هل يستطيع بيزشكيان تغيير إيران حال فوزه؟

عمر رأفت
الانتخابات الرئاسية الايرانية

شهد المجتمع الإيراني تغييرات بارزة على مدى العقد الماضي، وهو ما أدى إلى وجود شكوك حول قدرة الإصلاحيين على إحداث أي تغييرات ذات مغزى بالحكم في البلاد.

وذكرت مجلة فورين بوليسي، اليوم الخميس 27 يونيو 2024، أن المرشح مسعود بيزشكيان برز باعتباره مرشحًا غير محافظ، ويحظى بدعم الإصلاحيين.

تغيير حقيقي

بيزشكيان، شغل منصب وزير الصحة في حكومة الرئيس الأسبق، محمد خاتمي أثناء الفترة من عام 2001 إلى عام 2005، وطبقًا لآخر استطلاعات للرأي فإنه يتقدم حاليًا بنسبة 25% على المرشحين الآخرين، وتلقى دعمًا بشكل واضح خلال الفترة الأخيرة، ومع ذلك، إذا تمكن بيزشكيان بالفعل من الفوز، فليس هناك ما يضمن أن ذلك سيؤدي إلى تغيير حقيقي في الحكومة الإيرانية.

وتحظى حملة بيزشكيان بدعم كبير من الإصلاحيين، إذ عمل وزير الخارجية السابق في حكومة روحاني، محمد جواد ظريف، من 2013 إلى 2021، كمستشار له في السياسة الخارجية، وكان حضور ظريف في حملة بيزشكيان ملحوظا، ويظهر بشكل متكرر في المناسبات الترويجية.

كما أعرب خاتمي نفسه عن تأييده العلني لبيزشكيان، إلى جانب الأحزاب الإصلاحية التي دعمت في السابق روحاني في محاولته الرئاسية الناجحة عام 2013، ويؤكد هذا التأييد أهمية ترشيح بيزشكيان داخل الحركة الإصلاحية التي تهدف إلى إحياء نفوذها.

القائمة النهائية لمرشحي رئاسة ايران

القائمة النهائية لمرشحي رئاسة ايران

تغيير المشهد السياسي

ذكرت فورين بوليسي، أنه رغم أن الدستور الإيراني يعين الرئيس المنتخب بالاقتراع الشعبي، إلا أن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وسع نفوذه بشكل كبير على مدى العقود القليلة الماضية.

وأضافت المجلة الأمريكية أنه منذ توقيع الاتفاق النووي، تغير المشهد السياسي في إيران بشكل كبير، وأصبح المعتدلون مهمشين داخل المجتمع الإيراني، فبعد فوز إبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2021، تم إبعاد الإصلاحيين تمامًا من الحكومة، ومع ذلك، حتى قبل انتخابات هذا الشهر، استبعد مجلس صيانة الدستور الشخصيات الرئيسية في الحركة الإصلاحية من الترشح، ولم يتبق سوى بيزيشكيان.

كما أن انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة، ومعارضة خامنئي لتحسين العلاقات بين طهران وواشنطن خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، والعمليات العسكرية التي قام بها الحرس الثوري، بما في ذلك، مؤخرًا، إطلاق صواريخ وطائرات بدون طيار على إسرائيل في أبريل جعلت جميع المعتدلين المهمشين.

إقبال التصويت

أعاق كل ما سبق حكومة روحاني عن الاستفادة الكاملة من فوائد الاتفاق النووي، وبالتالي الحد من المزايا المحتملة التي كان من الممكن أن يجلبها للحركة السياسية الإصلاحية والمعتدلة، كما أدت تصرفات الحرس الثوري إلى ردع المستثمرين الأجانب الذين ربما كانوا حريصين على الانخراط في الأعمال التجارية مع إيران.

علاوة على ذلك، شهدت إيران خلال فترة ولاية روحاني عدة جولات من الاحتجاجات على مستوى البلاد، مما يعكس استياء مجتمعيا واسع النطاق من أداء الحكومة، فكانت هناك احتجاجات عامي 2017 و2018 ضد المشاكل الاقتصادية، وشملت شعارات ضد الإصلاحيين، وفي عام 2019، اندلعت الاحتجاجات ردًا على ارتفاع أسعار البنزين، وكانت موجهة في البداية إلى حكومة روحاني، لكنها سرعان ما توسعت لانتقاد النظام بأكمله.

وقد أدت هذه التطورات إلى أدنى نسبة إقبال على التصويت في إيران في الانتخابات الرئاسية لعام 2021، إذ بلغت نسبة المشاركة نحو 48% فقط، وفاز الرئيس الراحل، إبراهيم رئيسي بنسبة 62% من الأصوات.

حشد الناخبين

اندلعت احتجاجات “المرأة، الحياة، الحرية” في عامي 2022 و2023 بعد وفاة مهسة أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة، وتظاهر الإيرانيون للاحتجاج على القمع واسع النطاق لحقوق المرأة في البلاد، ولكن لم يتم رفع أي شعارات تقريبًا تستهدف رئيسي.

وبدلاً من ذلك، ألقى المتظاهرون الغاضبون اللوم بشكل مباشر على خامنئي في حدوث المشكلات، وقد أكد هذا الحدث أن البعض على الأقل في المجتمع الإيراني يعتقدون أن تغيير الحكومة لن يحل مشاكلهم، ويعتبرون المرشد الأعلى هو المشكلة الرئيسية.

ونتيجة لما سبق، يأمل الإصلاحيون في حشد الناخبين لدعم مرشحهم، ويأتي ذلك في ظل مقاطعة شريحة كبيرة من المجتمع للانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة في عامي 2021 و2024 على التوالي.

الانتخابات الرئاسية الايرانية

الانتخابات الرئاسية الايرانية

تأييد خاتمي

ولقد فعل الناخبون ذلك لسببين، الأول هو استبعاد المرشحين الإصلاحيين على نطاق واسع، الأمر الذي أدى إلى عدم مشاركة خاتمي زعيم الإصلاحيين، والسبب الثاني هو خيبة الأمل التي يشعر بها المجتمع الإيراني تجاه أداء حكومة روحاني، وكان هذا التفاؤل مدعومًا في البداية بآمال كبيرة بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة، لكنه سرعان ما تبدد مع فشل الاتفاق وإعادة فرض العقوبات، ويحث الإصلاحيون الآن الشعب على إعادة النظر في استراتيجية مقاطعة الانتخابات، بحجة أنها لم تحقق تغييراً ذا معنى.

وأعلن خاتمي نفسه في رسالة بالفيديو هذا الأسبوع أنه ينوي التصويت لصالح بيزشكيان، ورغم اعترافه بالعيوب التي شابت الانتخابات الإيرانية، إلا أنه أعرب عن تفاؤله بأن فوز بيزشكيان قد يؤدي على الأقل إلى بعض التغيير الإيجابي في البلاد.

ومع ذلك، يعتقد الكثيرون في المجتمع الإيراني الآن أن التحسن لا يكمن في العملية الانتخابية، وفي ظل حكم خامنئي الذي دام 35 عامًا كمرشد أعلى، تراجعت سلطات الحكومة بشكل مطرد، وكثيراً ما يؤكد بيزشكيان، في تصريحاته على أن خامنئي يحدد الاتجاه العام للبلاد، وأكد خلال حملته الانتخابية أن خامنئي يحدد السياسات العامة ، بما في ذلك السياسة الخارجية، ويجب على الحكومة أن تتماشى مع هذه التوجيهات.

تعميق خيبة الأمل

نظرًا  للسلطات المحدودة للرئيس، فإن انتصار الإصلاحيين قد يؤدي إلى تعميق خيبة الأمل داخل المجتمع الإيراني، حتى لو كانت المسؤولية عن إخفاقات الحكومة تقع في مكان آخر.

ولتجنب ذلك، يتعين على الإصلاحيين أن يتعلموا من التاريخ الحديث، فإما أن يمهدوا الطريق أمام المتشددين، على أمل أن تنهار إيران الحالية أو تعدل مناهجها، وهو الموقف الذي يؤيده بقوة أنصار تغيير النظام ، أو أن يعترفوا وينقلوا للناخبين أن قدرة الإصلاحيين على العودة من جديد أصبح محدودًا.

ربما يعجبك أيضا