هل تنتصر الصين على الولايات المتحدة في حرب المعادن؟

قطار التصنيع الصيني لن يتوقف لكي تلحق به الدول الغربية

بسام عباس
مصنع صيني في إندونيسيا لإنتاج النيكل

أصبحت الشركات الصينية أكثر قوة وهيمنة على قطاع تصنيع المعادن وإنتاجها، وتعمل على توسيع عملياتها وزيادة عروضها التنافسية والتحكم في أسعار السوق من دون أن يتمكن أحد من منافستها.

وتبذل الولايات المتحدة وحلفاؤها جهودًا حثيثة على مدى السنوات القليلة الماضية لكف قبضة الصين عن تصنيع وإنتاج المعادن المهمة في مجال الدفاع والتكنولوجيا المتقدمة والطاقة الخضراء، ولكن هذه الجهود ذهبت أدراج الرياح.

القدرة التنافسية

قال الكاتب جون إيمونت، في مقال نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، الأربعاء 22 مايو 2024، إن الصين لا تقف مكتوفة الأيدي في انتظار أن نلحق بالركب، وهي تضاعف استثماراتها التي هي بالأصل ضخمة جدًا في جميع جوانب سلاسل توريد المعادن المهمة.

وأضاف أن النيكل، على سبيل المثال، من المعادن الأساسية في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، وتنتج الصين منه كميات هائلة من مصانعها المنتشرة في الأرخبيل الإندونيسي، وتتوسع على الدوام، وتمسك بالأسواق، من العرض والطلب إلى التحكم في الأسعار.

وذكر أن التوسع الصيني وغزارة الإنتاج يضعفان القدرة التنافسية لشركات التعدين الغربية، وخصوصًا إذا لم يستوعب الاقتصاد المحلي الصيني تدفق المعادن الذي تجلبه شركاتها إلى السوق، ما يساهم في انهيار الأسعار العالمية، كما حصل في نمو أقل من المتوقع في عمليات بيع السيارات الكهربائية الصينية.

عمليات استحواذ قوية

أوضح إيمونت أن المسؤولين الغربيين دقوا ناقوس الخطر، حيث اعتبرت نائبة رئيس الوزراء الكندي، كريستيا فريلاند، في ردها على سؤال بشأن هيمنة الصين على معدن النيكل، أن “السوق غمرت، ما يجعل من الشركات في ديمقراطيات السوق الحرة غير مجدية وبلا قيمة اقتصادية”.

وأضافت: “نعتقد أن هذا السلوك يمكن أن يكون متعمدًا، ويمكن أن يحدث بغرض دفع الشركات في بلادنا، وفي شركات حلفائنا، إلى التوقف عن العمل”، ولم تقدم فريلاند مزيدًا من التفاصيل أو أي دليل على هذا الادعاء، ولم ترد وزارة الخارجية الصينية على التعليقات الكندية الرسمية.

وأشار الكاتب إلى أن استمرار الشركات الصينية في تنمية استثماراتها يرجع إلى سنوات من عمليات الاستحواذ القوية، لافتًا إلى أن شركة “زاجين مانينج” الصينية المدعومة من الدولة أعلنت أنها ستزيد إنتاج الليثيوم بنحو 85 مرة هذا العام من مستويات منخفضة، ثم تتبعها بـ5 أضعاف أخرى العام المقبل.

حرب غير عادلة

قال الكاتب إن الصين تتمتع بالعديد من المزايا في سباق المنافسة في هذا القطاع، وتوفر مصارف الدولة الصينية التمويل لمحطات الطاقة والمجمعات الصناعية، ما يمهد الطريق أمامها لمزيد من الاستثمارات في قطاعات مهمة أخرى، فالتطور الصناعي السريع في الصين يعني أن شركاتها أمضت عقودًا من الزمن في تحسين فن تحويل المواد الخام إلى معادن.

وأضاف أن معظم شركات التعدين الغربية تعتبر أنها تخوض حربًا غير عادلة، لأن شركات النيكل الصينية تحصل على تمويل حكومي بفوائد مصرفية رخيصة في سبيل “ضرورة استراتيجية للسيطرة على الأسعار”، في وقت لا تحصل “جميع المشاريع الغربية على الدعم لأنّه يخالف المعايير الاقتصادية القائمة على العرض والطلب في الأسواق”.

وأوضح أن صناعة المعادن تعد أولوية وطنية لبكين، مشيرًا إلى أن استثمارات المعادن والتعدين في إطار مبادرة الحزام والطريق وصلت إلى مستويات قياسية العام الماضي، ووفقًا لتقرير معهد “جريفيث آسيا” الأسترالي، يقدم الإقراض الصيني الحكومي لمشاريع المعادن في الدول النامية بأسعار فائدة أقل من القروض التجارية.

حلول بديلة

أفاد الكاتب أن التشريع الأمريكي، الذي أُقرَّ عام 2022 لمصنعي السيارات الكهربائية، يقدم حوافز لشراء المعادن محليًّا أو من الدول التي أبرمت معها الولايات المتحدة اتفاقيات تجارة حرة. وبدءًا من العام المقبل، فإن البطاريات التي تحتوي على معادن تستخرجها الشركات الصينية أو تعالجها، لن تحصل على الدعم.

وأعلن البيت الأبيض، الأسبوع الماضي، عن تعريفات جمركية جديدة على الصين، بما في ذلك المعادن المهمة، ويأمل عمال المناجم الغربيون أن تؤدي هذه الأحكام في النهاية إلى زيادة الطلب على معادنهم، رغم أن البعض يشعر بالقلق من أن تجد شركات صناعة السيارات حلولًا بديلة، كما يأملون أن تخفض الشركات الصينية إنتاجها.

ربما يعجبك أيضا