطاقة

تعد منطقة البحر الأسود مركزًا هامًا لإنتاج ونقل الوقود الأحفوري، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي المترابط. مع قطع أوروبا علاقاتها بروسيا، أصبحت المسارات البديلة للأسواق الغربية عبر البحر الأسود أكثر أهمية.

كما يتم استكشاف احتياطيات الغاز في البحر الأسود، بينما تُعد المنطقة مركزًا ناشئًا للطاقة المتجددة. كما أن اتفاقية الكابل البحري في البحر الأسود تهدف إلى نقل الطاقة المتجددة من منطقة جنوب القوقاز إلى أوروبا، مما يعزز الأمن الطاقي ويقلل من اعتماد أوروبا على روسيا.

العوامل الفكرية

لا يمكن تجاهل دور الأفكار، خصوصًا مع تزايد معاداة الغرب ومحاولات احتواء الديمقراطية في المنطقة. تستخدم روسيا أدوات متعددة مثل الحرب الهجينة والابتزاز الاقتصادي والتهديدات العسكرية لتقويض ما يسميها التحليل “الديمقراطيات” في دول البحر الأسود،

وإذا كانت الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بتعزيز الديمقراطية ومقاومة الاستبداد، فعليها مواجهة هذه التحديات وتعزيز نفوذها في المنطقة، حسب التحليل.

الحرب الروسية الأوكرانية

تظهر الحرب الروسية المستمرة ضد أوكرانيا الأهمية الاستراتيجية للسيطرة على منطقة البحر الأسود؛ ففي الوقت الذي تضعف فيه روسيا اقتصاديًا وعسكريًا، تستمر في الحرب، ما يزيد من خطر زعزعة استقرار المنطقة بأكملها.

وختامًا يخلص التحليل إلى أن التنازل عن النفوذ في هذه المنطقة قد يعني فقدان الولايات المتحدة لموقعها أمام المنافسين الاستراتيجيين مثل روسيا والصين.

ربما يعجبك أيضا