هل ينتهي حلم خلافة داعش في الفلبين؟

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

مع توالي انكساراته في سوريا والعراق، سعى التنظيم المتشدد لإيجاد موطىء قدم أخر، لعله يعوض ما لاقاه من خسائر.. فكانت وجهته لجنوب شرق آسيا وتحديدًا جنوب الفلبين مستغلا ما تواجهه من فقر وفوضى ليبسط سيطرته على مدينة ماراوي في جزيرة مينداناو في مايو الماضي.

ومنذ ذلك الحين بدأ النزاع المُسلح بين القوات الفلبينية وبين المتشددين التابعين للتنظيم وأبرزهم جماعتي أبوسياف وموتي في المدينة ذات الأغلبية المسلمة .. وسط انتقادات للحكومة ببطء التقدم ومساعي لاستهداف أمير تنظيم داعش ” إسنيلون هابيلون”.. فهل تتحرر المدينة بعد مقتله؟.. لاسيما وأن احتلالها بدأ بتحرك من القوات الحكومية لاستهدافه ولكنها انتهت بسيطرة المتشددين على المدينة.

داعش الفلبين

تعد الفلبين من أكثر الدول غير الإسلامية التي نمت فيها التنظيمات المتشددة منذ أكثر من ثلاثين سنة، حيث كانت أراض خصبة نوعًا ما لداعش الذي يبحث دومًا عن بؤر التوتر لتحويل الصراعات لصالحه.

ويمكن اختزال تاريخ داعش في الفلبين في جماعة “أبوسياف” التي أعلنت رسميًا انتمائها لداعش في 2015، وجماعة موتي المتشددة فضلًا عن المقاتلين الأجانب الذين استقدمهم التنظيم للقتال بجانبه، وتمثل هذه الجماعات قوات المتمردين الذين يقاتلون باسم داعش في جنوب الفلبين.

ويرى المحللون، أن تلك الجماعات المتشددة كانت جماعات إرهابية محلية، ولكنها اعتنقت فكر تنظيم داعش، وتسعى لجعل مينداناو جزءًا من الخلافة من خلال تحميل عدد من الشباب المسلم في المدينة ذات الأغلبية المسلمة على اعتناق الفكر المتشدد، مُستغلًا في ذلك الفقر والفوضى بجنوب الفلبين لإقامة قاعدة للمتطرفين في جنوب شرق أسيا وما وراءها.

ومع عدم توافر معلومات عن عدد مقاتلي داعش في الفلبين، روج التنظيم مؤخرًا معلومات عن الجماعات المسلحة التابعة له بالفلبين، زاعمًا أنها تضم عشر كتائب مسلحة تمكنت من قتل ما يقرب من ثلاثمائة جنديًا فلبينيًا منذ عام 2015.

وخلال العامين الماضيين، تبنى المتشددون المقاتلون باسم داعش، مسؤولية العديد من الهجمات والتفجيرات في مختلف أرجاء جنوب شرق أسيا، باعثًا الرعب في نفوس المدنيين ومُحصنًا بما استقدمه من مقاتلين سواء من داخل الفلبين أو من خارجه.

معارك مُسلحة

من جانبها، بدأت القوات الفلبينية في مواجهة العناصر المتشددة في جنوب الفلبين وبدأت بتكثيف ضرباتها الجوية والمدفعية على معاقل المتشددين، والتي بدأت بحثًا عن قائد محلي تابع لجماعة أبوسياف، ويدعي ” إسنيلون هابيلون” بعدما تم تعيينه زعيمًا لتنظيم داعش.

وخلال عمليات المداهمة قامت الجماعات المُسلحة بمحاصرة مدينة ماراوي واستقدمت دعمًا من جماعة موتي، التي أعلنت هي الأخرى ولائها لتنظيم داعش، لتنتهي المعركة بسيطرة داعش على عدد من المقار الأمنية والعسكرية وبعض المؤسسات، ومن ثم اقتحامه لعدد من السجون وإضرام النيران بالمنطقة ما عزز بسط سيطرة المتشددون على المدينة في 23 من مايو الماضي.

وكعادته في استخدام البروباجاندا، قام تنظيم داعش بنشر صورًا لتدريب العشرات من مقاتليه في جنوب شرق آسيا بمعسكر أبو أنس المهاجر بجنوب الفلبين، ما دفع بالرئيس الفلبيني لفرض الأحكام العرفية في المدينة وتمديدها لاحقًا.

ومنذ ذلك الحين، توالت عمليات القصف والهجمات على المدينة بين القوات الفلبينية وبين عناصر داعش، ولم تفلح محاولات التسوية التي سعت لها الحكومة الفلبينية لإنقاذ السكان المحاصرين في مناطق القتال، والتي أسفرت عن سقوط قتلى من الجانبين أغلبهم من المدنيين فضلًا عن نزوح أكثر من 95 ألف شخص، بينما لا يزال الآلاف محاصرين داخل منازلهم.

ويرى المراقبون، أن التنظيم يتجه لتشكيل دولة مزعومة جديدة له في الشرق الأقصى أو شمال أفريقيا، بعد القضاء عليه في العراق وقرب إنهائه في سوريا، وسط تنامي قلق دول جنوب شرق آسيا التي تخشى من اكتساب التنظيم المتشدد موطئ قدم في جزيرة مينداناو في الفلبين، ليهدد  من خلالها أمن المنطقة بأسرها.

نهاية وشيكة

وفي تطور ملحوظ للعمليات العسكرية في ماراوي بين الجيش الفلبيني ومسلحو داعش، أعلن وزير الدفاع الفليبيني دلفين لورينزانا اليوم الاثنين، مقتل قياديين موالين لتنظيم داعش في عملية  داخل مدينة ماراوي جنوب البلاد، وهم أمير تنظيم داعش “إسنيلون هابيلون”، و”عمر الخيام” حيث تم استهدافهما في إطار عملية جرت بناء على معلومات من امرأة كانت محتجزة رهينة وتم تحريرها في الآونة الأخيرة.

كان ” إسنيلون هابيلون”، أحد قادة الجماعات الإسلامية المتشددة في جنوب شرق أسيا، أدرجته الولايات المتحدة على قائمة “أكثر الإرهابيين المطلوبين” في العالم ، ورصدت مكافأة مالية تبلغ خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود لاعتقاله.

ومن المقرر أن تمثل العملية التي استهدفت زعيم التنظيم المتشدد وقيادي أخر فضلًا عن تحرير العديد من الرهائن المحتجزة، انتصارًا كبيرًا للجيش الفلبيني الذي تعرض لانتقادات بسبب بطء تقدمه في استعادة مدينة ماراوي ذات الغالبية المسلمة.

وبحسب مصادر تابعة للقوات المسلحة في الفلبين، فإن سيطرة الجيش على مدينة ماراوي قد تحدث في غضون أيام، وذلك بعد مقتل أبرز قادة داعش، والتي ستؤدي لانهيار التحالف الدولي الموالي لتنظيم داعش – على حد قولهم.

ولا يزال الجيش الفلبيني يبحث عن متشددين آخرين منهم الماليزي محمود أحمد ومقاتلين أجانب يعتقد أنهم لا يزالون في منطقة المعارك، وسط تأكيدات من القيادات العسكرية بالجيش، استمرارهم في القتال لحين القضاء على الجماعات الموالية لداعش بعد السيطرة على ماراوي، والتي أسهمت في الفترة الأخيرة في السيطرة على بعض مقار داعش والجماعات المتشددة وتحرير العديد من الرهائن.

وتعزو الحملات العسكرية التي تشنها الفلبين بدعم ومساعدة بعض الدول كالصين وروسيا والولايات المتحدة ، لدرء مخاوفهم من سعي التنظيم المتشدد لتأسيس قاعدة في جنوب شرق أسيا، تكون الفلبين نقطة انطلاقها.. فهل تتمكن القوات الفلبينية من القضاء على خلافة داعش في الفلبين بعد مقتل أبرز قادته ؟ أم تتمكن الذئاب المنفردة للتنظيم من شمل ما تبقى لتعويض خسائره المتتالية في سوريا والعراق.

ربما يعجبك أيضا