هل القوة العسكرية الأمريكية جاهزة لمواجهة التحديات الجديدة؟

علاء بريك

لن تنجح الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة التحديات الجديدة من القوى العظمى إذا واجهتها بنهج مواجهة الدول الإقليمية.


تسعى الولايات المتحدة الأمريكية، إلى إعادة تعزيز نفوذها في منطقة الهندوباسيفيك واستعادة اليد العليا فيها لمواجهة الصعود الصيني.

لهذا الغرض، ترتكز استراتيجية واشنطن على عدة محاور أهمها المحور العسكري، لكن هل تملك القدرات العسكرية المناسبة لمواجهة الصين؟ إذا كانت الإجابة لا، فما الذي تحتاج إليه واشنطن لتحسين قدراتها؟

تراجع التفوق الأمريكي

يستشهد الباحث في معهد رَند والمستشار العسكري السابق في الإدارة الأمريكية، ديفيد أوكمانِك، بما أوردته استراتيجية الدفاع الوطنية لعام 2018 للتدليل على تراجع التفوق المعسكر الأمريكي الغربي على المعسكر الصيني الروسي، وما ترتب على ذلك من تراجع لمكانة واشنطن عالميًا وبالتالي تراجع نفوذها.

يزيد من التحديات أمام الولايات المتحدة ما ذكره الباحثان في معهد كارنيجي، آرون ديفيد ميلر، وريتشارد سوكولسكي، في مادتهما المنشورة على صفحات موقع المعهد، من صعوبات في التعافي من آثار الوباء، لا سيما مع ما كشفه من ضعف داخلي، وإزالة مخلفات السياسة الأمريكية أيام حكم الرئيس السابق، دونالد ترامب، أو باختصار إن لدى واشنطن ملفات شاقة وشائكة في الداخل والخارج.

الحاجة إلى التغيير

تستند مقاربة أوكمانِك إلى افتراضٍ مؤداه أن الولايات المتحدة قائدة العالم وتلتزم مع حلفائها بضمانات أمنية عليها الوفاء بها على الدوام للبقاء في الصدارة، ومع هذا الدور العالمي يجب على القوات العسكرية الوصول إلى كل نقطة على سطح الكوكب للتدخل بها إذا لزم الأمر، وفي الآن ذاته تحتم على القوة العسكرية الأمريكية الإبقاء على حالة دائمة من التفوق على جميع خصومها ومنافسيها.

يصف أوكمانِك المهمة بالصعبة، بل أصعب من مثيلاتها عند خصوم واشنطن ومنافسيها، ولهذا على صناع القرار في واشنطن صياغة القرارات الأمثل لاستثمار الموارد بأفضل طريقة ممكنة لإبقاء القوة العسكرية بعيدة عن أقرب منافسيها، لكن تقارير صدرت مؤخرًا تفيد بوجود نقاط ضعف في القوة العسكرية، كان أبرزها تقادم الجسر البحري بالغ الأهمية في أداء العمليات اللوجستية.

مَن خصوم الولايات المتحدة؟

تكشف آلية التطوير العسكري في وزارة الدفاع الأمريكية عن أبرز خصمين أمام واشنطن اليوم، فبحسب أوكمانِك لا بد لقبول أي برنامج مقترح يقدم إلى وزارة الدفاع أن “يساهم في تحسين جوهري في قدرة القوات الأمريكية على هزيمة هجوم صيني أو روسي واسع النطاق”.

لكن هذا التركيز على الصين وروسيا، هل يجعل من قدرات الولايات المتحدة ضعيفة أمام تحديات أخرى من دول أخرى؟ وماذا عن بقية الخصوم؟ يجيب أوكمانِك: “نعم سيترك هذا التركيز واشنطن غير جاهزة كما يجب لمواجهة تحديات أخرى، لكن مخاطر هذا الأمر مقبولة”. من ناحية أخرى، فالخصوم الآخرين ككوريا الشمالية وإيران ليسوا على مستوى روسيا ولا الصين.

لا فائدة للنهج القديم

لتحقيق أفضل استثمار ممكن في ظل محدودية الموازنة العسكرية، يرى أوكمانِك أن الخطوة الأولى لا بد أن تكون تحديد الفجوات المهمة في القدرات العسكرية لأمريكا وحلفائها وشركائها، لكن قبل تحديد هذه الفجوات من الهام امتلاك فهم شامل ودقيق لاحتياجات القوات على الأرض ومهماتها المطلوبة منها، وهذه بدورها تحتاج إلى معرفة العدو وخططه وتصوراته وقدراته.

يضيف أوكمانِك بأن واقع الحال اليوم في أمريكا أن واشنطن تفتقر لتوافق على النهج الواجب على قواتها اتباعه لهزيمة أقوى خصومها، وأوضح عدد من الخبراء العسكريين والاستراتيجيين، أن نهج الولايات المتحدة إبان حروبها مع القوى الإقليمية كالعراق وأفغانستان وصربيا لن تجدي نفعًا مع الصين أو روسيا.

أسس مقترحة لنهج جديد

يوصي أوكمانِك بالتركيز على مجموعة بنود لتطوير نهج جديد يصلح لمقارعة التحديات الجديدة المختلفة عن التحديات السابقة، تمثل أول تلك البنود في التركيز على توزيع القوات والمعدات العسكرية بطريقة تسمح بالدفاع المتقدم الفعال وشن هجمات سريعة واسعة النطاق دون أن تتجاوز فترة التحضير والتجهيز مدة أسبوع.

أما البند الثاني فكان العمل على امتلاك المبادرة العسكرية للسيطرة على إيقاع القتال وضبطه لصالحها، التركيز على تحقيق القوة القتالية من دون الوقوع تحت ضربات المنظومات الدفاعية للخصم، وأخيرًا التركيز على تطوير موقف تفوق قوات واشنطن على قوات الخصم بعد كبح هجومه لتحقيق شروط تفاوضية جيدة.

ربما يعجبك أيضا