هل ينجح أردوغان من جديد في تهديد أوروبا بموجات الهجرة غير الشرعية؟

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

أردوغان وأوروبا، سجال وجدل  طويل حول سياساته في موضوع الهجرة والتطرف والإرهاب وانتهاكاته لحقوق الإنسان، ما يهدأ إلا يعود مجددًا، لتتحول قضية اللاجئين من قضية إنسانية إلى أزمة سياسية، يروح ضحيتها اللاجئين.

كرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم 13 سبتمبر الجاري، تهديده “بفتح الأبواب” أمام اللاجئين السوريين إلى أوروبا ما لم يتم تقديم مساعدات ومزيد من الدعم بشأن “المنطقة الآمنة”.

وقال: إذا لم يكن بمقدوركم قبول هذا الأمر سنفتح الأبواب، لندعهم يذهبوا من هناك لأي مكان يريدونه، وأضاف أن إقامة منطقة آمنة بعمق 32 كيلومترا في شمال شرق سوريا ستسمح للاجئين السوريين في تركيا بالعودة لأرضهم.

تهديد الرئيس التركي لم يكن بعيدًا عن طموحاته بالتوسع داخل الأراضي السورية، تحت مسميات “مناطق آمنة”.

أجرت المستشارة الألمانية ميركل محادثات مع الرئيس التركي أردوغان حول مواصلة تطبيق اتفاقية اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا يوم 23 سبتمبر، على هامش قمة الأمم المتحدة للمناخ في نيويورك.

ويستمر تدفق المهاجرين إلى اليونان من تركيا، وبحسب البيانات، يقيم في الجزر اليونانية حاليا أكثر من 28630 مهاجرا.

اقترح أردوغان يوم 18 سبتمبر الجاري، إعادة توطين حوالي ثلاثة ملايين لاجئ سوري يعيشون في تركيا وأوروبا فيما يسمى بـ “المنطقة الآمنة” التي تم الاتفاق عليها بين تركيا والولايات المتحدة في شمالي سوريا.

وقال أردوغان في أنقرة إنه إذا تم تحويل المنطقة الواقعة شرق نهر الفرات إلى منطقة “آمنة”، فسيكون من الممكن بناء على حجم المنطقة الآمنة، توطين ما يصل إلى ثلاثة ملايين لاجئ ما زالوا يعيشون في بلدنا أو في أوروبا.

يذكر أن الاتحاد الأوروبي قد وافق في 2016 على منح أنقرة ستة مليارات يورو في شكل مساعدات، في مقابل أن تمنع المهاجرين من عبور أراضيها إلى أوروبا.

رفض وانتقادات لتهديدات أردوغان

أعلنت اليونان رفضها السريع إلى تهديدات الرئيس التركي أردوغان، وقال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس “لا يمكن للرئيس التركي تهديد أوروبا واليونان بشأن ملف اللاجئين للحصول على مزيد من المال، سبق أن دفعت أوروبا ستة مليارات يورو” لمواجهة هذه المشكلة.

منظمة “برو أزول” أعلنت  على لسان، الرئيس التنفيذي للمنظمة غونتر بوركهارت تحذيرها بضرورة إيجاد حل لهذه الأزمة الجديدة، بالقول: “يتهدد طالبي اللجوء في جزر بحر إيجة بأن يتحولوا إلى كرة تتقاذفها مصالح تركيا واليونان ودول الاتحاد الأوروبي. ويتم تجاهل حقهم بالحماية بشكل ممنهج.

ويعتبرمخيم موريا في جزيرة ليسبوس هو الوجهة الرئيسية الأولى التي ينقل إليها القادمون الجدد. فقد كشفت السلطات اليونانية يوم 17 سبتمبر 2019، عن وصول من 26 ألف مهاجر على جزر بحر إيجة اليونانية، وهو أعلى رقم مسجل منذ سريان الاتفاق الموقع بين الاتحاد الأوروبي وتركيا عام 2016 لوقف تدفق اللاجئين إلى أوروبا وأن عدد الأشخاص الذين يصلون إلى تلك الجزر قادمين من تركيا قد تضاعف.

عادت قوارب طالبي اللجوء إلى جزيرة ليسبوس وخيوس وساموس وليروس وكوس من جديد لتعيد مشهد موجات اللجوء عام 2014.

وكشفت بيانات للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن وصول 34 ألف مهاجر إلى الجزر اليونانية منذ بداية العام الحالي 2019.

وتشهد العلاقات الأوروبية التركية مزيدا من التوتر وتصاعد في حدة الانتقادات خاصة فيما يتعلق بالاتفاق الأوروبي التركي حول اللاجئين الموقع في شهر مارس 2016.

غلق طريق البلقان

ضمن إجراءات دول أوروبا في الحد من موجات اللجوء عبر بحر ايجه، اليونان الذي ممكن أن يوصل المهاجرين إلى أوروبا، عززت أوروبا الضوابط على الحدود في النمسا وكرواتيا والبوسنة والهرسك، والجبل الأسود.

النمسا من جانبها نشرت الآلاف من أفراد الشرطة والجيش بالقرب من الحدود السلوفينية في سبيلفيلد.

سلطات الجبل الأسود، وصلت الى اتفاق مع وكالة فرونتكس الأوروبية، المعنية بحراسة حدود الاتحاد الخارجية، يسمح لها، أن تقوم بأنشطة تشغيلية على الحدود البحرية للجبل الأسود مع إيطاليا وعلى الحدود البرية القصيرة مع كرواتيا. وتعتبر المجر، من أكثر الدول تشددا في استقبال المهاجرين، وقامت منذ عام 2015، بغلق حدودها بوجه اللاجئين والمهاجرين.

وقال أردوغان، في كلمة ألقاها، خلال اليوم الأول من أعمال الدورة الـ 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك اليوم، المصادف 25 سبتمبر 2019، إن بلاده تواصل العمل مع الولايات المتحدة على إقامة “المنطقة الآمنة” بعمق 30 كيلومترا وطول 480 كيلومترا والتي يجب أن تكون مطهرة من مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية.وعرض أردوغان للحاضرين خارطة تظهر الشكل المفترض لهذه المنطقة، مضيفا: ” بعد إقامتها، سيصبح بإمكاننا إعادة مليون أو مليوني لاجئ سوري إليها، سنتمكن من خلق ظروف ملائمة لهم، سواء بالتعاون مع الولايات المتحدة أم تحالف ما أو أي أحد آخر، لكن تركيا غير قادرة على القيام بذلك لوحدها”، حسب تعبيره.

الخلاصة
إن  تهديدات أردوغان بفتح بوابة الهجرة عبر تركيا لم تكن هي الأولى، ولم تكن بعيدة أيضا من طموحات المنطقة الآمنة التي ينوي إقامتها بالاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا يعني أن موضوع الهجرة عبر تركيا إلى اليونان ودول أوروبا، يعتمد على الموقف السياسي إلى أردوغان نفسه، أكثر ما تتعلق بظروف المهاجرين ومهربي البشر.

السؤال هل ينجح أردوغان بتهديد أوروبا ؟
سياسيًا يبدو أن أردوغان نجح في ابتزاز بعض دول أوروبا أبرزها المانيا، وهذا ما يوجه الكثيرون الانتقادات إلى المستشارة ميركل، من قبل أطراف سياسية والشارع الألماني، بأنها يجب أن تتخذ سياسة ومواقف أكثر حزما ضد تصريحات أو تهديدات أردوغان، التي تجاوزت اللياقة والعلاقات الدبلوماسية.

وربما لقاء المستشارة ميركل مع أردوغان على هامش اجتماع الجمعية العمومية للامم المتحدة في نيويورك هذا اليوم 25 سبتمبر 2019، بعث رسالة خاطئة إلى الرئيس التركي أردوغان، وهي إشارة ضعف الائتلاف الحاكم الألماني الذي أصبح يعيش هاجس الأزمات، منها الهجرة. وهذا يعني أن الحكومة الألمانية ممكن أن تقدم تنازلات من جديد إلى أردوغان، رغم أن طريق البلقان إلى المهاجرين واللاجئين من تركيا إلى اليونان ثم أوروبا أصبح شبه مغلق.

الاتفاق التركي الأوروبي حول اللاجئين هو الآخر، لم يعد فاعلا، أمام تهديدات أردوغان بفتح الحدود مع سوريا والتراخي والتغاضي أما تدفق المهاجرين غير الشرعيين وكذلك تدفق الجماعات المتطرفة إلى أوروبا، لكن رغم ذلك فان ناقوس الخطر يدق عند الحدود اليونانية، فممكن أن تشهد اليونان موجات جديدة تسبب الكثير من الأزمات السياسية داخل دول الاتحاد الأوروبي، وهذا ما تخشاه المستشارة الألمانية ميركل وأوروبا.

ما ينبغي أن تقوم به الحكومة الألمانية ودول أوروبا، أن تحدد مواقفها تجاه سياسات ترامب حول فتح بوابات الهجرة، ووضع حد إلى مساومات أردوغان، بتعزيز أمن حدودها مع اليونان، واتباع القواعد الأساسية في حماية اللاجئين.

ربما يعجبك أيضا