غضب الشباب الإفريقي.. هل يمكن تحويله إلى حركات تغيير حقيقية؟

«شباب إفريقيا» بين الاحتجاج والمطالبة بالتغيير الحقيقي

شروق صبري
شباب افريقيا

الشباب في إفريقيا يقودون احتجاجات ضد الفساد وسوء الإدارة، مطالبين بمزيد من المشاركة في صنع القرار وتحقيق التغيير السياسي.


تشهد القارة الإفريقية تحولات كبيرة يقودها الشباب في ظل تزايد شعورهم بالإحباط من الوضع السياسي والاقتصادي الراهن.

مع كون إفريقيا تضم أصغر شريحة سكانية في العالم، تتزايد الاحتجاجات التي يقودها الشباب في دول مثل كينيا ونيجيريا وأوغندا، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كانوا قادرين على تحويل هذا السخط إلى حركة تغيير حقيقية.

احتجاجات الشباب

اندلعت الاحتجاجات في عدة دول إفريقية خلال الأسابيع الأخيرة، مدفوعة بسخط الشباب الذين يشعرون بأن الطبقة الحاكمة أخفقت في توفير الفرص الاقتصادية لهم. ففي كينيا، خرج الشباب إلى الشوارع في الفترة بين منتصف يونيو وأوائل أغسطس احتجاجًا على ما وصفوه بالفساد المتفشي وارتفاع الضرائب تحت حكم الرئيس وليام روتو.

أما في أوغندا، فقد أحبطت احتجاجات مماثلة في يوليو بعد تحذيرات من الرئيس يوري موسيفيني، الذي حذر من أن “من يخطط لمثل هذه الاحتجاجات يلعب بالنار”. وفي نيجيريا، شهدت البلاد احتجاجات قصيرة ضد سوء إدارة الاقتصاد من قبل حكومة الرئيس بولا تينوبو.

خطوة نحو التغيير

رغم هذه الاحتجاجات، يجد الشباب في إفريقيا أنفسهم عند مفترق طرق، فهم يشعرون بعدم الثقة تجاه الطبقة الحاكمة لكنهم يبدون عاجزين عن تحقيق التغيير الذي يطمحون إليه حسب ما نشرت الجارديان البريطانية اليوم الاثنين 19 أغسطس 2024.

في الأسبوع الماضي، اجتمع أكثر من 400 شاب، معظمهم في أوائل العشرينيات، في مكاتب الأمم المتحدة في نيروبي لحضور منتدى الشباب الإفريقي 2024، بهدف تعزيز الحوار بين الأجيال المختلفة. وقال محمد عبدالحليم من مقاطعة لامو الكينية: “نحن هنا لنتبادل قيمنا وتحدياتنا ونسعى لتوحيد الإمكانيات الكامنة داخل الشباب في إفريقيا”.

انتشار الاحتجاجات في كينيا

تعتبر إفريقيا القارة الأصغر سنًا في العالم، حيث يزيد عدد سكانها من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا عن 400 مليون شخص، ومن المتوقع أنه بحلول عام 2030، سيكون 42% من الشباب الذين يدخلون سوق العمل أفارقة.

ويشير عبدالحليم إلى أن الفجوة الجيلية بين الشباب وقيادة القارة تحرم الشباب من الفرصة لإظهار قدراتهم، مما أدى إلى انتشار الاحتجاجات في كينيا ودول أخرى. يقول عبدالحليم: “لدينا القدرات، لكننا نفتقر إلى المنصة التي نعرض من خلالها هذه القدرات. وهذا هو السبب الذي دفعنا للخروج إلى الشوارع. نطالب بأن تكون أصواتنا مسموعة وأن نكون جزءاً من عملية صنع القرار”.

نجاحات أولية ورفض للحوار

بعد الاحتجاجات في كينيا، اضطرت الحكومة إلى التراجع عن مشروع قانون المالية المثير للجدل الذي تضمن إجراءات ضريبية قاسية. كما قام الرئيس روتو بحل حكومته في محاولة لاسترضاء الشباب المتظاهرين، إلا أن مطالبهم لم تتوقف عند هذا الحد؛ فقد طالبوا أيضًا بتنحي الرئيس نفسه.

وكان من الصعب على الحكومة تنظيم أي حوار مع المتظاهرين الشباب الذين وصفوا أنفسهم بأنهم “بلا قيادة أو قبلية”، ما عقد الجهود الحكومية لإجراء أي مفاوضات. ولكن بدون حوار، يحذر منظمو المنتدى في نيروبي من أن الشباب في إفريقيا لن يكون لهم أي دور مؤثر في الشؤون العامة وسيظلون عرضة لاستغلال السياسيين.

التحديات تواجه الشباب

تعتبر قضايا التعليم والوصول إلى الإنترنت من أكبر التحديات التي تواجه الشباب في إفريقيا. ففي عام 2021، كان 43% فقط من الأفارقة يمتلكون إمكانية الوصول إلى الإنترنت، وهو أقل من المتوسط العالمي الذي يبلغ 66%.

وفي يناير 2024، كان حوالي 74% من حركة المرور على الإنترنت في إفريقيا تتم عبر الهواتف المحمولة، ما يعكس تكلفة البنية التحتية اللازمة للاتصال بالإنترنت عبر الخطوط الثابتة.

وتقول ديبورا موكوندوا من العاصمة الرواندية كيغالي: “الشباب في أفريقيا يفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى الإنترنت ويواجهون نظاماً تعليمياً لا يخدمهم بشكل كافٍ لتنفيذ المشاريع والأجندات التي نناقشها في هذا الاجتماع. بدون البنية التحتية المادية والفكرية، لن يصل الشباب في إفريقيا إلى إمكاناتهم ولن يكون لهم دور ملموس في الأجندات الوطنية أو الإقليمية أو العالمية”.

نظرة نحو المستقبل

يقول نائب الرئيس السابق في كينيا، كالونزو موسيوكا، إن الوضع لم يعد كما كان من قبل. يشير موسيوكا إلى أن الشباب يقدمون للقارة رؤية جديدة ورغبة في الابتكار، “طالما أنهم يتجنبون القمع الذي تمارسه الدولة”.

إجمالاً، تشكل هذه الاحتجاجات وما يصاحبها من حوارات وإجراءات أولية مؤشراً على أن الشباب في أفريقيا قد بدأوا في اتخاذ خطوات نحو التغيير. ولكن يبقى السؤال: هل سيتمكنون من تحويل هذا الزخم إلى حركة حقيقية قادرة على إحداث التغيير المنشود؟

ربما يعجبك أيضا