هل تقتص الجنائية الدولية من قتلة الصحفية شيرين أبوعاقلة؟

هالة عبدالرحمن

الاحتلال الإسرائيلي اغتال المراسلة التلفزيونية شيرين أبو اقلة في 11 مايو 2022، أثناء تغطيتها لاقتحامه مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة.


قررت شبكة قنوات الجزيرة القطرية، أمس الخميس 26 مايو 2022، إحالة ملف اغتيال الصحفية شيرين أبوعاقلة إلى المحكمة الجنائية الدولية، وشكلت تحالفًا قانونيًا لمتابعة إجراءات التقاضي.

وأعلن النائب العام الفلسطيني، أكرم الخطيب، أن تحقيقات النيابة كشفت أن جنديًا إسرائيليًا أطلق الرصاص على الصحفية الفلسطينية الأمريكية، شيرين أبوعاقلة وأصابها في الرأس أثناء محاولتها الهرب، وهو ما أثبتته لقطات موثقة نشرتها  شبكة “سي إن إن”.

موقف شبكة الجزيرة

تعهدت الجزيرة في بيانها، بتفعيل كل المسارات الممكنة لتقديم المسؤولين عن الاغتيال إلى العدالة وأخذ جزائهم القانوني، منوهةً بأن ملف الجريمة سيتضمن القصف الإسرائيلي لمكتب الجزيرة في غزة وتدميره في مايو 2021، مشيرةً أيضًا إلى تشكيل تحالف قانوني دولي يضم فريقها القانوني وخبراء دوليين لإعداد ملف كامل لتقديمه للمدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية.

بيان الجزيرة

أدلة وفيديوهات

عثرت شبكة “سي إن إن” على أدلة فيديو وشهود عيان جدد توثق شن القوات الإسرائيلية هجوم متعمّد، ومنها شهادة الصحفية شذا حنايشة، التي أصبحت شاهدة عيان رئيسة في إطلاق النار على أبوعاقلة في 11 مايو. وقالت حنايشة و8 شهود أخرين للشبكة، إن القوات الإسرائيلية هي التي أطلقت النار عليها، وأنهم يعتقدون أن الأمر كان متعمدًا.

إطلاق النار، الذي يمكن سماعه في بداية أحد مقاطع الفيديو المنشورة، هو المفتاح. فيمكن سماع صوتين، والوقت بينهما يكشف مدى بعد المسلحين، وهذا يشير إلى مسافة ما بين 177 و197 مترًا. وفقًا لمحلل الطب الشرعي، روب ماير، الشجرة المجاورة التي قُتلت عندها أبوعاقلة أيضًا دليل حاسم، فحددت الثقوب من الرصاص على الشجرة بشريط لاصق.

جريمة حرب متعمدة

خلُص تقرير النائب العام الفلسطيني في مقتل أبوعاقلة، إلى أن أحد الجنود الإسرائيليين أطلق النار على الصحفية الفلسطينية وأصابها في الرأس، مبينًا أن مطلق النار ارتكب “جريمة حرب متعمدة”.

وقال النائب العام الفلسطيني،في مؤتمر صحفي عقده في مدينة رام الله الفلسطينية: “المقذوف الناري الذي أصاب رأس الصحفية أبوعاقلة وأدى لاستشهادها، هو من النوع الخارق للدروع، ويحمل خصائص تُستخدم مع سلاح قناص”. وفق “فرانس 24”.

موقف قطر

أدانت دولة قطر جريمة اغتيال الاحتلال للصحفية أبو عاقلة، مع دعوتها إلى مساءلته على هذه الجريمة المروعة وتقديم الضالعين فيها إلى العدالة الدولية. واعتبرت الخارجية القطرية في بيان، الحدث بأنه “جريمة شنيعة وانتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي، وتعدٍّ سافر على حرية الإعلام والتعبير، وحق الشعوب في الحصول على المعلومات”.

ودعت قطر “المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل لمنع سلطات الاحتلال من ارتكاب المزيد من الانتهاك لحرية التعبير والمعلومات، واتخاذ كافة الإجراءات لوقف العنف ضد الفلسطينيين والعاملين في وسائل الإعلام”.

تحقيقات الجنائية الدولية

قالت الخبيرة في شؤون المحكمة الجنائية الدولية، ديالا شحادة، في مداخلة تلفزيونية لـ قناة “بي بي سي” في 14 مايو، إن التحقيقات في جرائم الحرب المرتكبة على الأراضي الفلسطينية المحتلة بدأ فعليًا منذ العام الماضي بعد معركة طويلة عانت فيها فلسطين للانضمام للمحكمة الجنائية الدولية وانتصرت فيها خلال عام 2015، منوهةً بأن التحقيقات بطيئة.

وأوضحت ديالا أن تحقيقات الجنائية الدولية تبدأ حتى لو لم تكن إسرائيل طرفا فيها، بدليل أحكام القبض على عمر البشير في جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية وجرائم حرب، مشددةً على أن جريمة اغتيال أبوعاقلة لابد أن يكون مفصلًا في ملف فلسطين بالمحكمة الجنائية الدولية، وأن الجريمة عملية اغتيال وإعدام ثابتة بقرائن موثقة لأنه ثمة استهداف لها رغم ارتداء قميص الصحافة.

حالات سابقة لاستهداف الصحفيين الفلسطينيين

بحسب تقارير قُتل أكثر من 40 صحفيًا فلسطينيًا منذ عام 2000، وجرح المئات أو استُهدفوا بأعمال العنف. وتتعرض الصحفيات الفلسطينيات للعنف بانتظام في سياق عملهن فقط لكونهن صحفيات. وفي حالات عديدة، استهدف صحفيين فلسطينيين عن قصد بالرصاص الإسرائيلي، وهي تهمة نفتها قوات الدفاع الإسرائيلية.

وأثناء إحدى عمليات التفتيش الإسرائيلية في مدينة رام الله بالضفة الغربية في 2008 أطلق جنود الاحتلال الرصاص على اثنين من الصحفيين. وقال مصور وكالة الأنباء الفرنسية، عباس مومني، للجنة حماية الصحفيين: “خلال تغطية المصادمات الإسرائيلية الفلسطينية مع زميلي فادي العاروري، وصحفيين أخرين، أطلق جندي إسرائيلي رصاصات من مسافة نحو 9 أمتار، مما أدى إلى إصابة عاروري.

لماذا لا يعاقب الجناة؟

حوادث قتل الصحفيين وبقاء الجناة دون عقاب، يحصل أيضًا في عديد الدول، وحتى الديمقراطية منها، كما هو الحال في المكسيك والبرازيل والفلبين وسيريلانكا والهند، بحسب جويل سايمون من لجنة حماية الصحفيين في نيويورك، أمس الخميس لـ“دويتشيه فيله”.

وأضاف: “توجد حالات يظهر فيها بعض التقدم مثل ملاحقة قتلة الصحفية، أنا بوليتكوفسكايا في روسيا، والتي قتلت قبل 8 سنوات بعد إطلاق الرصاص عليها خارج شقتها في موسكو، فأصدرت محكمة في موسكو العام الماضي أحكامًا فيها ضد 5 أشخاص، موضحًا أنه “رغم معاقبة بعض الجناة إلا أن من أرسلوهم لم يعرفوا ولم يحاكموا”.

ربما يعجبك أيضا