هل ينقلب المشهد الانتخابي الأمريكي رأسًا على عقب بين ترامب وهاريس؟

الانتخابات الرئاسية الأمريكية يشوبها الكثير من عدم اليقين

بسام عباس

تشهد المنافسة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية على متغيرات موثقة، بعد انسحاب جو بايدن، واستبداله بنائبة الرئيس كامالا هاريس، حيث أفادت استطلاعات الرأي الحديثة بارتفاع حدة السباق الانتخابي بين الحزبين “الديمقراطي” و”الجمهوري”.

وأدى صعود كامالا هاريس المفاجئ، إلى إضعاف الزخم الذي كان يأمله دونالد ترامب من محاولة اغتياله، إلى مؤتمر الحزب الجمهوري وانسحاب منافسه الضعيف جو بايدن، الذي تقدم عليه بعد مناظرتهما التلفزيونية في الشهر الماضي.

 تغير المشهد الانتخابي

أوضح الكاتب ستيفن شيبرد، في تقرير نشرته مجلة بوليتيكيو، الاثنين 29 يوليو 2024، أن الاستطلاعات المذكورة تكشف تغيرات كبيرة في المشهد الانتخابي بسرعة زمنية قياسية، بعد نحو أسبوع فقط من انسحاب بايدن من المنافسة، فعلى مدى الأشهر الماضية، بدا السباق الانتخابي محسومًا لصالح ترامب، ويشير إلى انحدار حظوظ بايدن نحو القاع.

وأضاف أن ترامب لا يزال يحتفظ بتفوق ضئيل على هاريس، وهو ما أظهرته وسائل الإعلام الأمريكية بنسب متفاوتة من نقطة إلى 3 نقط، لكنها كانت 3 أضعاف بعد المناظرة التلفزيونية التي تقدم فيها ترامب على بايدن.

ولكن إذا نظرنا بعمق أكثر، فسنجد بعض الدلائل التي تشير إلى أن النظرة إلى ترامب اختلفت الآن عما كانت عليه بعد محاولة الاغتيال مباشرة، فقد نجحت كامالا هاريس في سد الفجوة بينها وبين منافسها، بمساعدة مراكز قوى من حزبها لم يعرف بايدن كيف يستفيد منها.

تحالف واسع

قال الكاتب إن هناك 5 استنتاجات تلخصها أرقام الاستطلاعات الأخيرة، تبدأ من بناء هاريس لتحالف واسع داخل حزبها بالاعتماد على القوى التقليدية، ما يؤدي إلى استعادة ما خسره بايدن حتى قبل كارثة المناظرة، حين كان يكافح من أجل الحفاظ على المؤثرين الأساسيين في قواعد الحزب الديمقراطي، حيث تآكل الدعم لبايدن بشكل كبير بين الناخبين الشباب من أصول أفريقية ولاتينية وغيرهم.

وأضاف أن هاريس نجحت في إعادة بعض هؤلاء الناخبين إلى صفوفها، ففي استطلاع قديم لصحيفة “نيويورك تايمز”، كانت نتائج هاريس بنسب التأييد بين الناخبين الشباب أكبر من نسب بايدن وغيره من المرشحين البيض. ولكن هذا لا يعني أن مكاسب ترامب قد اختفت تمامًا في غضون أيام قليلة، مع كل الفروقات التي دخلت على السباق.

وأوضح أن ترامب يواجه الآن امرأة ملونة البشرة تبلغ من العمر 59 عامًا بدلًا من رجل أبيض في عمر 81 عامًا، مع أن أرقامه تحسنت بين الناخبين الشباب من كل الفئات عمَّا حصل عليه في انتخابات 2016 و2020.

شعبية ترامب

أوضح الكاتب أن شعبية ترامب تراجعت عما كانت عليه بعد محاولة اغتياله الفاشلة، حيث بلغ أعلى تقييم إيجابي من أي وقت مضى، ومع ذلك، فحين فاز ترامب في انتخابات عام 2016، كان عدد الناخبين الذين قالوا باستمرار إنهم ينظرون إلى ترامب بشكل سلبي أكبر من عدد الذين ينظرون إليه بشكل إيجابي.

وفي استطلاع لصحيفة “وول ستريت جورنال”، كانت نسبة تأييد ترامب 47%، بمقابل 50% لمعارضيه. وهذا تحول كبير، ففي 9 استطلاعات في العام 2021، كانت نسبة الناخبين الذين لديهم رأي غير إيجابي عن ترامب أعلى دائمًا بنحو 10 نقاط على الأقل من نسبة من ينظرون إليه بشكل إيجابي.

كينيدي والسقوط الحر

ذكر الكاتب أن أرقام المرشح المستقل روبرت ف. كينيدي جونيور تتراجع مثل تدحرج صخرة. وفي آخر استطلاعات الرأي حصل كينيدي على 5%، بانخفاض من 8% بعد مناظرة بايدن وترامب مباشرة، وفي استطلاع لصحيفة “وول ستريت جورنال” حصل على 4% فقط، بانخفاض من 7% عن استطلاع سابق.

واعترض كينيدي، الشهر الماضي، على عدم استيفائه للمعايير التي وضعتها شبكة “سي إن إن” لدعوته إلى مناظرة رئاسية، وكان قد حصل على 15% من الأصوات في 3 استطلاعات رأي وهو ما يحتاج إلى 4 استطلاعات، حيث كانت أرقامه أقل بكثير من الحد الأدنى الذي حددته الشبكة التلفزيونية للحصول على حق الوصول إلى صناديق الاقتراع.

وحتى مع حصوله على أصوات الناخبين في المزيد من الولايات، يبدو أن عتبة التصويت للمناظرة القادمة ستكون سببًا في استبعاد كيندي، فهو يحتاج إلى 15% من الأصوات في 4 استطلاعات تأهيلية من الأول من شهر أغسطس إلى 3 من سبتمبر، كي يتمكن من دخول المناظرات وهو بعيد كل البعد عن هذا حتى الآن.

عدم يقين

قال الكاتب إن هذه التطورات قد لا تدوم طويلًا، فقد يعود ترامب إلى صورته السيئة باستمرار، وقد يكون شهر العسل بين هاريس والجمهور قصير الأجل، وخاصة في مواجهة الهجمات الجمهورية المتواصلة.

وأضاف أن عدد كبير من الناخبين يفاضلون بين أحد المرشحين، ويقول عدد أقل إنهم سيحجمون عن المشاركة في نوفمبر المقبل، فبعد أشهر من الانحدار نحو مباراة إعادة بائسة لانتخابات العام 2020، انقلبت الانتخابات فجأة، وهناك قدر أكبر من عدم اليقين بشأن مسارها.

ربما يعجبك أيضا