هل يشعل الصراع بين صربيا وكوسوفو حربًا في أوروبا؟

شروق صبري
قوات الناتو

تعد الاشتباكات في شمال كوسوفو الأحدث في مواجهة طويلة الأمد بين بريشتينا وبلجراد.


اشتعلت مخاوف من تصعيد حرب جديدة بين صربيا وكوسوفو، مع إعلان رئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، وضع الجيش في حالة التأهب القصوى.

وأصيب العشرات من جنود حفظ السلام التابعين لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، شمال كوسوفو، خلال اشباكات مع الصرب والشرطة الكوسوفية في 3 مناطق ذات غالبية صربية، يوم السبت الماضي 27 مايو 2023.

انتخابات مسلحة

خلال عطلة نهاية الأسبوع، خرج المتظاهرون في عدد من البلدات ذات الأغلبية الصربية، في مواجهة مع قوات أمن كوسوفو وقوات من بعثة حفظ السلام التي يقودها الناتو، في محاولة لمنع رؤساء بلديات من الألبان تولي مناصبهم بعد انتخابهم في إبريل الماضي، في اقتراع مثير للجدل، وفق ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز، في تقرير نشرته أمس الثلاثاء.

وأصيب 30 جنديًا من قوات حفظ السلام التابعة للناتو، من بينهم 19 إيطاليًا و11 مجريًا، بجروح في الاشتباكات، التي اندلعت بسبب نشر حكومة كوسوفو قواتها الأمنية في عدة بلدات لتنصيب رؤساء البلديات من أصل ألباني الذين فازوا في الانتخابات المحلية، التي قاطعها الصرب المحليون.

اصابة جنود الناتو

اصابة جنود الناتو

إدانات دولية

أدانت الولايات المتحدة، الداعم الدولي الرئيس لكوسوفو، هذه الخطوة. واتهم وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، يوم الجمعة، القيادة الألبانية العرقية في كوسوفو “بتصعيد التوترات في الشمال، وزيادة عدم الاستقرار”.

وحث قائد بعثة الناتو، الميجور جنرال أنجيلو ميشيل ريستوتشيا، في بيان، كلا الجانبين على “تحمل المسؤولية الكاملة عما حدث ومنع أي تصعيد آخر”.

نزاعات البلقان

في منعطف آخر في نزاع يعود إلى نزاعات البلقان في التسعينات، وصف الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرج، الاشتباكات الأخيرة بأنها “غير مقبولة”، وقال إن الحلف نشر 700 جندي احتياط إضافي لمساعدة مهمة حفظ السلام هناك، التي كانت تضم 3800 جندي قبل الصراع.

وأشارت شبكة سكاي نيوز البريطانية، يوم 28 مايو، إلى أن هذه التوترات متكررة في المناطق الثلاثة من الإقليم الصربي السابق، الذي لم تعترف بلجراد باستقلاله المعلن عام 2008، ويتحدى السكان الصرب الحكومة المحلية.

ووفق الشبكة البريطانية، يشكل الصرب نحو 5% من سكان كوسوفو، ويصل عددهم لنحو 50 ألف يعيشون شمال كوسوفو، وهم لا يعترفون بالاستقلال، ويحتفظون بروابط وثيقة مع بلجراد، في حين 90% من سكان كوسوفو من أصل ألباني، وتحظى البلاد باعتراف أكثر من 100 دولة غربية، لكن ليس من بينها صربيا وحلفائها روسيا والصين.

 تحرك الجيش الصربي نحو كوسوفو

تحرك الجيش الصربي نحو كوسوفو

أسباب الصراع

ارتكزت الاشتباكات الأخيرة في 4 بلديات شمالية متاخمة لصربيا، تضم الكثير من الأقلية الصربية في كوسوفو، وكثير منهم ما زالوا يعتبرون العاصمة الصربية، بلجراد، عاصمة حقيقية لهم، ونظموا احتجاجات طوال العقد الماضي لمقاومة الاندماج مع كوسوفو.

وأشارت نيويورك تايمز إلى أن مقاطعة الانتخابات المحلية، الشهر الماضي، كانت مدعومة بحزب سياسي صربي في كوسوفو، نشر بيان عبر فيسبوك، قبل أيام من الانتخابات، أعلن فيه رفض العملية الانتخابية ووصفها بأنها “غير ديمقراطية”، وحثت الصرب على البقاء في منازلهم يوم التصويت.

خلفية الصراع

يعد التصعيد الأخير جزءًا من الخلاف بشأن وضع كوسوفو، التي أعلنت استقلالها قبل 15 عامًا، بعد ما يقرب من عقد من حملة القصف التي شنها الناتو، التي استمرت 78 يومًا في عام 1999، ودفعت القوات الصربية للتراجع، وبعدها اعترفت الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية بكوسوفو المستقلة، لكن صربيا، ترفض الاعتراف باستقلالها.

ويزعم الرئيس فوسيتش وغيره من القادة الصرب أن كوسوفو هي “قلب” بلادهم، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أنها تضم العديد من المواقع المسيحية الأرثوذكسية، واستبعد الاعتراف بكوسوفو وتعهد بـ”حماية” الصرب.

حرب في قلب أوروبا

يأتي التصعيد الأخير في الأعمال العدائية، في الوقت الذي تصدرت الحرب الروسية الأوكرانية اهتمام حلفاء كوسوفو، في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. في حين صربيا، المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، كانت تعد شريكًا وثيقًا لموسكو لعدة قرون. وصوتت لصالح قرار للأمم المتحدة يدين الحرب، لكنها رفضت الانضمام إلى العقوبات التي فرضتها الدول الغربية ضد موسكو.

يوم الاثنين، قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، خلال زيارة لكينيا “الصرب يقاتلون لاستعادة حقوقهم في شمال كوسوفو، ويوجد حرب كبيرة تلوح في الأفق في قلب أوروبا”.

اقرأ أيضًا|إصابة نحو 25 من قوات حفظ السلام في اشتباكات شمال كوسوفو

اقرأ أيضًا| الناتو يحث كوسوفو على تخفيف التوتر مع صربيا

ربما يعجبك أيضا