“هل سنموت جوعا؟”.. كورونا يضاعف معاناة أطفال الشوارع

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

مع انتشار فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، تتصاعد المخاوف التي تهدد أطفال الشوارع الذين يعتمدون على الشوارع للحصول على الطعام والمأوى، والمعرضون للمزيد من الوصم والتجريم.

“يمكن للأثرياء البقاء في منازلهم؛ لأن باستطاعتهم الذهاب إلى المتاجر المليئة بالطعام وجلب ما يريدون، بالنسبة لنا كأطفال في الشارع، متجرك هو معدتك”، بحسب تيموثي، وهو مراهق يعيش في شوارع مومباسا في كينيا، متسائلا: “كيف سنأكل؟”.

يقول آخر: إذا كانت الشائعات صحيحة، وتم القبض على أطفال الشوارع في المدينة خلال أزمة كورونا، فسأكون سعيدًا للذهاب إلى سجن شيمو للنساء، لأنه من المؤكد أنك ستحصل على طعام مجاني ومأوى وخدمات طبية”، وفق ما ذكرت صحيفة “الجارديان”.

سيناريو مرعب

يقول بوكي أنشولا ، مدير Glad’s House، وهي منظمة غير حكومية تهتم بالشباب المشردين في كينيا: “نحن قلقون حقًا، يمر أطفال الشوارع بوقت عصيب أثناء حظر التجول، يعد الطعام والماء مشكلة حقيقية، حيث يتم إغلاق الفنادق وأماكن تناول الطعام التي يحصلون منها على طعامهم عادةً”.

يقول أولئك الذين يعملون مع الشباب المشردين في كينيا: إن إغلاق المطاعم ومراكز الاستقبال وأماكن تقديم المساعدات الغذائية، بالإضافة إلى القيود المفروضة على الحركة، ليست سوى بعض جوانب السيناريو المرعب لأطفال الشوارع أثناء الوباء.

يقول دنكان روس، الرئيس التنفيذي لشركة StreetInvest ومقرها المملكة المتحدة، والتي أطلقت نداءً عاجلاً للمنظمات التي تعمل مع أطفال الشوارع ببذل الكثير من الجهود، كما دعت المسؤولين في المدن بالسماح لهم بتولي الأمور، قائلا: “كيف نخرجهم من الشوارع، فأزمة كورونا سلطت الضوء على مشكلتهم”.

وبحسب الصحيفة يبلغ إجمالي عدد أطفال الشوارع في العالم حوالي 100 مليون طفل، ولكن يُعتقد أن العدد الحقيقي أعلى من ذلك بكثير.

تقول StreetInvest: إن عمليات الإغلاق في العديد من المدن ما تزال جديدة، ومن المحتمل أن تكون التكتيكات التي تتخذ في حالة ارتفاع وفيات كورونا قد تؤثر على عملية التعامل مع أطفال الشوارع، ومن المحتمل أيضًا أن يعلق أطفال الشوارع في حالات تفشي المرض في الأحياء الفقيرة، حيث يصعب ملاحظة التباعد الاجتماعي والنظافة الصحية الجيدة.

في الكاميرون تم الإعلان يوم الإثنين الماضي، عن خطط لتطهير آلاف الأطفال المشردين من شوارع ياوندي، ولكن لم يتضح إلى أين سيتم نقلهم.

شبح من الماضي

تقول ميغان ليز-مكوان، مديرة برامج أفريقيا في ستريت تشايلد، إنها تخشى أن يدفع كورونا أطفالًا أكبر إلى الشوارع في إفريقيا في الوقت الذي أغلقت فيه المدارس وتبحث فيه العائلات الفقيرة عن دخل بديل، وأشارت إلى أن المنظمة ساعدت الأسبوع الماضي في توزيع الغذاء على الأطفال في مدينة واترلو في سيراليون، وكان بعض المتلقين في سن السابعة، وقد ظلوا لمدة يومين دون طعام.

“بالنسبة لنا، هناك أيضًا شبح الماضي”، قالت ليز مكوان، وهي تتذكر كيف كان الوضع خلال وباء الإيبولا في سيراليون، حيث تم التخلي عن بعض الأطفال من قبل العائلات الفقيرة، ونبذتهم المجتمعات التي اشتبهت في أنهم يحملون المرض.

في جنوب أفريقيا منع عمال النظافة من القيام بأعمالهم فهم يعتبرون في الخطوط الأمامية، وتولت الحكومة زمام الأمور، وكلفت شركات أمن خاصة لتطهير الشوارع، ونقلت الشباب المشردين إلى ملاجئ مؤقتة لكن تلك الملاجئ تفتقر إلى موظفين مؤهلين لرعايتهم.

يقول مبيندولو نييمبي وفريقه في منظمة uMthombo في ديربان، والذي تلقت منظمته الآن تصريحًا للقيام بأعمال التوعية خلال أزمة كورونا، كان الشباب في الشوارع يسألون أين نحن، قالوا أنهم كانوا يتوقعون رؤية وجوهنا، لكننا لم نتمكن من التعامل معهم، ليس من المقبول أنني كنت أتوسل لأسبوع للحصول على إذن لأكون معهم”.

قبل أن يعلن رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا عن إغلاق لمدة ثلاثة أسابيع في 27 مارس، كان نييمبي وفريقه يبلغون الشباب المشردين بأعراض كورونا، ويقدمون لهم المشورة والطعام، الآن يشعر نييمبي بالقلق عليهم فهو يرى أن شركات الأمن الخاصة زادت الخوف لديهم، مستشهدا بمقابلة مع مجموعة من 11 شابا في أحد الملاجئ تحت حراسة مشددة: “إنهم خائفون، والأشخاص الذين يتعاملون معهم لا يعرفون من هم هؤلاء الأطفال وما هي خلفياتهم”.

يقول روس: “سترتفع نقاط ضعف هؤلاء الشباب خلال الأزمة، وستزداد حاجتهم إلى الخدمات ولن تؤدي العزلة إلى حمايتهم، الخطر هو أن الكثير من الناس ينظرون إليهم على أنهم مرضى ومجرمون”.

في دراسة أجريت في 2016/ 2017، وجدت أن هناك ما بين 9000 إلى 10000 طفل من أطفال الشوارع في ديربان، لكن نييمبي يعتقد أن العدد قد تضاعف منذ ذلك الحين بسبب توافر الأدوية المخدرة، وخاصة “whoonga” التي ت على الهيروين.

ويحذر من أن صحة وحياة الأطفال الذين يتعاطون المخدرات أو الكحول أو المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، معرضون لخطر أكبر إذا لم يتمكنوا من الحصول على العلاج المناسب، أو إذا اضطروا إلى التوقف عن التعاطي.

يتضورون جوعا

يقول بول سوندر سينغ، مؤسس منظمة Karunalaya غير الحكومية، في تشيناي بتاميل نادو في الهند، إن العديد من رجال الشرطة يدركون الآن أن الشارع يعود لبعض الأطفال، ولكن مع إغلاق الشركات الصغيرة أبوابها في حالة الإغلاق، اختفت الوظائف التي كانت تربح سكان الشوارع مقابل أجر زهيد، مثل حمل البضائع في الأسواق أو بيع الطعام للسائقين، كما أن إلزام أطفال الشوارع بالبقاء في ملاجئ مؤقتة لا يمكنهم من البحث عن الطعام.

يضيف سوندر سينغ: “إن العديد من العائلات التي تعيش في الشوارع كانت موجودة منذ أجيال، ليس لديهم مخزون ويتضورون جوعًا”، مشيرا إلى أن الحكومة طلبت من الشركات والمنظمات غير الحكومية التبرع بالطعام.

هناك خوف آخر هو أن الفيروس يمكن أن يدفع الأطفال المشردين إلى العيش مع بعض العائلات حيث يكونون عرضة لسوء المعاملة، بحسب سينغ.

يقول سيان واين، من StreetInvest، إن هناك إحساسًا بأن أزمة الفيروس التاجي قد تعطل سنوات من التقدم في الوضع القانوني للأطفال، مشيرًا إلى أن التعليق العام للأمم المتحدة على أطفال الشوارع يمنع حق التجمع في الأماكن العامة.

يقول روس: “إذا جعلتنا هذه الأزمة نفهم أننا بحاجة إلى وضع قوانين محددة لأطفال الشوارع والعمل لحل مشكلاتهم، فسيكون ذلك أمرًا جيدًا، إذا كان هذا يجعل الأشخاص الآخرين يرون هؤلاء الأطفال كما نراهم، فسيكون ذلك أيضًا أمرًا جيدًا، فنحن بحاجة للتعامل مع حقيقة وجودهم بدلاً من مجرد أن نتمنى بأن يبقى هؤلاء الأطفال بعيدا عنا”.

ربما يعجبك أيضا