هل تنسف عقوبات الحرس الثوري الإيراني محادثات الاتفاق النووي؟

يوسف بنده

تمارس أوروبا المزيد من الضغط على إيران بالتهديد بتفعيل آلية الزناد التي تنسف الاتفاق النووي، وطهران تهدد بتعليق عضويتها في معاهدة حظر الانتشار النووي.


يتصاعد التوتر بين طهران ودول الاتحاد الأوروبي في ظل استمرار إيران في إعدام المتظاهرين، ما ينعكس على الاتفاق النووي.

ودعا البرلمان الأوروبي دول اتحاده إلى إدراج الحرس الثوري الإيراني ضمن قائمة الإرهاب، وسيعني فرض العقوبات عليه إحداث شلل في الدولة الإيرانية، لأن نفوذ التنظيم العسكري يمتد داخل إيران إلى أروقة السياسة وقطاعات الاقتصاد.

غضب أوروبي من إيران

كان الدعم العسكري الذي قدمته إيران لروسيا السبب الرئيس لتوتر علاقاتها بأوروبا، فهي لم تخسر علاقاتها بأوكرانيا فحسب، بل تأثرت مصالحها مع الغرب، ومنها محادثات العودة إلى الاتفاق النووي التي لم تبرح مكانها. ثم جاءت احتجاجات سبتمبر 2022 في إيران لتساند أوروبا على الضغط على إيران بمعارض سياسة العنف التي اتبعها النظام ضد المتظاهرين.

وزاد الغضب الأوروبي من طهران عقب إعلانها إعدام المتورطين في أعمال عنف خلال الاحتجاجات الأخيرة، فأقدمت خارجيات الدول الأوروبية على استدعاء سفراء إيران لديها. وقابلت طهران الغضب الأوروبي بإعدام نائب وزير الدفاع السابق، علي رضا أكبري، الذي يحمل الجنسية البريطانية أيضًا، ليزداد غضب دول أوروبا وتزيد اتهاماتها للنظام الإيراني بممارسة الإرهاب ضد شعبه.

1370495

عقدة الحرس الثوري

اشترطت إيران رفع اسم الحرس الثوري من قائمة العقوبات الأمريكية، قبل أي عودة إلى الاتفاق النووي الموقع عام 2015، والذي خرجت منه الولايات المتحدة عام 2018. لكن الإدارة الأمريكية رفضت الاستجابة لهذا الشرط، لكونه يتعلق بموضوع خارج الاتفاق، ولأنه يزيد التوتر بالمنطقة، ويزعج حلفاء الولايات المتحدة الذين تضرروا من سلوك الحرس الثوري.

وبعد إعدام أكبري، طالب البرلمان الأوروبي، أمس الخميس 19 يناير 2023، دول اتحاده بضم المرشد الأعلى علي خامنئي، والرئيس إبراهيم رئيسي، والمدعي العام الإيراني وجميع المؤسسات المرتبطة بالحرس الثوري إلى قائمة العقوبات، بما في ذلك قوات الباسيج، وفيلق القدس.

وقد حذّر وزير الخارجية الإيراني، حسين عبداللهيان، من تداعيات إدراج الحرس الثوري على قائمة الإرهاب، قائلًا: “سيكون مثل من يحمل سلاحًا ويطلق النار نحو قدميه”.

irann 1

قوة سياسية واقتصادية

لا يمثل الحرس الثوري قوة عسكرية فحسب، بل يمتد نفوذه داخل إيران إلى السياسة والاقتصاد، ما يعني أن فرض العقوبات عليه يشل الدولة الإيرانية. فحسب تقرير لوكالة رويترز يشغل ضباط الحرس السابقون مناصب في الحكومة والبرلمان. وقد شارك التنظيم بعد الحرب مع العراق، في إعادة إعمار إيران، ويملك شركات نفط وغاز وتشييد واتصالات.

ويمثل الحرس الثوري القوى المحركة للاقتصاد الإيراني والمهيمنة على مفاصله الأساسية، والموجه الحقيقي لأنشطته. وساعدت العقوبات الحرس الثوري على تضخم إمبراطوريته الاقتصادية إلى درجة تشكيل كيان اقتصادي موازٍ داخل إيران، والتحكم بموانئ تجارية، حتى صار من المستحيل منافسته.

465663 1

أداة للقمع

يشير تقرير لمعهد كارينجي، إلى أن لدى الحرس الثوري رؤية مرتابة ذات توجه أمني، تتمحور حول حماية الجمهورية الإسلامية من شبح الانقسام الداخلي والتدخل الخارجي. لذا، دعمت هذه المؤسسة بقوة الرد القمعي الشرس على الاحتجاجات، الذي تخللته 5 عمليات إعدام وآلاف الاعتقالات، على اعتباره أفضل وسيلة.

ودار الحديث عن إمكانية قفز الحرس الثوري إلى السلطة منذ اندلاع احتجاجات سبتمبر، لكن تقرير كارينجي يستبعد ذلك، لأن الحرس الثوري يفتقر إلى الهيكلية المؤسسية، إلى جانب خضوعه تحت النفوذ الديني القوي، وتَشاركه معتقدات رجال الدين الذين استخدموه لتحييد ما يهدد النظام الديني، كالانقلابات والتدخلات الخارجية والانتفاضات الشعبية.

2iXCbqp9Tck6 1

تصعيد نووي

تخطط طهران للرد على قرار إدارج الحرس الثوري على قائمة الإرهاب بتصعيد نووي. فحسب تقرير لصحيفة الجريدة الكويتية، تعتزم إيران تعليق عضويتها في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT)، وقد وضع الأمين العام لمجلس الأمن القومي، علي شمخاني، هذا الاقتراح على جدول أعمال اجتماع المجلس الأسبوع المقبل.

وأوضح التقرير أن الاقتراح يتضمن تعليق كل أوجه التعاون بين إيران والمنظمة الدولية للطاقة الذرية، وإخراج كل مفتشيها من البلاد، وتسريع البرنامج الذري وزيادة تخصيب اليورانيوم إلى أقصى حد ممكن.

وبموازاة ذلك، حذرت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، من المضي في تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية. واعتبرت في بيان أن “هذا القرار غير الحكيم سيؤثر سلبًا في الأمن والهدوء والسلام الإقليمي والعالمي”.

115243 110copy 1

تأزم الملف النووي

من شأن تعليق إيران لمعاهدة حظر الانتشار النووي تأزيم ملف المحادثات النووية، والتهديد بعودة من استفادة الأوروبيين من آلية الزناد التي يمكن أن تستخدمها أوروبا في إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران، بعد إرسال ملفها مرة أخرى إلى مجلس الأمن القومي.

ويعتبر جانب داخل إيران أنه ليس من حق المجتمع الدولي فرض عقوبات دولية على إيران، في حال خروجها من معاهدة حظر الانتشار، على غرار إسرائيل. ويأتي تأزم الملف النووي الإيراني، في ظل تصاعد تهديدات الطرف الإسرائيلي بتوجيه ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية.

وفي ظل تصاعد التوتر الإيراني الإسرائيلي، أعلنت الخارجية الروسية تأجيل المحادثات التي كانت مزمعة الثلاثاء الماضي، بين وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف، ونظيره الإيراني حسين عبداللهيان. فضلًا عن تحذيرات رئيس وزراء قطر السابق، حمد بن جاسم، من خطورة اندلاع حرب على المنطقة.

ربما يعجبك أيضا