هل تنجح فرنسا في فك ارتباط الهند العسكري مع روسيا؟

وصف السفير الفرنسي في نيودلهي، إيمانويل لينين، بلاده بـ “الخيار الرائع” للهند، لتنويع إمداداتها العسكرية الدفاعية.

وقال لينين، يوم الأحد الماضي 22 يناير 2023، إن فرنسا على استعداد للدخول في شراكة مع الهند في المشاريع المهمة، بما في ذلك الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية.

تعاون في قضايا استراتيجية

السفير الفرنسي في الهند، قال في تصريحات أبرزتها صحيفة “ذا برنت” الهندية، إن البلدين لديهما تعاون كبير في القضايا الاستراتيجية، وبينهما مستوى عالٍ من الثقة المتبادلة، موضحًا أن بلاده ملتزمة بتقديم أفضل التقنيات للقوات الهندية، دون أي قيود، وتطوير مجال صناعة الأسلحة أيضًا.

وردًا على السؤال بخصوص ما إذا كانت فرنسا مستعدة لمساعدة الهند على تنويع إمداداتها العسكرية الدفاعية، خاصة في ظل اعتماد الأخيرة على روسيا، قال لينين: “الهند تتطلع إلى تنويع مورديها، ومن الواضح أن فرنسا خيار جيد بالنسبة لها”.

التعاون العسكري الفرنسي الهندي

أشار سفير باريس إلى أن فرنسا سلمت بنجاح 36 طائرة مقاتلة من طراز رافال، وأنظمة أخرى إلى الهند، وتريد العمل على تطوير قاعدة صناعية دفاعية على المستوى الوطني.

ولدى سؤاله عما إذا كانت فرنسا ستساعد الهند في تطوير غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية، تمامًا مثل الروس، شدد السفير على أن بلاده لديها تعاون طويل الأمد مع الهند في مجال الغواصات. وقال إن مجموعة نافال تعمل مع مازاجون دوك شيبلدر، وهي شركة تُصنع السفن الحربية والغواصات لمنصات البحرية الهندية، وتبني غواصات “سكوربين”.

مناورات بحرية ثنائية

أجرت القوات البحرية الفرنسية والهندية، الأسبوع الماضي، مناورات “فارونا 2023” على الساحل الغربي. وفي حين بدأت التدريبات الثنائية بين البحريتين في عام 1993، جرى تسميتها “فارونا” في عام 2001، وأصبحت علامة مميزة للعلاقات الثنائية الاستراتيجية بين البلدين.

وشملت التدريبات الثنائية، هذا العام، مشاركة المدمرة الصاروخية الموجهة INS Chennai، وفرقاطة الصواريخ الموجهة INS Teg، وطائرة الدوريات البحرية P-8I و Dornier، وطائرات هليكوبتر متكاملة، وطائرة مقاتلة من طراز MiG29K.

ومثلت البحرية الفرنسية، في تلك المناورات، حاملة الطائرات شارل ديجول، وفرقاطات إف إس فوربين وبروفانس، وسفينة الدعم إف إس مارن، وطائرة الدوريات البحرية أتلانتيك.

لقاء أمني لتعزيز التعاون

التقى مستشار الأمن القومي الهندي، أجيت دوفال، مع نظيره الفرنسي، إيمانويل بون، خلال الجولة 36 من الحوار الاستراتيجي الهندي الفرنسي، يوم الخميس 5 يناير 2023. وهدفت المناقشات إلى تقديم خارطة طريق استراتيجية للشراكة الثنائية في مجالات الدفاع والأمن، لمعالجة الاتجاهات الجيوسياسية المعاصرة.

وحسبما ذكرت مجلة ذا دبلومات الأمريكية، تتمتع الشراكة الاستراتيجية بين الهند وفرنسا بالزخم، وهذا بالنظر إلى تمسك كلا الجانبين بالسلام والاستقرار.

دعم متبادل في القضايا الدولية

لم تدعم فرنسا باستمرار موقف الهند، في مختلف القضايا الدولية فحسب، بل رسخت مكانتها أيضًا كثاني أكبر مورد دفاعي للهند في الفترت بين 2017 و2022. في حين دأبت الهند على الدفاع عن فرنسا ودعمها في قضايا تتراوح من سياسات مكافحة الإرهاب، إلى دورها الجيوسياسي على المستوى الدولي.

وتمكنت كلتا الدولتين من تعميق التعاون بينهما بنحو فاعل، لمعالجة الاتجاهات المعاصرة في الشؤون الدولية. ومن بين هذه الاتجاهات التعقيدات الاستراتيجية، التي تحدث في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

رؤية مشتركية لنظام شامل

تحتفظ فرنسا بأراض واسعة تمتد من غرب المحيط الهندي (WIO) إلى جنوب المحيط الهادئ، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 1.6 مليون فرنسي، ووجود عسكري هائل في المحيطين. وفي نفس السياق، تستمر أنشطة الصين التوسعية في المحيطين، في استفزاز المصالح الاستراتيجية لفرنسا.

وأضافت المجلة الأمريكية أن التقارب المهم الآخر بين نيودلهي وباريس هو رؤيتهما المشتركة لنظام شامل متعدد الأقطاب، مع إعطاء الأولوية أيضًا لأهمية الحكم الذاتي الاستراتيجي.

دور الهند في المنطقة

شدد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على أن استراتيجية فرنسا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لن تحددها منافسة القوة الثنائية بين الولايات المتحدة والصين، بل تسعى باريس إلى الانخراط عمليًّا على أساس المصالح والاهتمامات المشتركة، مع منح الأولوية أيضًا لتنويع الشركاء.

وبالمثل، فإن الدور القيادي للهند في المنطقة يعتمد بقدر كبير على نهج شامل وتعددي، وتجنب سياسات الكتلة. وتتميز العلاقات بين الهند روسيا بأنها ذات طابع استراتيجي مميز وخاص، خاصة في مجال مبيعات الأسلحة المتقدمة. وانضمت أيضًا إلى روسيا في منظمات مختلفة، مثل شنغهاي للتعاون، والبريكس، ما أدى إلى علاقات قوية ومميزة بين البلدين.

إنتاج مشترك للأسلحة

وفق دراسة أجراها مركز ستيمسون عام 2020، فإن 85% من المعدات، التي تعمل بها القوات المسلحة الهندية، روسية الصنع. وفي تصريحات سابقة بتاريخ 11 أغسطس 2022، قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إنه ناقش الإنتاج المشترك للأسلحة الحديثة مع نظيره الهندي.

أضاف لافروف: “ناقشنا بالتفصيل حالة وآفاق التعاون العسكري التقني بما في ذلك الإنتاج المشترك للأسلحة الحديثة”. وأوضح أن البلدين يسعيان لتوسيع علاقاتهما التجارية والتعاون بنحو أوثق في مجالات الطاقة النووية والسفر إلى الفضاء، وفق ما جاء في تصريحاته التي أبرزتها قناة دويتش فيله نقلًا عن وكالة تاس الروسية.