هل تستطيع أوروبا تصنيع مليون قذيفة لأوكرانيا في عام واحد؟

شروق صبري
أسلحة وذخييرة

لم يعتقد أحد في أوروبا في البداية أن يطول أمد الحرب الروسة الأوكرانية، ولكن بعد مرور أكثر من عام أصبحت الأمور معقدة.


بعد 3 عقود من نهاية الحرب الباردة، انتبه الأوروبيون إلى أزمة نقص الذخيرة والعتاد العسكري، لمواجهة أي خطر حال اندلاع حرب.

فعقب نهاية الحرب الباردة، قلصت أوروبا الإنفاق العسكري في مقابل زيادة الإنفاق على برامج الرعاية الاجتماعية، الأمر الذي أثر سلبًا في مخزونات الأسلحة لدى بعض دول الاتحاد الأوروبي، والتي تكاد تنفد حاليًّا، على وقع الحرب الروسية الأوكرانية.

200 ألف قذيفة شهريًّا

منذ تحذيرات مسؤولي الاتحاد الأوروبي من نقص الذخيرة، بدأت الأنظار تتجه نحو شركة نامو Nammo (اختصار لـ Nordic Ammunition Company شركة نورديك للذخيرة) وهي مجموعة نرويجية فنلندية متخصصة في إنتاج الذخيرة، ومحركات الصواريخ، ولها أفرع في 11 دولة أوروبية، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أمس الأحد 9 إبريل 2023.

ومنذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية زودت أكبر مصانع الذخيرة في أوروبا إنتاج قذائف المدفعية من عيار 155 مليمتر. لكن إذا طال أمد الحرب الأوكرانية، ستنتج شركة نامو ما يصل إلى 200 ألف قذيفة سنويًّا بحلول عام 2028، أي ما يصل إلى 20 ضعف ما كانت تنتجه قبل الحرب.

وأشار تقرير نيويورك تايمز إلى أن هذا الكم من القذائف لن يكفي، خاصة وأن أوكرانيا تطالب بنحو 250 ألف قذيفة 155 مليمتر شهريًّا لصد تقدم روسيا، في حين أن الإنتاج المشترك للمصانع الـ11 التي تصنع القذائف في أوروبا، أقل بكثير من احتياجات أوكرانيا.

 شركة نامو

شركة نامو Nammo

هل توفر أوروبا مليون قذيفة لأوكرانيا؟

لفتت الصحيفة الأمريكية إلى أنه في الوقت الذي تكافح فيه الولايات المتحدة لتوفير أنظمة الأسلحة وغيرها من المعدات، يتساءل المسؤولون والمحللون عما إذا كانت أوروبا قادرة على توسيع الإنتاج من قطاعها الصناعي العسكري، لتزويد أوكرانيا بالأسلحة التي تحتاج إليها.

وترى نيويورك تايمز أن الجواب “لا” على الأقل في المدى القصير، لأن أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) بينما يأملون تلبية الاحتياجات الفورية لأوكرانيا من المخزون الداخلي في الوقت الحالي، يتسابقون لزيادة الإنتاج إذا استمرت الحرب لسنوات.

حرب لإعادة بناء المخزون

خلال وجوده في واشنطن، حيث كان يجتمع مع مسؤولين في الكونجرس والبنتاجون، قال الرئيس التنفيذي لشركة نامو، مورتن برانتزايج، لنيويورك تايمز: “إنها ليست حربًا على القدرة الصناعية لمساعدة الأوكرانيين، ولكنها أيضًا حرب لإعادة بناء المخزون”، معقبًا: “كان علينا التصرف بهذه الطريقة من قبل”.

وأضاف: “توجد قرارات عاجلة مطلوبة من الدول، لتمويل هذه القدرة الصناعية الهائلة التي تتطلب عقودًا طويلة الأجل، خاصة لقذائف المدفعية عيار 155 ملم… الدول الأوروبية قلصت من ميزانياتها الدفاعية بعد الحرب الباردة، فالنرويج، على سبيل المثال، لم تطلب أي شيء من نامو منذ أوائل التسعينات”.

قذائف شركة نامو

قذائف شركة نامو

مليون قذيفة لأوكرانيا

في مارس 2023، وافق الاتحاد الأوروبي على إنفاق ما يصل إلى 2.14 مليار دولار لتمويل شراء أوكرانيا لنحو مليون قذيفة عيار 155 ملم في غضون 12 شهرًا، وهو المعيار الذي حققته الولايات المتحدة بالفعل، بمخزوناتها القوية وأنظمة التمويل المبسطة، ولكن على أوروبا أن تبذل جهدًا لتحقيقه.

وقال وزير خارجية ليتوانيا جابريليوس لاندسبيرجيس، أحد أقوى المدافعين عن مساعدة أوكرانيا: “قد لا نتمكن من تحقيق هذا الهدف”. لكن نيويورك تايمز تعتقد أن هذا الرقم يعتمد بقدر كبير على مصنع “نامو”، باعتبار أنه أحد أكبر مصنعي الذخائر في القارة الأوروبية.

زيادة الإنفاق العسكري

يقع المقر الرئيس لشركة نامو على بعد ساعة شمال أوسلو، وهي مملوكة بالشراكة للحكومة النرويجية وشركة دفاعية تمتلك فنلندا معظمها، وتنتج الذخيرة وتخزنها في 9 دول أوروبية والولايات المتحدة، وتتطلع إلى التوسع في أوروبا وأمريكا الشمالية.

لكن المديرين التنفيذيين وجدوا في كثير من الأحيان خططهم محبطة، بسبب إحجام العديد من الدول عن الالتزام بزيادات كبيرة في الإنفاق العسكري.

ووفقًا لنيويورك تايمز، باعت نامو منذ سنوات كميات ثابتة ولكن قليلة من الذخيرة إلى الجيوش في شمال أوروبا والولايات المتحدة، لكنها، مثل الصناعات الدفاعية الأخرى، كانت تفتقر إلى الموارد اللازمة لتلبية الطلب الكبير بعد بدء الحرب الروسية الأوكرانية.

قذائف شركة نامو

قذائف شركة نامو

جهود «نامو»

قال مسؤولو نامو، الذين لم يكشفوا لأسباب أمنية وتنافسية عن إنتاج الشركة الحالي للقذائف من عيار 155 ملم: “كانت الشركة تنتج عشرات الآلاف من القذائف قبل الحرب”، لكن على مدار العام الماضي، كانت الشركة تشتري المزيد من المعادن والوقود والمواد الأخرى لإنتاج المزيد من القذائف.

ووفق نيويورك تايمز، تعمل نامو على بناء مصنع جديد لإنتاج الذخيرة من عيار 155 ملم، ولكن هذا المصنع لن يكتمل حتى أواخر عام 2024. ومع ذلك قال برانتزايج: “ستستغرق نامو 3 سنوات على الأقل للوفاء بطلب النرويج الذي لا يزال قيد التفاوض، ولم تدفع الحكومة النرويجية ثمنه بعد”.

شركة نيكستر الفرنسية

نقلت الصحيفة الأمريكية عن نائب الرئيس التنفيذي في شركة نيكستر الفرنسية للصناعات الحربية، دومينيك جيليت، قوله إن شركته زادت نوبات عمل موظفيها إلى 3 نوبات، لمحاولة مواكبة الطلب على الذخيرة في زمن الحرب.

وتصنع نيكستر ذخائر مضادة للدبابات والدفاع الجوي عيار 155 مليمتر، ولكنها تحتاج إلى قطع وإمدادات إذا أرادت مضاعفة إنتاجها، وهو ما دفع جيليت للتواصل مع شركة نامو الأسبوع الماضي، للحصول على المساعدة من أحد المنافسين.

قذائف شركة نامو

قذائف شركة نامو

ضعف في إمدادات الذخائر

قال جيليت إن الجميع لم يعتقد في البداية أن يطول أمد الحرب الروسة الأوكرانية، ولكن بعد مرور أكثر من عام أصبحت الأمور معقدة، خاصة في ما يتعلق بصناعة الذخيرة في أوروبا، حسب ما أوردت الصحيفة الأمريكية.

وكانت مجموعة من وثائق سرية للبنتاجون، تسربت أخيرًا على وسائل التواصل الاجتماعي، كشفت عن أن المسؤولين الكوريين الجنوبيين “اقترحوا إمكانية بيع 330 ألف قذيفة مدفعية إلى بولندا” بعد مواجهة ضغوط من واشنطن، لكن تنفيذ صفقة كهذه لن يقدم سوى جزء بسيط من القوة النارية المطلوبة.

اقرأ المزيد: البنتاجون يفحص وثائق مسربة مزعومة بشأن حرب أوكرانيا

اقرأ المزيد: أوكرانيا تعدل خططها للهجوم المضاد بعد تسريب وثائق أمريكية

ربما يعجبك أيضا