هل تستغل الإخوان ضعف حزب الله في سوريا لزيادة نفوذها؟

الإخوان وحزب الله في سوريا.. العداء المتجذر والمصير الغامض

أحمد عبد الحفيظ

العلاقات بين الإخوان المسلمين في سوريا وحزب الله اللبناني تشهد تاريخًا من التوتر والتناقض، وهو ما يمكن اعتباره نتيجة لتعقيدات الصراع السياسي والطائفي في المنطقة، ومع حالة الضعف التي بات عليها حزب الله ظهرت مخاوف جدية من احتمالية استغلال إخوان سوريا هذا الوضع والسعي لكسب نفوذ على حساب حزب الله هناك.

لفهم أسباب العداء بين الجانبين، يجب النظر إلى خلفياتهم الفكرية والسياسية والظروف التي أثرت على مواقفهما في سوريا.

التباين الأيديولوجي

الإخوان المسلمون وحزب الله يختلفان أيديولوجيًا بشكل واضح، الإخوان المسلمون حركة سنية تعتمد على الشريعة الإسلامية كإطار سياسي، في المقابل حزب الله هو حركة شيعية مدعومة من إيران، تعتمد على ولاية الفقيه كإطار ديني سياسي، وتسعى إلى تحقيق نفوذ إقليمي في سياق ما تسميه “محور المقاومة” ضد إسرائيل والغرب.

هذا التباين الأيديولوجي يجعل من الصعب على الجانبين أن يجدا أرضية مشتركة، خاصة في ظل الاختلافات الطائفية التي زادت من تعميق الهوة بينهما في الصراع السوري.

الصراع السوري والمواقف المتضاربة

مع اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011، أصبحت الخلافات بين الإخوان المسلمين وحزب الله أكثر وضوحًا، الإخوان المسلمون في سوريا كانوا داعمين للثورة السورية، واعتبروا أن الإطاحة بنظام بشار الأسد، الذي يمثل حكم الأقلية العلوية، هو خطوة ضرورية لتحقيق الديمقراطية في سوريا.

على الجانب الآخر، حزب الله وقف بحزم إلى جانب نظام الأسد، حيث يرى أن سقوط الأسد يعني خسارة حليف استراتيجي في المنطقة، وهو ما سيهدد مصالحه ومصالح إيران في الشرق الأوسط، هذا الدعم العسكري والسياسي من حزب الله لنظام الأسد جعله عدوًا واضحًا للإخوان المسلمين والقوى المعارضة السورية.

استغلال حالة الضعف

مع تعرض حزب الله لضغوط متزايدة سواء على الساحة السورية أو في الداخل اللبناني بسبب الأزمات العسكرية والاقتصادية والسياسية، قد يسعى الإخوان المسلمون إلى استغلال هذه اللحظة لتعزيز موقعهم وإضعاف خصومهم.

يتعرض حزب الله لاستنزاف مستمر نتيجة الضربات الإسرائيلية وتدخله العسكري في سوريا، ما جعل بعض المراقبين يرون أن الحزب بات أضعف مما كان عليه في السنوات السابقة.

الإخوان المسلمون، من جانبهم، يمكن أن يستغلوا هذا الوضع لتعزيز نفوذهم في شمال سوريا ومناطق المعارضة، خاصة مع تقليص نفوذ حزب الله في بعض المناطق السورية نتيجة الضغوط العسكرية والميدانية، مهاجمة حزب الله وتوجيه اللوم إليه لدعمه الأسد يمكن أن يكون تكتيكًا لجذب المزيد من الدعم الشعبي للقضية السورية المعارضة وتعزيز موقفهم في الساحة الدولية.

هجوم الإخوان على حسن نصر الله

بعد مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، أصدر تنظيم الإخوان في سوريا بيان حاد اللهجة ضد نصر الله واتهمه بإفساد الوضع في سوريا بتدخله في الحرب الأهلية هناك.

هذا البيان أظهر مدى غضب تنظيم الإخوان من حزب الله، لتأثيره الشديد في الوضع داخل سوريا وقت الحرب ومساعدته نظام بشار الأسد على البقاء في الحكم على حسابه.

إمكانية اشتعال الحرب الأهلية مجددًا

رغم أن الحرب الأهلية في سوريا قد هدأت إلى حد ما في بعض المناطق، إلا أن البلاد لا تزال تواجه تحديات كبيرة، التوتر بين الإخوان المسلمين وحزب الله هو جزء من صراع أكبر يشمل قوى إقليمية ودولية متعددة، وفي حال استمرار هذا العداء وتزايد الضغوط على حزب الله في سوريا، قد يكون هناك احتمال لاندلاع أعمال عنف جديدة بين الأطراف المتصارعة.

إلى جانب ذلك، يبقى احتمال اشتعال صراع طائفي بين السنة والشيعة قائمًا في ظل أي محاولة لإعادة ترتيب المشهد السوري بطريقة تتجاهل التوازنات الطائفية الدقيقة، فالمسألة لا تتعلق فقط بالإخوان وحزب الله، بل بتداخل مصالح قوى إقليمية وهو ما يجعل أي تصعيد محتمل قد يؤدي إلى عودة الحرب الأهلية في سوريا.

العداء بين الإخوان المسلمين وحزب الله يعكس صراعًا أعمق بين رؤى سياسية وأيديولوجية متعارضة في الشرق الأوسط. ومع تعقد الأوضاع في سوريا واستمرار التوترات الإقليمية، يبقى الوضع هشًا ومعرضًا للاشتعال في أي لحظة.

ربما يعجبك أيضا