هل يطيح الأتراك بأردوغان في الانتخابات العامة المقبلة؟

أحمد ليثي

المعارضة التركية غير قادرة على استغلال الأزمة الاقتصادية لإنهاء حكم حزب العدالة والتنمية الممتد منذ 20 عامًا.. لماذا؟ وهل لديها فرصة في العام المقبل؟


ترى مجلة “ذا ناشونال إنترست” الأمريكية أن نتائج الانتخابات العامة المقبلة في تركيا، لن تقرر مصير الرئيس، رجب طيب أردوغان، وحزبه “العدالة والتنمية” الحاكم فقط.

وأشارت المجلة في تقرير نشرته، يوم السبت 15 أكتوبر 2022، إلى أن الناخبين الأتراك سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع في يونيو من العام 2023، لانتخاب الرئيس وأعضاء البرلمان. في انتخابات قال إنها ستقرر مصير الديمقراطية في البلاد.

أزمة اقتصادية

تمثل الأزمة الاقتصادية منافسًا قويًا لشعبية أردوغان وحكم حزب العدالة والتنمية، بحسب التقرير، لكن المعارضة التركية غير قادرة على استغلال ذلك، لأنها تفتقر إلى الضوابط والتوازنات، ونزاهة الانتخابات المشكوك فيها، وقبضة أردوغان الحديدية على مؤسسات الدولة.

واتهم التقرير أردوغان بتحويل النظام التركي من نظام ديمقراطي إلى استبدادي يسيطر فيه الحزب الحاكم على المؤسسات، ويمنع المعارضة من اكتساب السلطة، موضحًا أن هيمنة أردوغان على التشريعات، مكنته من تغيير قواعد اللعبة عبر تعديل قوانين الانتخابات.

سيطرة كاملة

حسب التقرير، في الوقت الذي عزز فيه أردوغان سلطته الواسعة على الأجهزة الأمنية، من خلال عمليات التطهير المكثفة التي أعقبت محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، دعم حزبه الشرطة شبه العسكرية، والقوات شبه العسكرية، والجماعات الأهلية للسيطرة على الشوارع، وبث الخوف على المعارضين.

واتهم التقرير كذلك أردوغان بتقويض استقلال القضاء وتحويله إلى سلاح لخنق المعارضة، لافتًا إلى تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش“، الحقوقية، نُشر في 15 ديسمبر 2016، قالت فيه: “التدخل التنفيذي في القضاء وقرارات النيابة العامة يعد من المشاكل الراسخة، ما ينعكس في ممارسات السلطات المتمثلة في الاحتجاز والملاحقة القضائية.”

تأميم مؤسسات الدولة

وفقًا لـ”ناشونال إنترست”، تغيرت مؤسسات الدولة وامتلأت بالموالين لحزب العدالة والتنمية، خلال فترة حكم الحزب التي استمرت 20 عامًا، وعدت المجلة هذا التحول أمرًا بالغ الأهمية خصوصًا في الانتخابات، مشيرة إلى أن أردوغان عين رجاله الموثوق بهم في كل سلطات إنفاذ القانون.

وقالت لإن المجلس الأعلى للانتخابات، بضغط من حزب العدالة والتنمية الحاكم، قرر إحصاء 2.5 مليون ورقة اقتراع “غير مختومة” في استفتاء عام 2017، بعدما احتسبها باطلة في البداية، وكذلك قرر إعادة إجراء انتخابات 2018 في إسطنبول، بعد خسارة مرشح الحزب، بن علي يلدريم، أمام مرشح حزب الشعب الجمهوري، إمام أوغلو.

سيطرة على الإعلام

وفقًا للتقرير، تعدّ أكثر من 90% من شبكات الإعلام التركية، مملوكة لشركات كبرى لها علاقات وثيقة بأردوغان، موضحًا أنه من خلال تلك الشركات، يمكن لأردوغان التأثير والتلاعب في الخطاب العام بشأن القضايا الحاسمة، مثل الاقتصاد والأمن الداخلي والسياسة الخارجية.

وقال إنه عندما انتقل معارضو حزب “العدالة والتنمية” إلى الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، استهدف الائتلاف الحاكم توسيع سيطرته على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في مشروع قانون صدر مؤخرًا، وكذلك رصد التقرير اتجاهًا متزايدًا لإنشاء حسابات تابعة للحزب التركي الحاكم خلال الدورات الانتخابية، للسيطرة على الخطاب العام.

دبلوماسية تخريبية

قال التقرير إن أردوغان اكتشف “الدبلوماسية التخريبية” كأداة فاعلة يمكن أن يستغلها سياسيًّا دائمًا، لتقديم نفسه على أنه المنتصر، وتقل عن عضو مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، ستيفن كوك، قوله إن “تمزيق التحالفات استراتيجية سياسية جيدة لزعيم تركيا.”

وأشار التقرير إلى أن أردوغان برع في استخدام إنجازات السياسة الخارجية لزيادة شعبيته المحلية، موضحًا أن التدخلات العسكرية التركية في الخارج، لا سيما مع الأداء الفاعل للطائرات المسيّرة “بيرقدار” في الحرب الروسية الأوكرانية، والصراع السوري، والحرب الأرمينية الأذربيجانية في ناجورنو كاراباخ، ساعدت على تحسين صورته في الداخل.

الاقتصاد هو الحاكم

نظرًا للأزمة الاقتصادية المستمرة، التي كانت مؤلمة للجمهور التركي، على حد وصف التقرير، فإن نجاح أردوغان في الانتخابات المقبلة مرهون بما إذا ظهر أي تحسن كبير في الاقتصاد، خصوصًا أن البلاد شهدت ارتفاعًا في معدلات التضخم، وانخفاض قيمة الليرة، مع زيادة أسعار الطاقة والغذاء والمساكن، ما أثر في الفقراء والطبقة الوسطى.

ووفقًا للمعهد الاحصائي التركي، وهو مؤسسة حكومية مكلفة بإجراء إحصاءات رسمية، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك 78.2% سنويًّا، إلا أنها أقل بكثير من معدل التضخم المعلن عنه، في حين لام 63% من الأتراك حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكمة على الانكماش الاقتصادي.

الحل عند المعارضة؟

بحسب التقرير، تحالفت كتلة المعارضة الرئيسة لحزب الشعب الجمهوري، وحزب الخير، وحزب السعادة، وانضمت 3 أحزاب أخرى هي حزب المستقبل، وحزب الديمقراطية والتقدم، والحزب الديمقراطي إلى تحالف “الأمة”، وأنشأت كتلة معارضة من 6 أحزاب.

وفي فبراير 2022 ، وقع قادة أحزاب المعارضة الست إعلانًا مشتركًا، حدد خطة لإعادة النظام البرلماني، وتعزيز فصل السلطات في تركيا، والسعي إلى بناء ديمقراطية تعددية تشاركية، تنهي كل أنواع التمييز. لكن التحدي الأكبر للمعارضة هو كسب ثقة الجمهور في قدرتها على حل مشاكل تركيا.

ربما يعجبك أيضا