هل ينفرط عقد حكومة نتنياهو بعد إقالة وزير الداخلية الإسرائيلي؟

إسراء عبدالمطلب
وزير الداخلية الإسرائيلي ، آرييه درعي و نتنياهو

فرار المحكمة العليا الإسرائيلية بإلغاء تعيين أريه دعي وزيرًا، سيكون له ارتدادات كثيرة على حكومة نتنياهو، التي ستحاول حل هذه الفجوة.


في انتكاسة للحكومة الائتلافية اليمينية الجديدة، رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية تعيين رئيس حزب “شاس”، آريه درعي، في أي مناصب وزارية.

وبسبب إدانة سابقة بالاحتيال الضريبي، أقيل درعي، من مناصبه الوزارية، التي تمثلت في كونه القائم بأعمال رئيس الحكومة، ووزيرًا للداخلية، والصحة، وكان من المقرر أن يصبح وزيرًا للمالية، بموجب اتفاق بينه وبين رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.

وزير الداخلية الإسرائيلي ، آرييه درعي و نتنياهو

وزير الداخلية الإسرائيلي، آرييه درعي ونتنياهو

إقالة درعي

كشفت وكالة أنباء رويترز عن أن قرار إقالة درعي صدر بموافقة 10 قضاة مقابل اعتراض واحد، ومن المرجح أن يزيد هذا الحكم من حدة التوترات بين الحكومة والمحكمة العليا في إسرائيل، بسبب خطط إصلاح حكومية، تهدف إلى الحدّ من سلطات المحكمة.

وورد في ملخص الحكم، الذي أصدرته المحكمة، أن معظم القضاة قرروا أن تعيين آرييه درعي غير مقبول على الإطلاق، لذلك على نتنياهو إقالته من منصبه.

إقرار بالذنب

أشار بعض القضاة، في حكمهم، إلى أن درعي قال في السابق للمحكمة، التي كانت تنظر قضيته الضريبية، إنه سيتنحى عن السياسة، ضمن اتفاق للإقرار بالذنب يحميه من دخول السجن.

وحصل حزب شاس، الذي يرأسه درعي، على 11 مقعدًا، من أصل 120 في الكنيست، في انتخابات 1 نوفمبر الماضي، وناشدت هيئات مراقبة سياسية المحكمة العليا إصدار الأمر لنتنياهو بإلغاء تعيين درعي، بالنظر لإدانته في الآونة الأخيرة، إضافة إلى جرائم سابقة. ففي عام 1999، حُكم عليه بالسجن 3 سنوات لتلقيه رشوة.

ظلم فادح

ولم يخرج أي رد فعل من نتنياهو، الذي عاد إلى منصب رئيس الوزراء في ديسمبر، على رأس أكثر الحكومات اليمينية تطرفًا، لكن وزير القضاء وعضو حزب الليكود، ياريف ليفين، الذي يرفض قرار المحكمة ويؤيد درعي، قال إن المحكمة اختارت عدم احترام خيار الشعب.

وقال ليفين، في بيان، أنه سيفعل كل ما في وسعه لرفع هذا “الظلم الفادح”، الذي لحق بأرييه درعي وحركة شاس والديمقراطية الإسرائيلية، على حد زعمه.

خطة ليفين

من شأن خطة إصلاحات ليفين أن تزيد نفوذ الحكومة بشأن التعيينات القضائية، مع الحدّ من سلطة المحكمة العليا في إلغاء التشريعات، أو إصدار أحكام ضد إجراءات تنفيذية، عن طريق إزالة “المعقولية” كمعيار في مراجعة القرارات.

وأثارت خطة ليفين، التي تدعي الحكومة أنها ضرورية للتصدي للتجاوزات القضائية من جانب القضاة المتحيزين، غضب المعارضين مبررين بأنها ستقوض استقلال القضاء، وتضعف الضوابط والتوازنات الديمقراطية، التي تدعم سلطة القانون.

إهانة أمريكية لوزراء إسرائيل

أيّد وزير الأمن الوطني، اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، تصريحات ليفين، مطالبين بالمضي قدمًا في الخطة، التي لم تصغ بعد في صورة قانون، ويدعمها أيضًا نتنياهو، الذي يحاكم بتهم فساد.

وزار وفد من الكونجرس الأمريكي، من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، إسرائيل يوم الثلاثاء، واشترط قبل زيارته عدم اللقاء بالوزيرين، إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش.

إلغاء 100 مخطط استيطاني

حسب ما نقلته القناة 12 العبرية، ألغت حكومة الإحتلال الإسرائيلي 100 مخطط استيطاني في القدس الشرقية، في اليوم السابق لزيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، إلى تل أبيب، ولم تعلن القناة إذا كان قرار الإلغاء دائمًا أو مؤقتًا، لتقدم بلدية الاحتلال على تنفيذ الخطط لاحقًا.

وأشارت القناة إلى أن بلدية الاحتلال في القدس استجابت لطلب السفارة الأمريكية في إسرائيل، بإزالة 100 خطة بناء استيطاني، كانت معدة للإعلان في أثناء زيارة سوليفان، مشيرةً إلى أن قرار إلغاء الخطط الاستيطانية جاء في اللحظات الأخيرة، التي سبقت وصول سوليفان.

قرار مفاجئ

جاء قرار البلدية، الذي أتُخذ بالتنسيق مع الحكومة، بهدف عدم إحراج الولايات المتحدة. لكن في أثناء زيارة الرئيس جو بايدن لإسرائيل، عندما كان نائبًا للرئيس باراك أوباما، أصدرت إسرائيل قرارًا ببناء 1600 وحدة سكنية في القدس المحتلة، ما أثار أزمة كبيرة مع الإدارة الأمريكية حينها.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، والقيادي بحركة فتح، أيمن الرقب، في تصريح لشبكة رؤية الإخبارية، إن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، الذي اعتبر تعيين زعيم حركة شاس مخالفًا للنظام، كان مفاجئًا لحكومة نتنياهو، ويعد خطوة استباقية لمخططها بتغيير النظام القضائي، وإلغاء سلطته الأعلى من سلطة الكنيست.

انقلاب على القضاء

أضاف الرقب أن حكومة نتنياهو تريد تحقيق مخططها، عبر مشروع تقدم به وزير العدل، ياريف ليفين، لجعل تعيين القضاء من صلاحيات السلطة التنفيذية (السياسيين)، ما أحدث ردات فعل كبيرة في الشارع الإسرائيلي، الذي رأى هذا المشروع انقلابًا على سلطة القضاء، وإنهاءً لدورها كأعلى سلطة داخل دولة الاحتلال.

وتابع أن حكومة نتنياهو حاولت إصدار عدة قرارات، قبل تنصيب الحكومة، خاصة قرار تعيين آرييه درعي، الذي أطلق عليه قانون درعي، ويسمح بتعيين من أُتهم بقضايا جنائية وفساد بحقائب وزارية، وبعد قرار المحكمة العليا، أمس، يتضح أن خطوة تمرير هذا القانون لم تكن محصنةً بالكامل، وأن قانون تعديل القضاء كان يجب أن يسبقه، ما يثير تساؤلًا مهمًّا بأن تأجيله قد يكون خطوة مقصودة من نتنياهو.

وزير الداخلية الإسرائيلي ، آرييه درعي و نتنياهو

وزير الداخلية الإسرائيلي، آرييه درعي ونتنياهو

ارتدادات القرار

 قال الرقب إن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية كان “محكمًا، وأغلق الباب ورمى المفتاح في بئر عميق، لن يستطيع أن يصل إليه أحد”، مضيفًا أن هذا القرار سيكون له ارتدادات كثيرة على حكومة نتنياهو، التي ستحاول حل هذه الفجوة بتعيين وزير جديد من حركة شاس، الحليف الاستراتيجي.

وتابع أن باقي الوزراء قد يكونوا محصنين من ناحية قضائية، لكن يمكن الطعن في الصلاحيات، التي منحت للوزيرين، بن غفير، وسموتريتش، لكن دون الطعن في تعيينهما، مضيفًا أنه رغم ذلك لا يتوقع أن تتفكك حكومة نتنياهو نتيجة قرارات المحكمة العليا، لكن أهم تأثير فيها هو حركة الشارع الإسرائيلي ضد الحكومة، وتحكم رجال الدين في الدولة.

احتجاج أمريكي

قال الرقب إن وفد الكونجرس عقد اجتماعًا مع نتنياهو وأعضاء من الكنيست، دون اللقاء مع الوزيرين بن غفير وسموتريتش، كخطوة احتجاجية على سلوك هذين الوزيرين المتطرفين، اللذان قال إنهما يحرجان البيت الأبيض، ويتسببان في تقويض العملية السلمية في المنطقة.

وتوقع المحلل السياسي أن يتواصل البيت الأبيض مباشرة مع رئيس حكومة الاحتلال، دون الالتزام بالاتصال بوزراء آخرين في الحكومة، والسعي لتحريك العملية السياسية، أو الحفاظ على الوضع السابق، ومنع انفجار الأوضاع في المنطقة نتيجة سلوك بن غفير وسموتريتش، لكن دون الحديث عن ضغط دولي يدفع لتفكك حكومة نتنياهو، على الأقل في الوقت الحالي.

ربما يعجبك أيضا