هل تعادي الولايات المتحدة الصين أم الحزب الشيوعي؟

بسام عباس

الخلط بين "الصين" كأمة و"الحزب الشيوعي الصيني" كنظام، يعزز النظام الاستبدادي على حساب الأهداف الاستراتيجية الأمريكية.


حذر ضابط في سلاح الجو الأمريكي بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ (الهندوباسيفيك) من الخلط بين الشعب الصيني وحضارته العريقة، ونظام الحزب الشيوعي الحاكم.

وأشار الضابط جيمي شين، في مقالٍ نشره موقع “ديفينس ون” الأمريكي، يوم الاثنين الماضي 3 أكتوبر 2022، إلى وجود فارق كبير بين مصطلح “جمهورية الصين الشعبية” الذي يعني القوة السياسية التي تسيطر على الصين، ومصطلح “الصين” الذي هو الشعب والحضارة والتاريخ.

خلط المصطلحات يضر الأمريكيين

أوضح شين، في مقاله، أن الضرر الناتج عن خلط المصطلحات يمتد إلى الولايات المتحدة، ويؤجج العنف ضد الأمريكيين من أصل صيني أو آسيوي، وأدى هذا إلى أن يلقي الكثيرون باللوم على الأمريكيين الآسيويين في تفشي فيروس كورونا المستجد، لأن الجمهور لا يميز بين عملاء الحزب الشيوعي الصيني، وذوي الأصول العرقية الصينية.

ونقل الكاتب عن الأستاذة بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، سوزان شيرك، قولها إن المبالغة في تقدير التهديد الصيني يمكن أن ينتج نسخة معادية للصين من “الذعر الأحمر”، التي سادت في أثناء الحرب الباردة، ما يضع 22 مليون أمريكي من أصل آسيوي في مرمى العنف العرقي.

مساعي شي لخلط الأوراق

ووفق الضابط الأمريكي، فإن الحزب الشيوعي الصيني سعى لمحو التمييز بين الأمة والحزب، وسعى الزعيم الحالي، شي جين بينج، جاهدًا إلى تكييف الشعب الصيني ليعتبر نفسه ترسًا في آلة الحزب الشيوعي، وليس شعبًا صاحب حضارة عريقة.

من جانبه، أوضح مراسل “بي بي سي” في شنجهاي، روبن برانت، أن استراتيجية الحزب الشيوعي تتمثل في محاولة تصوير الحزب والحكومة والشعب على أنهم جزء لا يتجزأ، وأنه دون الحزب الشيوعي لن توجد صين جديدة.

كيف يساعد الغرب شي في خلط المصطلحات؟

حذر  جيمي شين من أن الاستخدام غير الصحيح لهذه المصطلحات يعزز التحيزات العرقية ضد الصينيين بأنحاء العالم، موضحًا أن الحزب الشيوعي بهذا الخلط ينسب الفضل لنفسه في أي إنجاز للشعب الصيني، أما السلبيات فيستخدمها في حشد الشعب الصيني ضد أي هجوم غربي على نظامه.

وأوضح أنه من خلال فهم الاختلافات والاستخدام الصحيح لمصطلحات “جمهورية الصين الشعبية” و”الحزب الشيوعي الصيني” و “الصين” و”الصيني”، يمكن للولايات المتحدة مساعدة الشعب الصيني في الدفاع عن هويته الثقافية والتاريخية، ضد الواقع المصطنع للحزب الشيوعي الصيني.

مَنْع شي من تحقيق أهدافه

مقال شين شدد على أن استخدام الكلمات الصحيحة للتمييز بين نظام الحزب الشيوعي والشعب الصيني وحضارته القديمة يعد إحدى أهم الوسائل لمنع الرئيس الصيني، شي جين بينج، من تحقيق أهدافه، وحماية الشعب الأمريكي داخليًّا وخارجيًّا.

وذكر أن الشعب الصيني يتمتع بتاريخ طويل من الاستقلال عن السلطة المركزية، ولا يمكن أن يكون الشعب كله عضوًا في الحزب الشيوعي، فمن بين 1.4 مليار شخص في جمهورية الصين الشعبية، يوجد 95 مليونًا فقط، أو 6.7%، أعضاء في الحزب الشيوعي.

كشف عيوب نظرية «صراع الحضارات»

أفاد الكاتب بأن فصل المصطلحات لا يؤدي إلى عرقلة استراتيجية الحزب الشيوعي الصيني فحسب، بل يكشف أيضًا مكامن الخلل في أطروحة صموئيل هنتنجتون بشأن صراع الحضارات، التي تجزم بأن الاختلافات في الثقافات تجعل الصراع أمرًا لا مفر منه.

ولفت إلى أن أستاذ العلوم السياسية بجامعة ماساتشوستس، بول موسجراف، أوضح أن العلاقات بين القوى العظمى تكون علاقات سلام أو صراع، وفق رؤيتنا للمنافسة من حيث الثقافة والهوية، أو من حيث من يحكم تلك القوى، مشيرًا إلى أن مفاهيم مثل “صراع الحضارات” ترسم ويعاد صياغتها لتلائم الاحتياجات السياسية للأنظمة الحاكمة.

تاريخ من الخلط بين الحكومة والأمة

شدد شين على أن الكتّاب الغربيين بحاجة إلى فهم التاريخ اللغوي والثقافي لهذه المصطلحات قبل استخدامها. مشيرًا إلى أن كلمة “الصين” استخدمت للمرة الأولى خلال فترة الممالك المتحاربة (475-221 قبل الميلاد) لوصف الولايات الوسطى لوادي النهر الأصفر،، وخلال عهد أسرة سونج (960-1279 م)، أصبحت تصف الحضارة الصينية ككل.

وأضاف أنه رغم ذلك، لم يُطلق على الدولة القومية اسم “الصين”، ولكنها أخذت اسم السلالة التي تمسك بزمام السلطة في ذلك الوقت. وأنه رغم انتهاء السلالات الحاكمة، فإن هذا التقليد ظل معمولاً به، ففي العام 1949، انتقلت السيطرة على “الصين” إلى “جمهورية الصين الشعبية”، وهي دولة يحكمها الحزب الشيوعي.

ربما يعجبك أيضا