هل تتورط بيلاروسيا في الحرب الروسية الأوكرانية؟

رنا أسامة

لاحت في الأفق مؤشرات على غزو بيلاروسي محتمل لأوكرانيا في أوائل العام المقبل.. ما أبرزها؟


أظهرت صور أقمار صناعية حديثة، طرق غابات منحوتة حديثًا، وتدفق عسكري بطيء إلى الحدود الشمالية لأوكرانيا مع بيلاروسيا.

وعد خبراء تلك الصور دلالة على “غزو بيلاروسي محتمل” لأوكرانيا، حسب ما جاء في تحليل نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، للصحفية الإيرلندية، نورما كوستيلو، والزميلة الزائرة بجامعة هارفارد، فيرا ميرونوفا.

قلق أوكراني

بحسب التحليل، الذي نشر يوم الاثنين 19 ديسمبر 2022، فإن وصول معدات بيلاروسية جديدة إلى الحدود الشمالية، بجانب شن عملية “مكافحة الإرهاب”، والتفتيش المفاجئ للجاهزية القتالية للقوات البيلاروسية، أثار قلق الحكومة الأوكرانية من هجوم محتمل في أوائل العام المقبل.

وبالرغم من أن بيلاروسيا، الدولة التي غالبًا ما توصف بأنها آخر ديكتاتورية في أوروبا، أبقت جيشها بعيدًا عن الحدود خلال الحرب التي تسميها موسكو “عملية عسكرية خاصة”، ظهرت مؤشرات آخذة في الازدياد على تغيير في النهج البيلاروسي.

مقامرة بيلاروسية

من بين هذه المؤشرات، زيادة القطارات التي تقل جنودًا ومعدات عسكرية من حدود روسيا، إلى بلدة بريست في جنوب غرب بيلاروسيا، الواقعة بالقرب من الحدود مع بولندا، العضو بحلف شمال الأطلنطي (ناتو). وذكرت وكالة أنباء “رويترز” أن قوات روسية ستجري تدريبات تكتيكية على الأراضي البيلاروسية قريبًا.

أرتيوم، مقدم سابق بقوات العمليات الخاصة البيلاروسية انشق إلى أوروبا، تحدث لـ”فورين بوليسي” شريطة عدم كشف اسم البلد الأوروبي الذي لجأ إليه. وقال إن نشر قوات في أوكرانيا سيمثل “مقامرة” للرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو.

لوكاشينكو تحت رحمة بوتين

ذكر أرتيوم أن لوكاشينكو يبذل قصارى جهده لعدم إرسال قوات بيلاروسية إلى أوكرانيا، إدراكًا بأن الجيش هو الوحيد القادر على إبقائه في السلطة، ومن ثم فإن إيفاد تهديد حيات جنود بيلاروس، عبر إرسالهم إلى جبهة الحرب الروسية الأوكرانية، سيمثل “كارثة” له.

وأضاف: “يدعي (لوكاشينكو) أن بولندا تخطط لمهاجمة بيلاروسيا، ليبرر ضرورة التمركز العسكري على حدودنا (البيلاروسية). لكنه يقع تحت رحمة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين”، وفق ما أورده التحليل.

لوكاشينكو وبوتين

الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، و البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو

تردد بيلاروسي

يُجمع خبراء على أن لوكاشينكو متردد في إرسال قواته للقتال في أوكرانيا، لعدم استقرار وضعه الأمني في الداخل، على وقع سلسلة احتجاجات جماهيرية في عام 2020، قمعتها السلطات بوحشية، وأفضت إلى اعتقالات سياسية جماعية.

وتقول الخبيرة في شؤون بيلاروسيا والزميلة غير المقيمة بالمجلس الأطلنطي، هانا ليوباكوفا، لـ “فورين بوليسي” إن فقد جنود في أوكرانيا من شأنه أن يثير حفيظة البيلاروس، بما يهدد استقرار لوكاشينكو، خصوصًا أن قطاعًا عريضًا من المواطنين يعارض الخطوة، كما تظهر استطلاعات رأي.

احتجاجات محتملة

أضافت ليوباكوفا: “من الصعب سياسيًّا تبرير الخطوة. يتألف الجيش البيلاروسي من جنود شباب، ليس لديهم دافع للقتال. إذا عادوا جثثًا قد تندلع احتجاجات، ربما يصعب توقع مداها، لكنها ستسهم في زعزعة استقرار لوكاشينكو”.

وزعمت مجموعة دردشة، دشنها عمال نقل بيلارسيون على تطبيق “تليجرام”، أن مينسك نقلت في غضون 24 ساعة، الأسبوع الماضي، 310 جنود، بجانب معدات، من فيتيبسك، التي تبعد 60 كيلومترًا عن روسيا، إلى بريست، وسط مخاوف من تشكيل جبهة قتال جديدة بين موسكو ومينسك.

تدخل وشيك

فادزيم كابانتشوك، نائب قائد كتيبة “كاستوس كالينوفسكي”، التي تضم متطوعين بيلاروس تحت قيادة القوات المسلحة الأوكرانية، يتوقع تدخلًا بيلاروسيًّا وشيكًا في أوكرانيا، مشيرًا إلى أن 8 من كل 10 جنود بالجيش يعارضون ذلك، وهو الأمر الذي قد يُعرضهم إما للسجن أو الانشقاق.

وفي حين يدرك الرئيس البيلاروسي العواقب المحتملة لإرسال جنوده إلى أوكرانيا، توقع كابانتشوك تصاعد الصراع على نحو يخرج عن سيطرته، وقد يدفعه إلى تعبئة جيشه كاملًا.

بيلاروسيا

هجوم ممكن لكنه غير مرجح

بيد أن القوات البيلاروسية قد تواجه صعوبة في عبور المنطقة الحدودية الملغومة بشدة، من دون سقوط ضحايا كثر في صفوفها. في حين تزعم روايات بأن الحشد البيلاروسي جزء من عملية استراتيجية، لصرف انتباه كييف عن الجبهات مع الروس في جنوب وشرق البلاد.

وفي هذا الشأن، قالت الخبيرة بالمجلس الأطلنطي، هانا ليوباكوفا، إن مهاجمة بيلاروسيا لأوكرانيا ممكنة، لكنها غير مرجحة، لعدم كفاية القوات البيلاروسية الجاهزة لإتمام هذه المهمة، بحسب ما نقله عنها التحليل.

«ليست حربهم»

من شأن أي هجوم بيلاروسي على أوكرانيا الإطاحة بالرئيس لوكاشينكو. من وجهة نظر أرتيوم، وهو أحد المنشقين البيلاروس رفيعي المستوى، فإن انضمام مينسك إلى الحرب في كييف قد يجلب الفوضى لآخر ديكتاتور بأوروبا.

وأضاف: “يوجد دعم لروسيا في صفوف الجيش البيلاروسي، لكن الحافز للقتال من أجل بوتين ليس كافيًا”، في حين يرى جنود بيلاروس كثر أنها “ليست حربهم”.

ربما يعجبك أيضا