هل يمكن أن تصبح السعودية أكبر منتج للهيدروجين في العالم؟

بسام عباس

تطمح المملكة العربية السعودية، أكبر مصدِّر للنفط في العالم، إلى أن تصبح دولة رائدة في مجال الوقود النظيف، خلال العقود المقبلة، وتأمل تنويع اقتصادها غير النفطي.

وأشارت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، في تقرير للكاتبة سمر الأطرش، إلى وجود مخططات جارية لإنشاء مصنع هيدروجين على الشواطئ الشمالية الغربية للمملكة العربية السعودية، يقدَّر بمليارات الدولارات، فالسعودية تعتزم أن تصبح أكبر منتج للطاقة النظيفة. وفي حال تحقيق المصنع هدف الإنتاج اليومي 650 طنًّا من الهيدروجين الأخضر، فسيصبح أكبر معدل إنتاج يومي في العالم.

 

تنويع الاقتصاد غير النفطي في ظل المنافسات الإقليمية والعالمية

قالت الصحيفة إن عمليات تشييد المصنع، الذي سيقع في مدينة نيوم على ساحل البحر الأحمر، لم تبدأ بعد، وأوضح مسؤول للصحيفة أنه من المقرر أن يبدأ الإنتاج عام 2026. وذكرت الصحيفة أن الخطة السعودية لإنتاج الهيدروجين هي جزء من محاولاتها لتنويع اقتصادها غير النفطي وخلق فرص عمل جديدة. فمع نحو 60%، أو ما يعادل 149 مليار دولار من الميزانية السعودية لعام 2021 الناتجة من إنتاج النفط، تحتاج المملكة إلى تنويع مصادر دخلها مع تغيُّر الطلب العالمي على الوقود الأحفوري.

ومن جانبه، قال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، في مؤتمر تكنولوجي منتصف هذا الشهر إن “المملكة تشارك بجدية في إنتاج الهيدروجين وستكون الأكثر تنافسية من ناحية الإنتاج”، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة فاينانشال ريفيو. وأضافت الصحيفة البريطانية أنه مع وجود روسيا والإمارات ودول أخرى تسعى للحصول على حصة من السوق، يتساءل المحللون عمَّا إذا كان مصنع البحر الأحمر سيقدِّم كل ما تأمله الرياض، فعلى عكس النفط، يمكن إنتاج ما يسمى بالهيدروجين الأخضر.

 

أهداف المتنافسين في سوق الهيدروجين

أوضحت الصحيفة أنه توجد دول أخرى لديها آمال كبيرة في الهيدروجين، فروسيا تهدف إلى الاستحواذ على 20% من سوق الهيدروجين بحلول عام 2030، في حين أعلنت الإمارات عن إنشاء مصنع للهيدروجين وتهدف للاستحواذ على ما نسبته 25% بحلول عام 2030. وأعلنت عمان والمغرب ومصر عن خطط مماثلة لإنشاء مصانع أيضًا. ومن جانبه قال المحلل الرئيس لقسم التنقيب والإنتاج في الشرق الأوسط لدى شركة وود ماكينزي، ألكسندر أرامان: “من الواضح أن السعودية تريد أن تعيد وضع نفسها في قائمة منتجي الطاقة النظيفة”.

وأضافت الصحيفة أن الهيدروجين صار بديلًا للوقود الأحفوري لعقود من الزمان، وقد يوفر 12% من احتياجات الطاقة في العالم بحلول عام 2050، وفقًا لأحدث الأبحاث الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة. ويمكن استخدام الهيدروجين لتشغيل السيارات وفي الصناعة وتدفئة المنازل وتزويدها بالطاقة، وقالت الباحثة المقيمة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، كريستين ديوان: “يتجه منتجو وشركات النفط إلى استخدام الهيدروجين لإزالة الكربون، ومن المنطقي أن تواصل السعودية السير في هذا الاتجاه”.

 

هل الهيدروجين هو الأكثر صداقة للبيئة؟

قالت الصحيفة البريطانية إن “الهيدروجين الأخضر، المصنوع باستخدام الكهرباء المتجددة لتقسيم المياه، هو الأكثر صداقة للبيئة وتتمتع الشواطئ الشمالية الغربية للمملكة بأشعة الشمس على مدار العام والرياح الثابتة التي يمكنها تشغيل الألواح الشمسية وطواحين الهواء. في حين يتكون الهيدروجين الأزرق من فصل جزيء الميثان في الغاز الطبيعي والتقاط الكربون. وسوف تخصص الرياض حقل غاز لهذا الغرض”. ونقلت الصحيفة عن المحلل ألكسندر أرامان قوله “السعودية تراهن على كلٍّ من الهيدروجين الأزرق والأخضر”.

ولفتت الصحيفة إلى أن مصنع الهيدروجين في البحر الأحمر هو مشروع مشترك بين شركة أير برودكتس الأمريكية وشركة أكوا باور السعودية وشركة نيومفي بدأ عام 2020. إلا أن الدافع الأساسي وراء المبادرات الخضراء للمملكة هو صندوق الاستثمارات العامة، وهو صندوق ثروة سيادي بقيمة 500 مليار دولار يرأسه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. ووقع صندوق الاستثمارات العامة الشهر الماضي مذكرة تفاهم مع شركتين كوريتين جنوبيتين أيضًا، هما سامسونج وبوسكو، لدراسة مشروع هيدروجين بهدف التصدير.

محاذير كبيرة وموارد طاقة متجددة

قال مدير مشروع الهيدروجين في نيوم، رولاند كيبنر، إن المشروع السعودي الجديد يأتي في وقت يبحث فيه العالم عن طرق لاستبدال الوقود الأحفوري، وأضاف: “لا يمكنك إزالة الكربون من كل صناعة بمجرد تزويدها بالكهرباء”. وأشارت الصحيفة إلى وجود محاذير وتحديات تواجه إنتاج الهيدروجين بكميات كبيرة، فمن الصعب تخزينه ونقله، فضلًا عن أنه لا يزال باهظ الثمن. وقال الرئيس التنفيذي لشركة قمر لاستشارات الطاقة، روبن ميلز: “السؤال الحقيقي هو التكلفة.. هل العملاء على استعداد لدفع الزيادة؟”

وأوضحت الصحيفة أن “السعودية تتمتع بموارد ممتازة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وأراضٍ متاحة، وموقع جيد للتصدير إلى أوروبا. لذا فإن الأساسات جيدة”، فالمملكة تمتلك القدرات ولكنها بحاجة لإثباتها الآن. ومن جهته قال وزير الطاقة السعودي: “إن السعودية هي البلد الأقل تكلفة عندما يتعلق الأمر بإنتاج النفط والغاز. بالإضافة إلى أننا المنتِج الأقل تكلفةً عندما يتعلق الأمر بالكهرباء من الطاقة المتجددة”.

ربما يعجبك أيضا