هل تهدد الكتب المقرصنة صناعة النشر.. خبراء يجيبون «رؤية»

آية محمد

المنصات الإلكترونية سهلت على القارئ الحصول على كتب من كافة العالم وفي أي وقت ومكان.. فكيف يؤثر ذلك في صناعة النشر؟


تهدد قرصنة الكتب صناعة النشر ليس في الوطن العربي وحسب، بل العالم أجمع، ويواجه الناشرون أزمة اقتصادية بسبب سرقة محتويات إنتاجاتهم.

كلما زاد التطور أصبحت معه القرصنة أسهل وأوسع، وبات انتهاك الحقوق الملكية والفكرية الثقافية مشكلات يعيشها الناشرون كل يوم، فما حجم المخاطر التي تحيط بصناعة الكتب من جراء القرصنة؟ خبراء يجيبون على هذا التساؤل لشبكة رؤية الإخبارية.

قراصنة الكتب

يقول مدير دار العربي للنشر والتوزيع، شريف بكر، إن الكتب جميعها معرضة للقرصنة، ولا يوجد طريقة لمنع هذا سوى الحماية الإلكترونية، الموجودة في المواقع المخصصة لنشر الكتب، وتخضع للتطوير كل فترة، وتزداد صعوبة من حيث الأمان، لكن هذا ليس كافٍ لمنع القراصنة، لأنهم مبتكرون في حل جميع العراقيل التي تضعها المواقع.

 وأشار إلى أن كل الكتب مقرصنة، خاصة الإلكترونية، وهذا يقلل الأرباح، ويتسبب في خسارة كبيرة للناشر، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن الكتاب الإلكتروني يشهد طفرة كبيرة، خلال الأيام المقبلة، سواء كان المقرصن أو المدفوع، بسبب ارتفاع أسعار الكتب المطبوعة، وينتج عن هذا الغلاء اتجاه القرّاء إلى الكتب الإلكترونية.

مشكلات ومميزات الكتب الإلكترونية

أضاف بكر أنه في بداية ظهور الكتب الإلكترونية واجهت مشكلات تقنية، ما دفع القرّاء لشراء النسخة الورقية، أو تحميلها عن طريق مواقع القراصنة، لكن في وقتنا هذا، تطورت مواقع قراءة الكتب وزودت بخواص تسهل على القارئ، وبات بإمكانك أن تطلع على مجموعة كتب بسعر كتاب واحد مطبوع.

وأوضح أن الكتب الإلكترونية كانت سبب في جعل الكثير من القراء يهجرون الورقي، بسبب أن الإلكتروني سهل قراءته في أي مكان، دون حمل ومشقة، لكن هذا لا يقلل من قيمة وشأن الكتاب الورقي، فكلاهما مكمل للآخر، مستشهدًا على ذلك بأن الإنترنت لم يستطيع أن يقضي على التليفزيون، لكن الأخير اتجه للطرق التي تدعم وجوده، ويسير في طريق التطور، الذي يعاصره الإنترنت، وهذا ما حدث مع الكتب الورقية والإلكترونية.

كتب عملية إلكترونية

أشار مدير العربي للنشر والتوزيع إلى أن بعض الكتب الورقية سيقلل الإقبال عليها، خاصة الكتب العلمية، لأن الأنسب لها النسخة الإلكترونية، التي تتيح للقارئ إمكانية البحث عن الجزء المراد الوصل إليه بسهوله وبمجهود أقل، مضيفًا أن ضمن المميزات، التي تشهدها الكتب الإلكترونية أنها أرخص، بجانب إمكانية الحصول على كمية كبيرة من الكتب، والوصول إليها من أي مكان في العالم.

أضاف أن الكتب الورقية تمر على الرقابة قبل نشرها، ولكن لا تخضع الكتب الإلكترونية لهذه الخطوة، موضحًا أن من عيوبها الأساسية أنها كثيرة القرصنة، ويتجه المقرصن إلى سرقة الكتب الأكثر مبيعًا، ما يضعف من مبيعات الناشر، في حين تأتي مكاسب القراصنة عن طريق الإعلانات، التي يضعها عند دخولك لتحميل كتاب معين.

عقوبات الدولة للقراصنة

من جانبه، يقول مدير دار آفاق للنشر والتوزيع، مصطفى الشيخ، إن القرصنة أكثر الاشياء التي تهدد مهنة النشر عامة، سواء كانت إلكترونية أو ورقية، ولا يملك الناشر أي وسيلة لمنع سرقة كتبه، وكذلك فإن المقرصن لا يتكلف بالترجمة أو الطباعة، بل يحصل على الكتاب جاهز ويضعه على المواقع، موضحًا أن بعض الدول نجحت في احتواء قراصنة الكتب، عن طريق فرض العقوبات الغليظة على المتورطين في القرصنة.

وأضاف أن الحل الوحيد للحد من هذه المشكلة هو تجريم وتغليظ العقوبة، مشيرًا إلى أن أقصى عقوبة في القانون المصري هي الغرامة بقيمة 10 آلاف جنيه، في حين أن المقرصن يحقق أضعاف هذا المبلغ، مضيفًا أن مطاردة وبلاغ الناشرين عن هذه المواقع يستهلك جهدًا ووقتًا كبيرين، وفي ذات الوقت نتائج بطيئة.

وتعد الكتب الورقية الأهم، في حين الإلكترونية مصدر دخل إضافي، ويتوقع الشيخ في المستقبل سيزاد الإقبال على الكتب الإلكترونية، بسبب ارتفاع أسعار الكتب الورقية، ومن الممكن أن يتسيّد الكتاب الإلكتروني في السنوات المقبلة، بسبب التطور الزمني، لكن حتى الآن فالكتاب الورقي هو السائد.

معاناة العالم العربي مع القراصنة

قالت مدير دار كيان للنشر، نڤين التهامي، إن المشكلة الكبرى، التي تواجه النشر في الدول العربية، تتمثل في القرصنة، سواء كانت الكتب الورقية أو الإلكترونية، مشيرة إلى أن المواقع الكبرى لشركات البيع العالمية بنسختها العربية لا تتحقق من البائعين لديها، وتسهل بيع الكتب المقلدة، ولا تساعد الناشر في الحفاظ على حقه.

وأشارت إلى أن زيادة أسعار مستلزمات الإنتاج من الورق والأحبار وغيرها، سواء بسبب الأزمة اللوجستية العالمية، مع تداعيات فيروس كورونا، بجانب الحرب الروسية الأوكرانية، ما يتسبب في زيادة أسعار الكتب بقدر يؤثر في نسب البيع بقدر كبير.

أضافت أن قلة المكتبات في أغلب الدول، وعدم وجود شركات عملاقة للتوزيع على مستوى العالم العربي من ناحية، ومن جانب آخر قلة المواقع، التي تعمل على بيع الكتب الإلكترونية، وكذلك أثر قلة الحديث عن الثقافة والكتب بوسائل الاعلام والصحافة وغيرها، في ضعف نشر الثقافة.

ما نسبة الكتب المقرصنة؟

أوضحت التهامي أن النسخ الإلكترونية لا تقلل من شراء الورقية، وأن الأرقام أثبتت صحة تلك الفرضية، لكن التغيير مطلوب، وتعدد الوسائط يفتح آفاقًا جديدة أكبر، وترى أن لا صلة لرفض بعض الناشرين نشر كتبهم إلكترونيًّا، بسبب الخوف من قرصنتها، فالقرصنة عن طريق النسخ الورقية في أغلب الاحيان، وأضافت أن من الصعب تحديد نسبة الكتب المقرصنة، لعدم وجود حصر دقيق لذلك، لكنها ترى النسبة كبيرة.

وشددت على أن القراصنة لا يساعدون القرّاء، فهم يستخدمون أقل أنواع الورق جودة، و أنواع أحبار قد تكون غير مطابقة للمواصفات، توفيرًا للنفقات، وغالبًا ما تكون النسخ غير كاملة أو واضحة، وبأسعار مقاربة لأسعار النسخ الأصلية في بعض الأحيان.

كيف يمكن مواجهة القرصنة؟

قالت مدير دار كيان للنشر إن انتشار القرصنة يؤذي قطاع النشر كاملاً، بداية بالكاتب والمحرر والمصحح والمنسق والمصمم.. نهاية بالعمال في المطابع، التي تطبع الكتب الأصلية، والموزعون والمكتبات بجانب الناشر.

وترى أن الحل لمساعدة القرّاء هو إتاحة المحتوى في المكتبات العامة، وزيادة عدد المعارض ودعم الناشر، لخفض أسعار كتبه، والعمل على دعم المنصات الإلكترونية للكتب، فكلما زادت قاعدة القراء أو المستمعين للكتب الإلكترونية والصوتية، زادت إمكانية الخصومات على الكتب أو انخفاض أسعار الاشتراكات.

القراصنة..لمساعدة الفقراء

قالت الشاعرة آلاء فودة إن مهنة الكتابة بالنسبة لها ليست أساس ربحها، لذلك فهدفها الأساسي أن تصل كتبها وكلاماتها للجمهور، بغض النظر عن الطريقة التي ستصل بها، لكنها عبرت في الوقت ذاته عن إزعاج الكتّاب، الذين يرون الكتابة مصدر رزقهم، وترى أن الكتب الإلكترونية المجانية تساعد القراء الفقراء وتساهم بنشر الثقافة.

وأضافت أن المنصات الإلكترونية سهلت على القارئ الحصول على كتب من كافة العالم، مشيرة إلى أن البعض يتجه للكتب المقرصنة بسبب المستوى المادي، أو الخوف من شراء كتب قد لا تعجبه بعد شرائها، لذلك يتجهون إلى الكتب المتاحة على المواقع، وترى أن المنصات توفر كتبًا عدة من جميع البلدان، وتمكنك من الحصول على أي كتاب في أي وقت.

الكتب الإلكترونية أفضل للأمهات

تفضل فودة قراءة الكتب الإلكترونية أكثر من الورقية، لإمكانية قراءة أي كتاب ترغب فيه في أي مكان، دون أن تحمل الكتب معها في أثناء السفر والتنقل، وترى أن الكتب الإلكترونية الأفضل خصوصًا للأمهات، لأن الأطفال لا يتركون شيئًا دون العبث به.

وأشارت إلى أن الناشرين يتجهون أكثر نحو عرض كتبهم إلكترونيًّا، وسيكون التعاقد مع دور النشر على النشر الإلكتروني، دون الورقي، وسيكتفي البعض بطبع نسخ معدودة، وتتوقع فودة أن تقلل دور النشر من عدد الطبعات، في ظل الظروف الاقتصاديه الحالية، مضيفة أن بعض القراء يتحمسون لقراءة الكتب إلكترونية، أكثر من الورقية.

ربما يعجبك أيضا