هل تؤدي «دبلوماسية أمريكا الفاشلة» لحرب ثالثة في الكونغو الديمقراطية؟

شبح الحرب يهدد الكونغو الديمقراطية.. تقاعس دولي؟

محمد النحاس

سياسة التقاعس والإهمال تطال كذلك السياسة الأمريكية تجاه منطقة البحيرات العظمى الواقعة شرق ووسط إفريقيا.. فكيف ذلك؟ وكيف يهدد بإزجاء إبادة جماعية جديدة في المنطقة؟


تواصل وسائل الإعلام الحديث عن النزاعات في أوكرانيا وغزة والسودان، ولكن يظل الصراع الأكثر دموية في القرن الحادي والعشرين هو ما وقع في جمهورية الكونغو الديمقراطية قبل نحو عقدين.

وتشير التقديرات إلى أن حرب الكونغو الثانية (1998-2003) تسببت في أكثر من 350 ألف حالة وفاة جراء العنف، بالإضافة إلى نحو 5 ملايين وفاة مدنية زائدة نتجت عن تبعات الحرب، وحتى لو كانت الأرقام الفعلية نصف تلك التقديرات.

تبعات التقاعس

جاء في مقال لمجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية، أن الولايات المتحدة لديها القدرة على إنفاق مليارات الدولارات على الدبلوماسية والاستخبارات، لكن التقاعس قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى تفاقم المشكلات.

يسوق المقال المنشور في 2 يونيو 2024 مثالًا على ذلك، أن الأنفاق في قطاع غزة، ونوايا حماس، كانت معروفة لدى الولايات المتحدة، لكن جرى تجاهلها، ما أدى إلى “تفاقم المشكلات”.

وبالمثل، حدث ذات الأمر في لبنان، فقد أعاد حزب الله التسلّح بعد حرب 2006 مع إسرائيل، ولم يتم اتخاذ أي إجراءات مضادة، وفق ما ذكر الزميل البارز في معهد المشروع الأمريكي لأبحاث السياسات العامة (أمريكان إنتربرايز)، مايكل روبين في مقاله بـ”ناشونال إنترست”.

البحيرات العظمى

يرى المقال أن “نفس الإهمال” شاب السياسة الأمريكية تجاه صعود روسيا، حيث جرى التقليل من أهمية التهديد الروسي حتى بعد اجتياح شبه جزيرة القرم وأجزاء من الشرق الأوكراني في 2014.

سياسة التقاعس والإهمال تطال كذلك السياسة الأمريكية تجاه منطقة البحيرات العظمى الواقعة شرق ووسط إفريقيا.. فكيف ذلك؟ وكيف يهدد بإبادة جماعية جديدة في المنطقة؟

بالنسبة لمعظم الغرب، انتهت الإبادة الجماعية ضد التوتسي في رواندا عام 1994 عندما طردت الجبهة الوطنية الرواندية المتطرفين الهوتو عبر الحدود إلى الكونغو الديمقراطية. ومع ذلك، سمحت الأمم المتحدة للمليشيات المُسلحة بتحويل المخيمات إلى “قواعد إرهابية مسلحة” على حد وصف المقال المنشور بـ”ناشونال إنترست”.

تهديد جديد ضد التوتسي

النمط السائد في شرق الكونغو مُشابه لما سبق الإبادة الجماعية قبل 3 عقود، في جوهره حيث يزعم المتطرفون الهوتو بأن التوتسي ليسوا إلا مهاجرين نيلوتيين من المرتفعات الإثيوبية.

وانزلقت شرق الكونغو تدريجيًّا إلى الفوضى، وانتشرت المليشيات بعضها عصابات إجرامية وأخرى إثنية وأخرى مليشيات محلية، وحذرت الأمم المتحدة في 31 مايو، من أن التوترات الإثنية قد تؤدي إلى أزمة إقليمية أوسع.

دور صيني

يلفت المقال إلى أنّ الصين استفادت من الوضع حيث قدمت طائرات بدون طيار للكونغو في مقابل حقوق التعدين للكوبالت.

هذا التعاون يمنح الصين فوائد متعددة، وتشمل تأمين الموارد اللازمة، والفوز بعقود للصناعات العسكرية، وتقويض مساعي رواندا التي تسعى لإقامة علاقات الجيدة مع الغرب.

يرى المقال ختامًا أنّ السياسة الأمريكية في منطقة البحيرات العظمى هي إرجاء المشكلات، وينصح في هذا الصدد الولايات المتحدة أن  تتخذ موقفًا حازمًا ضد ما يسميه المقال “الخطاب الإبادي والتحريض الإثني”، وختامًا يلفت إلى أنه حال استمرت الإدارة الأمريكية في سياسة “الإهمال”، فإننا ربما نستيقظ على حرب ثالثة في الكونغو قد تخلف ملايين القتلى.

ربما يعجبك أيضا