هل تتجاوز عملية الانتقام لسليماني سقف الاغتيال؟

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

وسط تهديدات متكررة بالانتقام من عملية اغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، قام المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، مساء الجمعة، بزيارة منزل سليماني وتقديم العزاء لأسرته. وقد توعد خامنئي “بانتقام قاس” من المسؤولين عن مقتل سليماني.

كذلك قام الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بزيارة بيت سليماني وأکد روحانی: “لم یدرك الأمريکیون ماذا ارتکبوا خطأ استراتیجیا. سیشاهد الأمريكیون تداعیات هذه الجریمة طوال الأعوام القادمة وليس الیوم”.

وأعلنت الحكومة تشيع جنازة سليماني يوم الإثنين القادم، مع تعطيل الدوائر الحكومية والمدارس والجامعات في ذلك اليوم للمشاركة.

وقال خامنئي: إن “انتقاما قاسيا سيلحق “بالمجرمين” المسؤولين عن الهجوم. وأضاف إن مقتل سليماني سيضاعف “المقاومة” ضد الولايات المتحدة وإسرائيل.

وهدد المجلس الأعلى للأمن القومي بأن الولايات المتحدة ستحاسب على “مغامرتها الإجرامية”.

ووصف وزير الخارجية محمد جواد ظريف الهجوم بأنه “إرهاب دولي”.

وفي أول تعليق لخليفة قاسم سليماني، قال إسماعيل قاآني: “اصبروا قليلا وسترون بأم أعينكم بقايا جثث الشيطان الأكبر في الشرق الأوسط”.

الرجل الثاني

وتتهم واشنطن سليماني بالمسؤولية عن “العمليات العسكرية السرية” في أنحاء الشرق الأوسط، وخاصة في العراق وسوريا؛ وصنف من قبلها كـ “داعم للإرهاب”.

وعلق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب على مقتل خامنئي، إنه اتخذ هذه الخطوة من أجل منع حرب وليس إشعالها. وأضاف “انتهى عصر إرهاب قاسمي”. ولكن مقتل المسؤول العسكري الإيراني يعد تصعيدا كبيرا للتوتر بين البلدين.

وقال مسؤولون أمريكيون إن الولايات المتحدة سترسل قوات قوامها ثلاثة آلاف جندي إلى الشرق الأوسط كإجراء احترازي.

وكان سليماني الرجل الثاني في إيران بعد خامنئي. وفيلق القدس الذي كان يقوده قوة عسكرية ضمن الحرس الثوري مسؤولها الأول هو المرشد الأعلى شخصيا.

وخلال 21 عاما من قيادة سليماني، تمكن فيلق القدس من تعزيز قوة حزب الله وتوسع وجوده العسكري. وشارك في الحرب التي قادها النظام السوري على المعارضة المسلحة.

وقال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو: إن الولايات المتحدة تريد تهدئة الأوضاع، ولكنه وصف العملية العسكرية بأنها “قانونية”، وأنها “أنقذت أرواحا”.

وشكر بومبيو ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، على “دعمه” وعلى “اعترافه بالتهديد الذي يشكله فيلق القدس” الإيراني.

ألا تتجاوز سقف الاغتيال!

وقد أعلنت وزارة الخارجية السويسرية، الجمعة، أن أحد دبلوماسييها سلم رسالة من الولايات المتحدة إلى إيران اليوم بشأن مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني في ضربة جوية أمريكية.

وقد كشف الحرس الثوري الإيراني، علي فدوي، اليوم السبت، عن مضمون الرسالة الأمريكية، وقال: إن “الرسالة الرسمية الأمريكية طلبت ألا يتجاوز حجم الرد الإيراني سقف الانتقام لسليماني فقط”، وذلك حسب وكالة “مهر” الإيرانية.

وعلق فدوي على ذلك، أنه “لا يمكن لواشنطن أن تحدد شكل وطبيعة وسقف الرد الإيراني بعد اغتيالها سليماني”،  وأن “الخبراء يعرفون أن جريمة أمريكا تفتقر لأي قيمة أمنية فتحركات سليماني لم تكن سرا”.

وقال وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، سلمنا سفیر سویسرا ردا قویا ومناسبا علی رسالة الأمریکیین الوقحة.

الانتقام من المتورطين أولًا

تهديدات المرشد الأعلى، علي خامنئي، بالانتقام، دائما تقدم تحديد الانتقام من المتورطين أولًا، حيث قال بيان خامنئي عقب عملية الاغتيال لسليماني، “إن المجرمين الذين تلطخت أيديهم بدم الشهيد سليماني ودماء بقية الشهداء في اعتداء فجر أمس الجمعة سيواجهون انتقاما قاسيا”.

وجاء في بيان الأمن القومي الإيراني، الرد على إغتيال سليماني “سيشمل المنطقة بأسرها” و”سيكون في الزمان والمكان المناسبين محملًا واشنطن عواقب ما أسماها “المغامرة الإجرامية”.

كذلك قال وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي: إن طهران “سننتقم انتقاما ساحقا للاغتيال الجائر لسليماني… سننتقم من جميع المتورطين والمسؤولين عن اغتياله”.

وقد يكون انتقام طهران أولا من المتورطين في عملية الإغتيال داخل العراق وتصفيتهم؛ حيث تشير المصادر إلى أن قرار اغتيال سليماني والمهندس” استبقته اختراقات أمنية أمريكية للدائرة الضيقة المحيطة بنائب رئيس هيئة “الحشد”، إذ تمكنت المخابرات الأمريكية من تجنيد مقرب من المهندس الذي أطلعها على موعد وصول سليماني لمطار بغداد، والخطة التي كان يريد الإشراف عليها بتنفيذ “الحشد الشعبي”.

إفشال طموحات “ترامب”

توالت تغريدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكذلك تصريحات فريق إدارته؛ لتبرير عملية إغتيال “قاسم سليماني”، حيث قال ترامب: إن سليماني كان يخطط لهجمات “وشيكة” على المصالح الأمريكية.

وتكرار هذا النوع من التصريحات، يكشف أن الرئيس الأمريكي يواجه ضغوطا داخلية، سيما من معارضيه في الكونجرس الأمريكي من الديموقراطيين. خاصة أنه كان يسعى من وراء هذه العملية لكسب شعبية انتخابية أكبر، بعدما قضي على زعيم “داعش” البغدادي، وبعده قائد فيلق القدس “سليماني”، اللذين هما من المطلوبين على قائمة التهديد الأمريكية.

وربما الانتقام الإيراني في مرحلته الأكبر؛ سيستفيد من ذلك، إما انصياع “ترامب” للمطالب الإيرانية وتكون ضربات الانتقام موجهة للجماعات المتطرفة في المنطقة. على غرار ما فعلت طهران من قبل في سوريا. أو تكون موجهة لحلفاء واشنطن في المنطقة ومصالحهم.

أو أن تشمل دائرة الانتقام عمليات إرهابية ضد القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة عبر المليشيات. ويكون التوقيت في الوقت الذي يضر بمستقبل ترامب الانتخابي وبما يساعد على حذفه للمشهد الأمريكي. حيث تتبع إيران سياسة الصبر في مفاوضتها مع واشنطن، انتظارًا لرئيس أمريكي قادم بعد “ترامب” يكون لإيران حظ أوفر معه.

وتكشف المصادر والتحليلات أن ترامب اتخذ قرار تصفية “سليماني” بعدما تسرب للأمريكان خطة إيرانية يشرف عليها سليماني ويقوم يتنفيذها الحشد الشعبي، فجر يوم الـ11 من يناير الجاري، تتضمن محاصرة “الحشد” القواعد العسكرية الأمريكية باستثناء الموجودة في كردستان. حيث واشنطن لديها نحو 12 قاعدة عسكرية علنية في العراق. وأن الحشد كان سيركز على 3 قواعد أمريكية هي: مطار بغداد، وقاعدتا عين الأسد في قضاء البغدادي والحبانية في الأنبار، وبالتزامن مع الخطة محاصرة السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء. وأن سليماني استهدف بخطته الضغط على الولايات المتحدة لإخراج قواتها من العراق واقتصار وجودها على البعثة الدبلوماسية.

وبالفعل منذ انطلاق تظاهرات الحشد الشعبي في بغداد ومحاصرة السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء، تتعالى نبرة المطالبة بإخراج القوات الأمريكية من العراق وإلغاء الاتفاقية الأمنية معها، بعدما قامت قصفت القوات الأمريكية هناك بعض مقرات الحشد الشعبي في العراق.

الملاحظ، أن قاسم سليماني طوال جولاته بين لبنان وسوريا والعراق، كان مكشوفًا للأمريكيين. ولكن يبدو أنه قد تجاوز الخط الأحمر، عندما هاجم الحشد الشعبي قاعدة أمريكية في العراق. فكان الرد الأمريكي بقصف مقرات الحشد الشعبي. وعندما خطط سليماني لمحاصرة السفارة الأمريكية والضغط لإخراج أمريكا من العراق عبر مهاجمة القواعد الأمريكية، قامت واشنطن بتصفية سليماني، فهي لن تسمح لأحد بالاقتراب من قطيعها.

ربما يعجبك أيضا