هل تنهار إسرائيل بسبب وعود نتنياهو لليهود الحريديم؟

ثروت منصور

نتنياهو تعهد بأن يسمح للمحاكم الحاخامية بالتحكيم في المسائل المدنية إذا اتفق طرفا النزاع.


نشرت مديرة مكتب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في إسرائيل، إيزابيل كيرشنر، تقريرًا تحذر فيه من انهيار  الدولة العبرية.

وفي رأي الكاتبة، أن الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة باتت ترسم مستقبل إسرائيل، وتخلق مجتمعًا منفصلًا لليهود المتشددين، الحريديم، وذلك بعدما شكّل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حكومة هي الأكثر يمينية.

تنازلات نتنياهو

قدم نتنياهو تنازلات كبيرة للأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة بشأن القضية الفلسطينية، واستقلال القضاء، وسلطات الشرطة، من أجل تشكيل حكومة جديدة، وفقًا لنيويورك تايمز.

ويتمتع أعضاء المجتمع الأرثوذكسي بمزايا غير متاحة للعديد من الإسرائيليين، كالإعفاء من التجنيد للمتدينين، ومخصصات حكومية للذين يختارون الدراسة الدينية بدوام كامل ولا يعملون. وتنقل كيرشنر في تقريرها أن هذا التمييز أثار استياء شرائح كبيرة من الجمهور الأكثر علمانية في دولة الاحتلال.

تداعيات واسعة على إسرائيل

كان القادة الإسرائيليون السابقون يحاولون اجتذاب المزيد من الأرثوذكس المتشددين، المعروفين باسم الحريديم، إلى القوى العاملة والمجتمع.

وترى الكاتبة أن تشكيل نتنياهو حكومة محافظة دينيًّا سيعطي قادة الحريديم فرصة لترسيخ وضعهم الخاص، وعليه ستترتب تداعيات واسعة النطاق على المجتمع الإسرائيلي والاقتصاد.

وعود نتنياهو

وعد نتنياهو القادة الأرثوذكس بمدينة جديدة منفصلة للحريديم، ووافق على زيادة تمويل طلاب الحريديم اللاهوتيين، وتسهيل حصولهم على الوظائف الحكومية دون شهادات جامعية، وتخصيص كثير من المنح لمدارسهم.

وقال رئيس مركز أبحاث سياسة الشعب اليهودي المستقل، البروفيسور يديديا ستيرن، معلقًا: “القيادة الحريدية التي صاغت هذه الاتفاقيات ستعمل على تعزيز الحكم الذاتي للحريديين وليس الاندماج في المجتمع”.

انهيار إسرائيل

قال وزير المالية السابق أفيجدور ليبرمان، وهو من أشد المنتقدين للأحزاب الحريديم، إن التمويل المزمع للحريديم يبلغ 20 مليار شيكل (5.7 مليار دولار) في السنة، محذرًا من “انهيار الاقتصاد الإسرائيلي”.

وقالت كيرشنر إن تحالف نتنياهو يحاول عمل إصلاحات قضائية تسمح للبرلمان بإلغاء قرارات المحكمة العليا وإعطاء السياسيين مزيدًا من التأثير في تعيين القضاة.

ووعدت حكومة نتنياهو الجديدة بمقاربة لا هوادة فيها تجاه الفلسطينيين، مثل ضم الضفة الغربية المحتلة، وتسريع بناء المستوطنات اليهودية.

مجتمع منعزل

فازت الأحزاب الأرثوذكسية بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية منذ سنوات في الانتخابات التي جرت في نوفمبر 2022، ما يعكس النمو السريع لهذا المجتمع المعزول، وكيف صار من ركائز حكومة نتنياهو.

ووافق نتنياهو على إنشاء ميزانيات خاصة للنقل العام في مناطق الحريديم، وتمرير قانون يرسخ دراسة التوراة كقيمة وطنية، على غرار الخدمة العسكرية الإجبارية.

نساء الحريديم

النساء الحريديم لدى معظمهن وظائف، وإن كانت في كثير من الأحيان منخفضة الأجر. لكن ما يقرب من نصف الرجال المتدينين فقط يذهبون إلى العمل. ويشكّل أطفال الحريديم الآن 25% من مجموع الأطفال اليهود في النظام المدرسي، و20% من جميع التلاميذ في إسرائيل، يهودًا وعربًا.

ويركز معظم الأولاد الحريديين على الدراسات الدينية، ويتعلمون القليل أو لا يتعلمون الرياضيات أو اللغة الإنجليزية أو العلوم. وقال البروفيسور ستيرن إن “البلاد لن تكون قادرة على العمل بسبب الزيادة في أعداد الحريديم”.

أجندة اجتماعية

لطالما روج السياسيون الحريديم أجندة اجتماعية محافظة ترفض فكرة الزواج المدني أو الزواج من نفس الجنس وحقوق المثليين، أو العمل وتوفير وسائل النقل العام في يوم السبت.

ووافق نتنياهو على مقترحات لتقييد قانون العودة، الذي يمنح حاليًّا اللجوء والمواطنة التلقائية لليهود الأجانب، وأزواجهم وأحفادهم الذين لديهم جد يهودي واحد على الأقل.

الحريديم في القدس

يعيش أكثر من نصف الحريديم في القدس أو شرقي تل أبيب، أو في الضواحي الأرثوذكسية المتطرفة للمدن، وفقًا للمسح الإحصائي السنوي لمعهد الديمقراطية الإسرائيلي. ويشكل الحريديم 13% من السكان، لكن لدى كل من العائلات الحريديم ما معدله 7 أطفال، أي أكثر من ضعف عدد الأسرة الإسرائيلية العادية.

وإذا استمرت الاتجاهات الحالية، فمن المتوقع أن يكون واحد من كل 4 إسرائيليين وحوالي واحد من كل 3 يهود إسرائيليين من الحريديم بحلول عام 2050، وفقًا للتقرير.

المحاكم الحاخامية

تعهد نتنياهو بأن يسمح للمحاكم الحاخامية بالتحكيم في المسائل المدنية إذا اتفق طرفا النزاع، ما يعني أنه من الممكن تسوية بعض نزاعات العمل، على سبيل المثال، وفقًا للقانون الديني القديم.

وغضب الإسرائيليون العلمانيون من مطالب الحريديم الأخرى التي يرونها تعديًا إضافيًّا في المجال العام، بما في ذلك المطالبة بمزيد من الشواطئ التي تفصل بين الجنسين، للامتثال لقواعد الاحتشام.

ربما يعجبك أيضا